لا يبدو بديهياً للسوريين الاحتفال بعيد الفطر تماماً كما الاحتفال بأيّ من المناسبات المبهجة، لا سيّما بالنسبة إلى النازحين الذين هُجّروا من بيوتهم ومناطقهم. فالأولويّة بالنسبة إلى هؤلاء تبقى تأمين المأوى والغذاء والكساء
قبيل حلول عيد الفطر، راح السوريون الذين تحاصرهم ظروف الحياة الصعبة والمخاوف من فيروس كورونا الجديد في شمال البلاد، يترقّبونه حاملين هموماً كثيرة وأماني بالخلاص من مآسي التهجير وأزمات النزوح. من بين هؤلاء من تجهّز لاستقبال العيد وقد عدّه متنفساً، ومنهم من يرضخ للظروف.
في بلدة دركوش الواقعة غربي إدلب، غابت تحضيرات العيد بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي أجبرت السكان على التخلي عنها، بحسب ما يخبر النازح من ريف حمص الشمالي عباس سليمان. وهو لا يأبه بعيد الفطر، إذ إنّ "الأيام كلها سواء منذ هُجّرنا". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "كلّ الأيام صعبة هنا والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. شعور الغربة يطوّقني والتفكير بالأيام المقبلة لا يفسح المجال أمام الإحساس بالعيد". ويشير سليمان إلى أنّه "قبل التهجير، كنّا نعيش أجواء العيد فنزور الأقارب والأصدقاء. أمّا اليوم فنحن مشتّتون، وسأكتفي بمحادثة أمي وأبي وإخوتي بمحادثة فيديو تنتهي غالباً بالدموع، فيما أزور مع زوجتي وأولادنا بعض الأقارب في المخيّمات".
اقــرأ أيضاً
أمّا في مدينة إدلب، حيث يجتمع نازحون من كلّ أنحاء سورية، فإنّ الأسواق امتلأت قبيل الفطر بالباحثين عن ملابس العيد لأطفالهم أو الراغبين في شراء حلويات للمناسبة. وتقول الناشطة يقين بيدو لـ"العربي الجديد" إنّ "مشهد الأسواق كان يشير إلى الحدث المرتقب... وهو العيد". تضيف أنّ "التحضيرات كانت واضحة في مدينة إدلب، خصوصاً أنّها أكبر خزّان بشري، إذ تضمّ عدداً كبيراً من السوريين من مختلف المحافظات. وقد شهدت الأسواق حركة كثيفة، على الرغم من أنّ سعر صرف الليرة السورية ينخفض في كلّ ساعة والمعابر مغلقة، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع أسعار البضائع إن وجدت".
وتتابع بيدو أنّ "أهالي المدينة لم يتخلوا عن تقاليدهم، لا سيّما تحضير الكعك في المنازل، مع أنّ الظروف التي يمرّون بها صعبة. أمّا الذين لم يستطيعوا تحضيرها، فإنّهم عمدوا إلى شراء حلويات العيد من السوق". وتؤكد بيدو أنّ "كثيرين هنا يتوقعون أن يمرّ هذا العيد باستقرار وسلام وأمان، بينما يترقّب النازحون إمكانية العودة إلى مدنهم وقراهم التي نزحوا منها".
وفي مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، تتشابه ظروف النازحين المقيمين بظروف النازحين المقيمين في مناطق الشمال السوري الباقية. يقول أيهم العمر النازح من جنوب دمشق والمقيم في المدينة لـ"العربي الجديد" إنّ "مظاهر العيد بالكاد موجودة هنا، في ظل الوضع الراهن والمخاوف من فيروس كورونا الجديد. بالكاد نشعر بأنّه موسم العيد، فنحن لم نكن قادرين على شراء ملابس العيد التي صارت أسعارها خيالية في هذه الأيام". يضيف العمر أنّ "كلّ ما أرجوه هو العودة إلى بيتي والالتقاء مجدداً بالأهل والأقارب. ولا عيد لنا إلا بزوال الظلم. عيدنا يكون بخلاصنا من التهجير والتشتت".
