يعتبر "مخيم الهوية"، الذي ينظمه "التجمع الوطني الديمقراطي"، سنوياً، وطوى نسخته الخامسة عشرة مساء أمس الأربعاء، واحداً من أهم روافد التوعية والتثقيف الوطني للجيل الناشئ.
وخرّج المخيم على مدار عقد ونصف، آلاف الطلاب الذين بات لبعض من أضحوا شباباً منهم دوراً مهمّاً في الحركة الوطنية.
في ساحة واسعة، نصبت خيام المشاركين في المخيم، وعلقت فيها صور مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وهي القضية التي أقيمت النسخة الخامسة عشرة من المخيم تحت عنوانها.
داخل الورشات كان الأطفال المشاركون في المخيم منهمكين، يحيكون، يرسمون ويصنعون بأناملهم الصغيرة رموز وطنهم، من العلم الفلسطيني، إلى مفتاح العودة، وخارطة فلسطين وغيرها، فضلاً عن مشاركتهم أيضاً بنشاطات ترفيهية.
مديرة "مخيم الهوية"، أميمة مصالحة، وهي عضو اللجنة المركزية في التجمع الوطني الديمقراطي، قالت لـ"العربي الجديد"، إن "المخيم الذي يستوعب أطفالاً من 8 سنوات حتى 14 عاماً، يعتبر من أهم المحطات التثقيفية في حياة الطلاب، خاصة في ظل كوننا مجتمع لا يحصل على ثقافته الوطنية من جهات رسمية لأنها غير موثوقة وتتلاعب بتاريخنا، ولأن إسرائيل تتدخل في المنهاج التعليمي في مدارسنا، ولذا فإن المخيمات من الأطر المهمة لتثقيف الطالب وإثرائه بالمضامين الوطنية".
وأردفت أن "مخيمات اللاجئين الفلسطينيين شكلت عنوان المخيم هذا الصيف، لتعريف الطلاب على هذه المخيمات وكيف تكونت وكيف يعيش أهلها وماذا يحدث معهم. كما تم التشديد خلال المخيم أيضاً على الهوية الذاتية والوطنية لكل طالب، وكيف يعرّف نفسه ومن أي بلد يتحدّر، وما إلى ذلك"، حسب قولها.
ونوهت مصالحة إلى وجود شخصيات وطواقم ساهمت وأخرى لا تزال تساهم في إنجاح المخيم، من بينها الراحلة روضة بشارة، التي كانت مديرة "مخيم الهوية" على مدار 7 سنوات، "لا يمكن أن ننسى خلال المخيمات دورها المهم، والأثر الكبير الذي تركته على الأطفال".
من جانبه، تطرق عضو المكتب السياسي في "التجمع الوطني الديمقراطي" ومسؤول ملف الشباب في الحزب، مراد حداد، إلى الإسقاطات الوطنية والاجتماعية للمخيم على الجيل الناشئ، معتبرا أن "المخيم يهدف إلى غرس قيم الحرّية والعدالة، وحقوق المواطن وكرامته، والتّحرّر الوطنيّ في نفوس المشتركين وعقولهم، ومن هنا يبدأ اختيار المضامين والوسائل والفعاليّات التّرفيهيّة".
"ليس إنشاد (موطني) و(تجمّعي)، وهو نشيد التجمع، صباح مساء، صدفةً، فالحماس مدخلٌ للعمل والتّأثّر والتّأثير، والحماس المشترك مدخلٌ للثّقة بالعمل الجماعيّ وعدالة مشروعنا الوطنيّ وقضيّتنا، والمجموعات الصّغيرة مدخلٌ لتقبّل الآخر رغم الاختلاف والتّعدّد، وفتح المجال للتّعبير عمّا في النّفوس دون قيودٍ تحاصر المشاركين في الأطر الاجتماعيّة الأخرى؛ كالمدرسة في بعض الأحيان"، على حد قوله.
وأضاف أن "الخيمة هي بيت المشاركين، واسمها يدلّ على ثقافتهم الوطنيّة ورموزها، من نكبةٍ ولجوءٍ ومخيّماتٍ وآثارها؛ فهي ليست معلوماتٍ تاريخيّةً بقدر ما هي مرجعيّةٌ للمستقبل، والّتي نسعى إلى أن تكون كذلك دوماً".
وأضاف حداد: "قرّرنا أن تُلقي الحرّيّة ظلالها على المستوى الاجتماعيّ في المخيم، لأنّنا رأينا أنّ الحرّيّات السّياسيّة والاجتماعيّة وُلِدَت لتسير وتستمرّ سوية، ليس لأنّنا سنصبح بذلك مجتمعاً أقوى فقط، بل لأنّنا سنصبح مجتمعاً عادلاً أكثر".
ومن بين الطلاب المشاركين في المخيم، تحدث لـ"العربي الجديد"، الطفل عمر وسام (10 سنوات)، الذي قال: "أحب أن أتعلّم عن وطني وعن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وفي هذا المخيم تعلمت الكثير عن القضية الفلسطينية".
ونوه إلى أن هذه ليست أول مشاركة له، وأنه "على الصغار أن يشاركوا في مخيم الهوية، لما فيه من فائدة"، ففي هذا الجيل تبدأ الهوية الوطنية، حسبما قال.