لم تغب بلاده عن معظم الروايات التي ألّفها باسمه الحقيقي، ومنها "ملاحة صانع المطر" (1989)، و"أجنحة من غبار" (1994)، و"في ساعة الإشارات" (1996)، و"الناقلة" (1998)، و"السفر مع الجن" (2003)، و"مسارات التيه" (2006)، و"الأزرق النوبي" (2006)، قبل التوّجه عام 2012 إلى كتابة روايات بوليسية مختاراً اسمه المستعار باركر بلال.
في هذا الكتاب، يسلّط المؤلف الضوء على تحوّل الخرطوم إلى مدينة في العصر الحديث، والتطوّر العمراني والاجتماعي في السودان بشكل عام، والتوسّع والتحديث في بنية المجتمع، لكنه يغرق أكثر في التاريخ القديم والذاكرة الشعبية، نابعاً من موقف عام ينظر من خلاله كثير من الكتّاب السودانيين تجاه عاصمتهم باعتبارها مدينة "مخترعة".
يعود محجوب إلى حقبة الاستعمار البريطاني التي بدأت في نهايات القرن التاسع عشر، حيث يقدّم العديد من الوقائع التي ترتبط باسم ضابطين بريطانييْن مشهورين؛ كيتشنر وغوردون، حيث يرسم صورة تفصيلية عن تعصّب الأخير وغموض شخصيته.
يشير عنوان الكتاب "خط النهر" إلى قلب الخرطوم تلك المنطقة التي يلتقي فيها فرعا النيل الكبيران: النيل الأزرق منحدراً من مرتفعات إثيوبيا، والنيل الأبيض الذي يجيء متعرجاً من مستنقعات الجنوب، والتي تسارعت فيها حركة البناء والتجارة زمن الاحتلال، ونشأت نخبة سودانية تحاكي نظيرتها البريطانية بعد تلقّيها تعليمياً وثقافة مدينية في الخارج.
تحضر السياسة قسراً ضمن سياق الأحداث وتداعيها، إذ يكتشف الكاتب أن طفولته كانت مجرّد لحظة عابرة في المرحلة التي تلت الاستقلال، بعد سلسلة الانقلابات العسكرية المتتالية والحرب الأهلية بين شمال البلاد وجنوبها على موجتين؛ الأولى بدأت في الخمسينيات واستمرت حتى مطلع السبعينيات، والثانية اندلعت في الثمانينيات، وانتهت باتفاق انفصل الجنوب بموجبه عام 2005، وصولاً إلى الوضع الراهن بمشكلاته السياسية والاقتصادية.
يتوقف محجوب عند محطات عدة: أسرته، وإخوته، وطفولته، وتفاصيل علاقته مع والده، وعن شعوره بالغربة وهو الذي تنقّل بين عدّة عواصم أوروبية معظم حياته حيث يقيم اليوم في هولندا ويحمل جواز سفر بريطاني، ويستعرض عدّة كتّب أثّرت في حياته ومنها "قلب الظلام" لجوزيف كونراد"، و"المعذبون في الأرض" لفرانز فانون، و"مكتبة بابل" لبورخيس.