وفي مخيّمات النزوح بريف إدلب، تبدو كلّ أيام النازحين متشابهة، كما تقول أمّ محمد التي تعيش في مخيّم بالقرب من بلدة الدانا والتي تؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ كلّ ما تفكّر فيه مع زوجها هو تأمين احتياجات أبنائها من الغذاء وما إلى ذلك. تضيف أنّ "لا ملابس العيد ولا حلوياته ذات أهمية كبرى بالنسبة إلينا. أنا كأمّ أشعر بحرقة لأنّ أولادي حُرموا في هذا العيد من الملابس، لكن ما باليد حيلة. فنحن لا نملك القدرة على شرائها. أشعر بهم وبحزنهم لكنّني عاجزة عن معالجة الأمر". وتتابع أمّ محمد أنّ "آخر أمل للأطفال بالحصول على ملابس العيد كان من خلال توزيع بعضها من قبل إحدى المنظمات بعضها. وآسف لأنّ العيد يمرّ عليهم وهم مكسورو الخاطر".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول حسن عبد الكريم المقيم في أحد مخيمات دير حسان في شمال إدلب لـ"العربي الجديد" إنّه "منذ منتصف شهر رمضان، وضعت من ضمن أولوياتي شراء ملابس العيد لأولادي. لا يمكن لي تركهم من دونها، ومن الجيّد أنّني فعلت ذلك. العيد فرحة وفرصة لنا لبثّ السرور في الأطفال. لا يجب تركهم يتأثرون بما نعيشه". يضيف عبد الكريم: "نحزن لتذكّرنا مقرّبين فقدناهم ولا يشاركوننا العيد، كذلك نتطلع إلى عيد نعود فيه إلى بيوتنا وتنتهي فيه معاناة نزوحنا ومصاعبها".
تجدر الإشارة إلى أنّ عيد الفطر في سورية يرتبط بعادات وتقاليد متأصّلة في المجتمع، منها حلويات تحضّرها النساء منزلياً قبل أيام من العيد والتي يسمّيها السوريون بمعظمهم "كليجة". من جهتهم، يشتري الرجال البنّ العربي لصناعة القهوة وتقديمها للزائرين في أيام العيد.
قبيل حلول عيد الفطر، راح السوريون الذين تحاصرهم ظروف الحياة الصعبة والمخاوف من فيروس كورونا الجديد في شمال البلاد، يترقّبونه حاملين هموماً كثيرة وأماني بالخلاص من مآسي التهجير وأزمات النزوح. من بين هؤلاء من تجهّز لاستقبال العيد وقد عدّه متنفساً، ومنهم من يرضخ للظروف.
في بلدة دركوش الواقعة غربي إدلب، غابت تحضيرات العيد بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي أجبرت السكان على التخلي عنها، بحسب ما يخبر النازح من ريف حمص الشمالي عباس سليمان. وهو لا يأبه بعيد الفطر، إذ إنّ "الأيام كلها سواء منذ هُجّرنا". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "كلّ الأيام صعبة هنا والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. شعور الغربة يطوّقني والتفكير بالأيام المقبلة لا يفسح المجال أمام الإحساس بالعيد". ويشير سليمان إلى أنّه "قبل التهجير، كنّا نعيش أجواء العيد فنزور الأقارب والأصدقاء. أمّا اليوم فنحن مشتّتون، وسأكتفي بمحادثة أمي وأبي وإخوتي بمحادثة فيديو تنتهي غالباً بالدموع، فيما أزور مع زوجتي وأولادنا بعض الأقارب في المخيّمات".
أمّا في مدينة إدلب، حيث يجتمع نازحون من كلّ أنحاء سورية، فإنّ الأسواق امتلأت قبيل الفطر بالباحثين عن ملابس العيد لأطفالهم أو الراغبين في شراء حلويات للمناسبة. وتقول الناشطة يقين بيدو لـ"العربي الجديد" إنّ "مشهد الأسواق كان يشير إلى الحدث المرتقب... وهو العيد". تضيف أنّ "التحضيرات كانت واضحة في مدينة إدلب، خصوصاً أنّها أكبر خزّان بشري، إذ تضمّ عدداً كبيراً من السوريين من مختلف المحافظات. وقد شهدت الأسواق حركة كثيفة، على الرغم من أنّ سعر صرف الليرة السورية ينخفض في كلّ ساعة والمعابر مغلقة، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع أسعار البضائع إن وجدت".
