بين شهرَي آذار/ مارس ونيسان/ إبريل من كل سنة، تتنشّط الحياة المسرحية في تونس بشكل واضح؛ حيث تتعدّد التظاهرات والفعاليات والعروض الجديدة، ومن بينها "مهرجان قفصة الدولي للمسرح" الذي أقيم هذا العام بين 23 و29 آذار/ مارس الماضي، في نفس الوقت الذي نظّم فيه "المسرح الوطني" في تونس العاصمة تظاهرة "أيام اليوم العالمي للمسرح"، كما أُقيمت تظاهرة "24/ 24 مسرح" في مدينة الكاف، و"مهرجان مسرح الارتجال"، خلال الأسبوع المنقضي.
بعد هذا "الماراثون"، يأتي الدور على "مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح" في مدينة المنستير (جنوب تونس العاصمة) في دورته الخامسة والعشرين، إذ انطلق يوم الجمعة الماضي ليتواصل حتى العشرين من الشهر الجاري.
تستفيد هذه المهرجانات من زخم تعيشه تونس منذ سنوات في المجال المسرحي، حيث ظهرت الكثير من التجارب الجديدة، إضافة إلى تواصل الإنتاج المنتظم لأبرز المسارح المعروفة؛ مثل "لارتيستو" وفضاء "تياترو" و"مسرح الحمراء".
لكن الناظر في برامج هذه التظاهرات سيجد الكثير من التشابه فيها، فمثلاً يُفتتح "مهرجان خليفة السطنبولي" بمسرحية "جويف" لحمادي الوهايبي التي كانت عرض اختتام "مهرجان قفصة" من أسبوعين تقريباً، كما أن نفس المهرجان يتضمّن أكثر من عرض يُقدّم في المنستير مثل "قمر 14" لدليلة المفتاحي (تعرض مساء اليوم)، و"بلوك 74" لوليد الخضراوي (17 نيسان)، فيما يحضر المخرج وليد الدغسني بمسرحية "شياطين أخرى"، بعدما شارك في قفصة بعمل "سمّها ما شئت".
وإذا كان مرور هذه الأعمال على أكثر من مهرجان ومدينة يتيح تقديم العرض لأكثر من جمهور، فإنه يضع التظاهرات موضع تساؤل: أيّ فرادة وأيّ شخصية لكل مهرجان؟ هذا السؤال يحيلنا على مسألة أساسية تتعلّق بإشعاع التظاهرات المسرحية، فهل هي موجّهة إلى جمهور محلّي أم أنها تسعى إلى استقطاب جمهور من خارج المدن التي تحتضنها، ومن الواضح أن "تدوير" المسرحيات على كل المدن يقطع الطريق أمام أي رغبة لدى الجمهور في التنقّل، وخصوصاً من العاصمة إلى مدن أخرى، لحضور مهرجانات بعينها.
أما العروض الأخرى المشاركة في "خليفة السطنبولي"، فهي "نوّارات للجرذون" لعبد المنعم شويات، و"الثلاث بنات" لرضا بوقديدة، و"الخوف" لفاضل الجعايبي (عرض الاختتام)، إضافة إلى مسرحية "البروفة" للمخرجة المصرية عبير فوزي، وهو العرض الأجنبي اليتيم في المهرجان، وهي وضعية تطرح مسألة أخرى تتعلّق بالصفة الدولية التي تحملها معظم التظاهرات المسرحية، في حين أن الحضور الأجنبي يكاد يكون مثل قطعة ديكورية لا غير.
بعد "خليفة السطنبولي"، كان من المقرّر أن يُقام ابتداءً من 26 من الشهر الجاري "المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج"، قبل أن يجري تأجيله إلى الصيف لأسباب تنظيمية. حيال هذا الإيقاع تكون بعض المسرحيات قد عُرضت في مناسبات عديدة في أسابيع قليلة، لكن ماذا عن بقية أيام السنة؟