فمنذ تدشين عصر النيوليبرالية الاقتصادية، زمنَ تاتشر وريغَن، واكتساحه المشهد، صار السوق هو المرجع الأعلى، وتراجعت الدولة، لِتُخلي مكانها إلى نَهم طُغم المال، هذه التي لا تشبع ولا تقنع. حيث لا وجود أصلاً لهاتين المفردتين في قاموسها التجاري.
صحيح أن الرأسمالية تشبه أسطورة طائر العنقاء، في غير وجه من وجوهها، بحيث تقع في الأزمة أو تختلقها، ثم تدبّر لها حلاً، فتخرج منها بولادة جديدة، ولكن كل هذا كان قديماً، ولا يمكن أن يستمر في المستقبل.
والسبب بتبسيط مخلّ، أن الرأسمالية لم تكن عبر القرون رهينة طُغَم المال، كما هو حالها الآن.
إن ميكانزمات السوق بطبعِها الكلْبي يجب أن توصل إلى هذا. فلأول مرة في التاريخ، يصبح "السوق" هو بيضة قَبّان الكوكب الأزرق. وبما أنه المرجع والبيضة معاً، فكل شيء أمامه مُتاح. تماماً كماهو الحال حين يغيب الخالق عند بطل دستويفسكي.
أما السؤال عن توقيت موتها وميعاد الدفن، فجوابه مفقود، فلا نحن "تُربيون"، ولا كنا يوماً من زبائن عرّاف دلفي.
ربما، هو ثمة، في طيّات أزمنة قادمة!