تتضمن الفعالية عرضاً لفيملين وثائقيين عن النوبة، تليه محاضرة للباحثة المصرية المتخصصة في التاريخ الشعبي والشفوي علياء مسلم.
الفيلم الأول هو "رحلة إلى نوبة"، أنجزه سعد نديم (1920-1980)، أحد رواد السينما الوثائقية في مصر، عام 1960، ما يميز الفيلم أنه من الأعمال الوثائقية القصيرة الأولى، إذ لا تتجاوز مدته 8 دقائق، ويسعى إلى تقديم الثقافة الشعبية النوبية، والحديث عن مزايا السد العالي الذي سيتسبب لاحقاً في هجرة قسرية لكثير من النوبيين.
فيلم آخر سيعرض بعد "رحلة إلى نوبة"؛ وثائقي مدته 35 دقيقة أنجزته المخرجة المصرية عطيات الأبنودي بعنوان "قطار نوبة"، وفيه تستحدم المخرجة كاميرا محمولة لتوثيق رحلة العائلات النوبية من الإسكندرية إلى النوبة في زيارة سنوية خلال العطل الصيفية.
بعد أربعة عقود مرّت على الهجرات النوبية، تعود الأبنودي إلى اللحظة التي وثّقها نديم، وكأن العملين يرصدان الفعل ونتيجته خلال أربعين عاماً، فمن دون أن تطرح المخرجة السؤال بشكل مباشر، فإن أول فكرة تخطر عند مشاهدة الفيلم هي: لماذا قام النوبيون بهذه الهجرة الداخلية التي يبدو أنها لم تكن سهلة أبداً؟
المحاضرة التي تلي عرض الفيلمين وتلقيها مسلم، المتخصّصة في الروايات الشفهية والأغاني في الحقبة الناصرية، تتناول الفترة التي تلت العام 1964، والتي جرت خلالها هجرة 50 ألف نوبي من 33 قرية تمتد بين مصر والسودان، حيث انتقلوا إلى العيش في صحراء كومومبو. توضح المُحاضِرة في بيان الفعالية: "انقلبت حياة هؤلاء التي كانت بجانب الماء (النيل) إلى أن يصبح همهم الأساسي هو الهروب من الشمس (الصحراء)".
تتساءل مسلم: "لماذا كان هؤلاء يعتقدون بأهمية السد العالي؟ وكيف تمكّنوا من التعامل مع صدمة النزوح؟ كيف استمرت حياة -كانت معتمدة بالكامل على النيل- من الأساطير والشعائر اليومية في غياب النيل؟".
الإجابة التي تقترحها مسلم هي أن احتمال الاغتراب وتغيّر نمط الحياة "حدث من خلال الأغاني التي كانت تعكس الأمل، والحنين، وأخيراً أصبحت تعبر عن الغضب، حيث نستمع فيها إلى حوارات مع النيل الطيور والشخصيات الأسطورية وتأملات لهذه العواطف المرتبطة بالانتقال".