وتظهر منذ بضعة أيام بوادر تشير إلى تراجع الفيروس في الصين، حيث فرض حجر صحي بالغ الشدة على أكثر من خمسين مليون شخص منذ نهاية يناير/ كانون الثاني. غير أن مقاطعة شينجيانغ الشرقية أعلنت أن سبعة صينيين عائدين من إيطاليا يحملون الفيروس، ما يعزّز المخاوف من استيراد المرض من جديد من الخارج.
وعلى الصعيد الوطني، أحصت السلطات الثلاثاء 125 إصابة جديدة، وهي أدنى حصيلة يومية منذ 21 يناير/ كانون الثاني، قبل فرض الحجر الصحي على مدينة ووهان؛ بؤرة الفيروس. وبحسب أرقام السلطات الصينية، تسبب فيروس كورونا الجديد بوفاة 31 مريضاً إضافياً، جميعهم في مقاطعة هوباي، وعاصمتها ووهان، ما يرفع الحصيلة الإجمالية في الصين إلى 2943 وفاة، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
وتخطت حصيلة الفيروس، الاثنين، ثلاثة آلاف وفاة في العالم، بينما يسجّل انتشاره تسارعاً خارج الصين.
كوريا الجنوبية
في كوريا الجنوبية، التي تسجّل ثاني أعلى حصيلة بعد الصين، أعلنت المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، اليوم الثلاثاء، عن 600 حالة إصابة جديدة وثلاث حالات وفاة أخرى بفيروس كورونا الجديد، ليصل إجمالي عدد حالات الإصابة في البلاد إلى 4812 حالة.
وسادت مشاعر الغضب والخوف من تفشي المرض في أرجاء البلاد في حين تخضع طائفة دينية كانت مصدر الانتشار للتدقيق.
وأعلن رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن "الحرب" على فيروس كورونا الجديد الثلاثاء، إذ استنفرت الوكالات الحكومية جميعها على مدار 24 ساعة.
وشهدت كوريا الجنوبية ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات خلال الأيام الأخيرة، بينما ألغت عشرات المهرجانات والحفلات والمناسبات الرياضية بسبب انتشار الفيروس، كما مددت العطلات المدرسية ثلاثة أسابيع على مستوى البلاد.
وصرّح مون "دخلت البلاد بأكملها في حالة حرب مع المرض المعدي"، وأمر جميع الوكالات الحكومية بالعمل على مدار الساعة للتعاطي مع الوضع. وكان أكثر من نصف الحالات على صلة بكنيسة شينتشونجي، وهي طائفة دينية سرية.
وكانت سيدة من أتباع كنيسة شينتشونجي، تبلغ 61 سنة، أُصيبت بالفيروس في 10 فبراير/ شباط، لكنها حضرت قبل تشخيصها أربعة قداديس على الأقل في دايغو، رابع أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد سكان الذي يبلغ نحو 2.5 مليون نسمة.
عزل ووفيات
طلبت السلطات الصحية الكندية، الاثنين، من المسافرين القادمين من إيران أن يعزلوا أنفسهم طوعياً في منازلهم لمدة 14 يوماً، حتى لو لم تكن تظهر عليهم أي من أعراض المرض، كذلك نصحت المواطنين الكنديين بتفادي أي رحلة غير ضرورية إلى إيران ومناطق شمال إيطاليا التي طاولها الفيروس، وذلك فيما أعلنت كندا مساء الاثنين عن 27 إصابة.
في فرنسا، حيث ألغيت فعاليات عدة وبقي متحف اللوفر الشهير مغلقاً، سجّلت وفاة ثالثة لدى امرأة عمرها 89 عاماً تم تشخيص إصابتها بعد وفاتها في مستشفى كومبيانيه، وأوضح المدير العام للصحة جيروم سالومون أنها "كانت تعاني من أمراض أخرى".
وفي الولايات المتحدة، سجّلت أربع وفيات الاثنين، ما يرفع العدد الإجمالي للوفيات على الأراضي الأميركية إلى ست. كذلك أحصيت أكثر من تسعين إصابة، ونصف المصابين هم أشخاص أعيدوا من الخارج. ومن اللافت أن عدداً من المرضى، الذين تم تشخيص إصابتهم في الأيام الأخيرة، لم يكن لهم أي رابط معروف بأي من بؤر الفيروس، ما يوحي بأن المرض بدأ ينتشر داخلياً على الأراضي الأميركية.
فريق أزمة أوربي
رفع الاتحاد الأوروبي تقييمه لخطورة الفيروس من "معتدل" حتى "معتدل إلى مرتفع" مع وصول آخر حصيلة إلى 2100 إصابة مؤكدة في 18 من الدول الأعضاء. ويعقد وزراء الصحة في الاتحاد الأوروبي اجتماعاً استثنائياً الجمعة في بروكسل.
وفي إيطاليا، الدولة الأكثر إصابة في أوروبا، تخطّى عدد الوفيات، الاثنين، عتبة الخمسين وفاة، وبات البلد مقسوماً رسمياً إلى ثلاث مناطق، بينها "المنطقة الحمراء" الخاضعة للحجر الصحي وتشمل 11 بلدة شمالية يبلغ عدد سكانها الإجمالي أكثر من خمسين ألف نسمة.
وعبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن خشية الاتحاد من الانتشار السريع للفيروس، خلال مؤتمر صحافي في بروكسل. ولم تتعمق فون دير لاين كثيراً في معنى رفع مستوى الخطر، بيد أنها ذهبت في مؤتمرها الصحافي إلى القول إن "المركز الأوروبي للوقاية والسيطرة على الأمراض (ECDC) أعلن عن أن خطر الإصابة (العدوى) رُفع من درجة متوسط إلى عالية بين سكان الاتحاد الأوروبي، ما يعني بعبارة أخرى أن الفيروس لا يزال ينتشر".
وتشارك في فريق الأزمة لمواجهة كورونا مفوضة الهجرة واللجوء ألفا يوهانسون، التي اعتبرت من ناحيتها أنه ستجري مناقشة اتخاذ إجراءات في هذا السياق (إغلاق الحدود)، مضيفة أنه "حتى الآن لم تعلن أي من دول الاتحاد الأوروبي عن إجراءات لإغلاق الحدود بسبب فيروس كورونا".
ووفقاً لما نشر الموقع الرسمي للمفوضية الأوروبية، فإن الإصابات تنتشر بين مواطني الاتحاد، حيث سُجلت وفاة 38 مصابا بالفيروس (وإصابة 2100 في 18 بلدا عضوا)، بالإضافة إلى إصابات من خارجه.
ويعتقد الأوروبيون أن انتشار الفيروس نحو قارتهم جاء من الصين، وفقاً للصفحة الرسمية للاتحاد الأوروبي. وتعتبر رئيسة المفوضية الأوروبية بأن الوضع "معقد للغاية، والأمر يحتاج إلى عمل سريع جداً ويتطلب من ناحية أخرى تنسيقاً فورياً".
واعتبرت مفوضة الصحة في الاتحاد، ستيلا كيرياكيدو، أن إيطاليا "تجد نفسها في وضع مختلف عن الدول الأعضاء الأخرى، لكن الأمور تتطور بشكل تسارعي ومستمر". ويذكر العديد من مفوضي الاتحاد الأوروبي أن "الأمر الحاسم في مواجهة هذا الفيروس (في قارتهم) يقوم على التنسيق لمعالجة شاملة ومشتركة"، وفقاً لما ذكروه في مؤتمرهم الصحافي في مركز إدارة الأزمات بالاتحاد الأوروبي. ويخشى هؤلاء من الآثار الاقتصادية السلبية، رغم أن أوروبا "مستعدة للقيام واستخدام كل الوسائل اللازمة لمواجهته"، بحسب ما أكد مفوض الشؤون الاقتصادية، باولو جينتليوني، والذي أضاف بأنه "حان الوقت لبناء الثقة والتصرف".
وأُعلن صباح الثلاثاء، في العاصمة النرويجية أوسلو، عن توقيف الباخرة السياحية الألمانية "عايدة أورا" عن التحرك من ميناء هوغيسوند، حيث كان مخططاً أن تبحر أمس، بعد شكوك بوجود حالتي إصابة بفيروس كورونا. ووفقاً للتلفزيون النرويجي الرسمي، فإن "الشخصين المشتبه بإصابتهما بالفيروس كانا على اتصال بشخص ثالث شُخّصت إصابته به". والمصابين الثلاثة هم من ألمانيا، وفقاً لما ذكرت السلطات الصحية النرويجية في بلدية هوغيسوند.
وباء عالمي
من ناحية ثانية، تؤكد البروفسور في جامعة روسكيلد الدنماركية، لونا سيمونسن، أن كورونا "هو بالفعل وباء، وواهم من يعتقد أنه قادر على وقفه". وتذكر الباحثة الدنماركية على مدى 30 سنة في الفيروسات واللقاحات "أنا لا أخشى القول أن انتشار فيروس كورونا تطور بحيث أصبح اليوم وباء، وخلال أسابيع سنرى هذا الوباء منتشراً، أنا على يقين بذلك"، بحسب ما قالت سيمونسن في برنامج بث على القناة الرسمية الدنماركية "دي آر"، مساء أمس الاثنين.
وتعتبر الباحثة أن الناس حول العالم "يترددون في وصف انتشار كورونا بالوباء، لكنك حين ترى الانتشار العابر للقارات فلا مسمى له سوى وباء". ورغم ذلك تذكر سيمونسن أنه لا داعي للذعر "ولكن من الناحية الأخرى لا يجب التمسك بوهم أننا قادرون على منع انتشار وباء فيروس كورونا".
وقالت الخبيرة في الفيروسات واللقاحات إن "الحجر وإلغاء السفر، بعد أن وصلت الإصابات إلى 90 ألفاً وتوفي 3 آلاف إنسان، لن يفيد، فمثلاً منع سفر الإيرانيين بعد أن ظل الفيروس متفشياًً عندهم لأشهر (منذ ديسمبر الماضي) لا يعني شيئا، لأنه فيروس وسينتشر أكثر".
وأوضحت سيمونسن: "رغم أننا نرى إيطاليا الأكثر إصابة في أوروبا، فعلينا الانتباه لما يجري في إسبانيا وفي مصر. الأرقام المعتمة تفيد في مراقبة انتشار الفيروس، فرغم أنه يؤدي إلى وفيات بنسبة 2 في المائة، إلا أننا نحتاج لدراسة أعمق، فعندما كنت مشاركة في دراسة فيروس سارس في 2003، كنت قلقة جداً، فيما شعوري الغريزي الآن يقول لي إنه حتى واقيات الفم لا تفيدني".