أبرز هذه الإجراءات، فرض حظر التجوّل خلال أيام عيد الفطر، واعتماد نظام الحظر المناطقي على الأحياء والبلدات التي تسجّل أعلى عدد إصابات، فضلاً عن فرض غرامات مالية على مخالفات تتعلّق بالتجمّعات وإقامة الأعراس والمآتم. وألقت الحكومة باللائمة في هذه الزيادة بالإصابات، على عدم التزام المواطنين، في مناطق كثيرة، بالتباعد الجسدي.
وحتى مساء، أمس الأربعاء، سجّل العراق 3724 إصابة، بعد تأكّد إصابة 133 مواطنا، غالبيتهم من بغداد، وهو ثاني أعلى رقم يسجّله العراق هذا الأسبوع، إذ سجّل الثلاثاء 150 إصابة، وهو الأعلى منذ تسجيل أول إصابة بالوباء في البلاد، في الرابع والعشرين من فبراير/شباط الماضي، لمواطن إيراني يدرس في إحدى جامعات مدينة النجف، جنوبي العراق. فيما بلغ إجمالي ضحايا الوباء 134 شخصاً، جميعهم عراقيون، بعد تسجيل 3 وفيات جديدة. بينما سجّلت حالات التعافي ارتفاعاً أيضاً، بواقع 2438 متعافيا في عموم مدن العراق.
ولا تقتصر معاودة ارتفاع معدّل الإصابات على بغداد وباقي مدن العراق، بل هي امتدّت أيضاً إلى مدن إقليم كردستان العراق، الذي عاود تسجيل إصابات جديدة، بعد أن كانت انحسرت الإصابات فيه، بشكل كبير، في الأيام الماضية.
Facebook Post |
ووفقاً لمسؤول عراقي بارز في وزارة الصحة، فإنّ سبب معاودة ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، هو حالة التراخي من قبل المواطنين والملل بعد نحو شهرين من الإجراءات المشدّدة، فضلاً عن خطأ حكومي تمثّل في رفع الحظر بشكل جزئي، ما أعطى انطباعاً للمواطنين بأنّ خطر الوباء قد زال.
ويضيف المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه "بسبب رفع الحظر الجزئي، عادت الحياة في بعض المناطق الشعبية والأحياء السكنية في بغداد، إلى ما كانت عليه، قبل ظهور الوباء للأسف. عزّز هذا السلوك، ارتفاع درجات الحرارة، التي روّج لها البعض عبثاً، على أنّها تقضي على الوباء، بدون أيّ دليل علمي". ولفت إلى أنّ غالبية المصابين الجدد، هم سكّان مناطق شعبية ومن الطبقة الكادحة.
وكشف المسؤول عن احتمال فرض إجراءات جديدة، في اليومين المقبلين، للسيطرة على الوباء، غير تلك التي أُعلن عنها في وقت سابق. من بينها البدء بجولات ميدانية وإجراء فحوص عشوائية في الشوارع والمناطق السكنية، ووضع فرق طبية، داخل حواجز التفتيش الأمنية، ومعاودة إغلاق مداخل بعض المدن.
وكان وزير الصحة العراقي، حسن التميمي، قد أعلن عن فرض خطة الحظر المناطقي على المدن التي سُجّل فيها أكبر عدد من الإصابات بالفيروس، لمدة أسبوعين، للحدّ من انتشار الفيروس في البلاد، فضلاً عن تطبيق حظر التجوّل، خلال أيام عيد الفطر، في عموم مدن العراق.
Twitter Post
|
وبحسب الدكتورة شهد المهداوي، العاملة في قطاع الصحة بمحافظة ديالى شرقي العراق، فإنّ "على المواطنين، في الأيام المقبلة الالتزام أكثر بالقيود الصحية، ومنها عدم سفرهم إلى مدن أخرى أو الاختلاط في الأسواق والأماكن العامة، وحتى الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى. كما يجب عدم التهاون بالتعقيم الدائم، وغسل اليدين بالصابون والمعقّمات، بعد كل خروج من المنزل". وتضيف لـ"العربي الجديد" أنّ: "عودة السيطرة على الوباء، تبدأ من أخذ تلك الاحتياطات على محمل الجد".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، في تصريحات صحافية، إنّ ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في بغداد وبعض المحافظات، جاء نتيجة عدم التزام المواطنين بالحظر الصحي. وأشار إلَى إمكانية إعادة الحظر الشامل للتجوّل أو العزل المناطقي بعد تزايد الإصابات، ليشمل كلّا من مناطق الصدر والكمالية والشعلة والعامرية، وهي المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكّان.
اعتبر مواطنون عراقيون أنّ طول فترة الحظر بلا أيّ حلول، أو صرف مساعدات مالية لهم، تصعّب على المواطنين أمر تدبّر أوضاعهم المعيشية، ما دفعهم إلى كسر الإجراءات التي وضعتها الحكومة والمخاطرة بالخروج للعمل. فيما اعتبر آخرون أنّ رفع الحظر الجزئي، هو بمثابة إعلان انتصار على الوباء، ما دفع الكثير من المواطنين إلى التراخي مع إجراءات الوقاية.
وقال محمد نصر، وهو من سكّان العاصمة بغداد، إنّه "منذ بدء انتشار الفيروس، التزمنا بالتعليمات وكلّ الإجراءات. لكن لدينا عائلات تحتاج إلى متطلّبات، والحكومة لم تفعل شيئاً إزاء ذلك. فخرجنا نعمل مجدداً ونخاطر لأجل ذلك". واعتبر أنّ الحكومة لم توفّر حتى للمواطنين، مستلزمات أساسية بأسعار مدعومة، كالكمّامات والقفّازات.
فيما اعتبر، عمر طالب، أنّ معاودة ارتفاع معدّل الإصابات، أتت "نتيجة خطأ ارتكبته الحكومة التي أوحت للمواطن، بأنّه تمّت السيطرة على الوباء، فقامت بتقليل الإجراءات، وفتح بعض المنافذ مع إيران، ثم فتح أسواق وتجمّعات تجارية، ثم قامت برفع جزئي لحظر التجوّل. هذا كلّه رسم لدى المواطن صورة مطمئنة، جعلته يخرج ويختلط مع الآخرين، كما في السابق".
وأكّد طالب، أنّ ملايين الأسر بحاجة إلى دخل يومي، والحكومة لم توفّر لهم ذلك منذ شهرين، لذا أغلب الإصابات الجديدة، هي بين أبناء الطبقة الفقيرة من المجتمع.