بات أمراً واقعاً، صار حلمي النمنم وزيراً للثقافة في مصر. الرجل الذي عرفته الساحة الثقافية العربية من خلال مؤلفاته التي وُجّهت معظمها ضد الحركات الإسلامية، ما قد يفسّر شيئاً من صعوده في مشهد رسمي في مصر بات يبجّل مثل هذه المواقف الحادّة ولو كانت إقصائية.
أو ربما قد يكون لمساره المهني في الأجهزة الثقافية المصرية، وتقاطعاته مع الإعلام، دور في تفسير ذلك، فقد مرّ "الوزير" من مناصب نائب رئيس "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، وكان عضواً في لجنة الكتاب والنشر في "المجلس الأعلى للثقافة" أبرز أجهزة وزارة الثقافة المصرية.
في الإعلام، شغل النمنم منصب مدير تحرير "مجلة المصور" الصادرة عن "دار الهلال"، كما عمل رئيساً لتحرير مجلة "المحيط" التي تصدرها وزارة الثقافة.
إن تعيين النمنم تعبير عن سياق أكثر من كونه تعبيراً عن خيار. سياق بدأ بتعيين من اعتبر بعد الانقلاب بـ "رجل المرحلة"، جابر عصفور، والذي كرّس زمن مروره من الوزارة في رسم سياسات ثقافية جديدة لمصر "الثورة". وبعده جاء السيسي برجل تنفيذي مثل عبد الواحد نبوي، ومع سقوط حكومة محلب بعد أن حاصرتها تهم الفساد، جيء بالنمنم.
خلال الساعات الماضية، تناقلت مئات المواقع المصرية، في هارمونية أوركسترالية عجيبة، خبر زيارة نبوي للنمنم معرّجين جمعيهم على "ثقافة الدولة" والعمل المؤسسي، إضافة طبعاً إلى التمنيات بالتوفيق.
النمنم حظي بدعم إعلامي سابق لكل إنجاز، فهو "مفاجأة الحكومة للمثقفين" كما يقول أحد العناوين، وهو "كاتب بدرجة وزير" كما يقول آخر. بعد ذلك ماذا بقي للوزير أن يفعل؟ إنه سيؤدي دوره حتماً، في تذويب سياسات القمع التي تنتهجها الدولة المصرية اليوم في قرارات ثقافية. إن ثقته توحي بأنه سيجتهد في احتواء الدولة للحياة الثقافية وابتلاعها.