في فكرة طريفة، أطلقت دار النشر البرتغالية "ووك" كأس العالم للأدب، بالتوازي مع إقامة كأس العالم لكرة القدم التي تدور فعالياتها هذه الأيام في روسيا. الفكرة بسيطة للغاية، حيث يمثّل كل بلد مشارك في كأس العالم كاتب أساسي، هكذا نجد دوستويفسكي ممثلاً لروسيا، ونجيب محفوظ ممثلاً لمصر، وغابرييل غارثيا ماركيز ممثلاً لكولومبيا، وجورجي أمادو ممثلاً للبرازيل إلى غير ذلك.
اعتمد "المنظمون" نفس قُرعة كأس العالم لكرة القدم، مع تغيير طفيف في بعض القواعد. كانت المباراة الأولى في كأس العالم لكرة القدم بين روسيا والسعودية، وفي كأس العالم للأدب أصبحت مواجهة بين دوستويفسكي ورجاء عالم (يلاحظ هنا التباين الكبير في المكانة الأدبية بينها وبين صاحب "الجريمة والعقاب")، فيما تبارى في ثاني المباريات نجيب محفوظ والكاتب الأوروغواياني إدواردو غاليانو.
وإذا كانت مباراة كرة القدم تلعب على ميدان معشّب، فإن مباريات الأدب في موقع "ووك" تأتي مخرجاتها من خلال التصويت، حيث يمكن لأي متصفّح للشبكة أن يحدّد الكاتب الذي يفضّله على حساب كاتب آخر. هناك مثلاً مباراة قوية بين البرتغالي جوزيه ساراماغو والإسباني كارلوس رويز زافون، وأخرى يمكن اعتبارها "مباراة قمة مبكّرة" بمصطلحات معلقي كرة القدم، بين الكولومبي ماركيز والياباني موراكامي.
نتائج التصويت لمرور كاتب إلى الدور الموالي تتبع أيضاً نظام كأس العالم لكرة القدم، حيث أن نتائج التصويتات ظهرت يوم المباراة الحقيقية، وبالتالي حين يُلعب الدور ربع النهائي في كأس العالم لكرة القدم سنعرف المترشحين لهذا الدور في كأس العالم للأدب. يبقى أن فروقات كثيرة بين المجالين ألقت بظلالها، فمثلاً انتصرت الأوروغواي على مصر كروياً، غير أن محفوظ فاز على غاليانو، وفيما انتصرت المكسيك على ألمانيا في كبرى مفاجآت كأس العالم لكرة القدم، فإن غوته خرج فائزاً بشكل منطقي في مباراته مع أوكافيو باث.
من جهة ثانية، فإن النتائج في كأس العالم للأدب تبقى مرهونة بميولات مختلفة للمشاركين في التصويب، فمثلاً قد يتوقّع قارئ متمرّس بالأدب أن يكون دوستويفسكي مرشّحاً أساسياً لنيل اللقب، غير أنه يكتشف أنه خرج من المباراة الأولى منهزماً أمام رجاء عالم! إذن قد يكون التصويت أحياناً لانتماءات وطنية أو لأي سبب آخر دون اعتبار للقيمة الأدبية. كما أنه تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الألعاب على الإنترنت تهدف اساساً إلى خلق حركية في الموقع الذي يحتضنها، ونعتقد أن مؤسسة "ووك" حققت الكثير من الشهرة بفضل هذه الفكرة الطريفة.
يُذكر أن بعض الكتّاب تفاعلوا مع الفكرة، فمثلاً علّق الروائي التونسي الحبيب السالمي وهو الذي مثّل بلده في هذه "التظاهرة": "طريفة هذه المسابقة التي نظمها موقع برتغالي على هامش المونديال"، ثم علّق عن مواجهته مع تشارلز ديكنز قائلاً "أما أنا فقد انهزمت بالطبع أمام منافس من حجم ديكنز". يواجه ديكنز بعد ذلك البلجيكي جورج سيمنون للوصول إلى لقب كأس العالم ولكن بالتأكيد سيعترضه عمالقة كثيرون كي يتوّج في 15 من الشهر الجاري حين نعرف الفائز بكأس العالم لكرة القدم.