وتتابع بيدو أنّ "أهالي المدينة لم يتخلوا عن تقاليدهم، لا سيّما تحضير الكعك في المنازل، مع أنّ الظروف التي يمرّون بها صعبة. أمّا الذين لم يستطيعوا تحضيرها، فإنّهم عمدوا إلى شراء حلويات العيد من السوق". وتؤكد بيدو أنّ "كثيرين هنا يتوقعون أن يمرّ هذا العيد باستقرار وسلام وأمان، بينما يترقّب النازحون إمكانية العودة إلى مدنهم وقراهم التي نزحوا منها".
وفي مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، تتشابه ظروف النازحين المقيمين بظروف النازحين المقيمين في مناطق الشمال السوري الباقية. يقول أيهم العمر النازح من جنوب دمشق والمقيم في المدينة لـ"العربي الجديد" إنّ "مظاهر العيد بالكاد موجودة هنا، في ظل الوضع الراهن والمخاوف من فيروس كورونا الجديد. بالكاد نشعر بأنّه موسم العيد، فنحن لم نكن قادرين على شراء ملابس العيد التي صارت أسعارها خيالية في هذه الأيام". يضيف العمر أنّ "كلّ ما أرجوه هو العودة إلى بيتي والالتقاء مجدداً بالأهل والأقارب. ولا عيد لنا إلا بزوال الظلم. عيدنا يكون بخلاصنا من التهجير والتشتت".
وفي مخيّمات النزوح بريف إدلب، تبدو كلّ أيام النازحين متشابهة، كما تقول أمّ محمد التي تعيش في مخيّم بالقرب من بلدة الدانا والتي تؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ كلّ ما تفكّر فيه مع زوجها هو تأمين احتياجات أبنائها من الغذاء وما إلى ذلك. تضيف أنّ "لا ملابس العيد ولا حلوياته ذات أهمية كبرى بالنسبة إلينا. أنا كأمّ أشعر بحرقة لأنّ أولادي حُرموا في هذا العيد من الملابس، لكن ما باليد حيلة. فنحن لا نملك القدرة على شرائها. أشعر بهم وبحزنهم لكنّني عاجزة عن معالجة الأمر". وتتابع أمّ محمد أنّ "آخر أمل للأطفال بالحصول على ملابس العيد كان من خلال توزيع بعضها من قبل إحدى المنظمات بعضها. وآسف لأنّ العيد يمرّ عليهم وهم مكسورو الخاطر".
من جهته، يقول حسن عبد الكريم المقيم في أحد مخيمات دير حسان في شمال إدلب لـ"العربي الجديد" إنّه "منذ منتصف شهر رمضان، وضعت من ضمن أولوياتي شراء ملابس العيد لأولادي. لا يمكن لي تركهم من دونها، ومن الجيّد أنّني فعلت ذلك. العيد فرحة وفرصة لنا لبثّ السرور في الأطفال. لا يجب تركهم يتأثرون بما نعيشه". يضيف عبد الكريم: "نحزن لتذكّرنا مقرّبين فقدناهم ولا يشاركوننا العيد، كذلك نتطلع إلى عيد نعود فيه إلى بيوتنا وتنتهي فيه معاناة نزوحنا ومصاعبها".
تجدر الإشارة إلى أنّ عيد الفطر في سورية يرتبط بعادات وتقاليد متأصّلة في المجتمع، منها حلويات تحضّرها النساء منزلياً قبل أيام من العيد والتي يسمّيها السوريون بمعظمهم "كليجة". من جهتهم، يشتري الرجال البنّ العربي لصناعة القهوة وتقديمها للزائرين في أيام العيد.