ينظر معظم القراء والمثقفين العرب إلى الأدب الأميركي واللاتيني والأوروبي بانبهار تتفاوت درجاته. ويستطيع القارئ العربي الذي يتابع مسار الكتابة في هذه القارات الثلاث أن يقدّم جردة مطولة بأسماء الروائيين والشعراء وكتاب القصة فيها، بل إنه يحفظ سير بعضهم وأقوالهم ومواقفهم.
غير أن هذا القارئ، نفسه، يعجز عن الحديث عن الأدب الأفريقي القريب منه جغرافياً وتاريخياً بالإسهاب ذاته وبالحفاوة نفسها. إذا طلبتَ من معظم هؤلاء القراء أن يتحدثوا عن تشينوا أتشيبي، مثلاً، فسيعتقدون أنه كاتب من اليابان، بينما الرجل من روّاد الأدب الأفريقي.
لا نعرف، في الغالب، سوى الكتّاب الأفارقة الذين وصلوا إلى "نوبل" أو المشهورين في أوروبا وأميركا. نعرفهم ونقدّرهم لأنهم اشتُهروا في باريس ولندن وواشنطن، فتصبح هذه العواصم هي الوسيط بيننا وبينهم. نعرفهم عن طريق الآخر، نحن الذين تفصلنا عنهم مسافة قصيرة، ويجمعنا بهم تاريخ مشترك، وينتمي جزء من عالمنا العربي إلى القارة نفسها التي يوجدون فيها.
معظمنا لا يعرف سوى إيمي سيزار وسوينكا وسنغور والأسماء التي وصلها الضوء من أمكنة أخرى بعيدة. لا يعني ذلك أن هذه القارة عقيمة ولم تنتج سوى هذه الأسماء، بل يعني أننا لم نعرف بعد الطريق إلى الأدب الأفريقي. نحتاج إلى أن نعيد النظر في علاقتنا بقارتنا السمراء، بأدبها وثقافتها وفنها، وأن نحتفظ لها بجزء من الانبهار.