وصلت إلى برشلونة في عز الصيف.
منذ اليوم الأول ـ الذي أمضيت مساءه في حديقة سيوتاديا، كأول مكان أكتشفه بنفسي [وهو، عموماً، شبه ملاصق للبيت في شارع رِكْ] ـ فعلت شيئاً وتذكرت قولاً.
أما الشيء، فكان البكاء على حياة مضت لا تهون. وأما القول فهو من سفر الجامعة: "لن تشبع العين من البصر"، خاصة إن جاءت من مكان، لا وجود للمرأة، في فضائه العام.
واليوم، بعد انقضاء ست سنوات على تلك اللحظة، من على مقعد في الحديقة المركزية للمدينة، مرة أخرى، هأنذا أعيد القول: لن تشبع العين من البصر.
برشلونة، بالخصوص في الصيف، هي عيد متنقل، ومهرجان للنساء لا ينفد.
أُحييك أيتها المدينة المؤنثة، على مدار الوقت.
أُحيي أفقك الاجتماعي الأرحب في إسبانيا.
أحيي لطف نسائك، ومحبتهن، وقدرتهن الدائبة على الكدح.
وأشكر حظي، لأنه رماني إليك، لا إلى سواك.
أيتها المدينة التي أخذت أفضل ما في المتوسط، وما في أوروبا، والعالم.
في مزيج مدهش يؤطره طابع إنساني غلاب.
أجلس على كرسي في شارع الرمبلا، متابعاً نهر الزحام اللاينفد طوال العام، وأتذكر، مرة أخرى، الجامعة، وأفرح:
"جيل يمضي، وجيل يأتي، والأرض إلى الأبد قائمة".
المجد لخلود النوع، رغم فناء أفراده!