لم يكن تهديد وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي، في مارس/آذار الماضي، بشن حملة على "الأئمة المتطرفين"، ضمن إجراءات لمواجهة "الإسلاميين المتطرفين"، الأول من نوعه، إذ سبقته رسالة، في يناير/كانون الثاني، من وزير الجاليات ايريك بيكلز، أشادت بمسلمي بريطانيا لإدانتهم هجمات باريس الإرهابية، لكنها حملت الأئمة مسؤولية بذل مزيد من الجهود لمنع التطرف في صفوف أبناء الجالية.
مشاكل الأئمة
في أبريل/ نيسان الماضي، نشرت صحيفة التايمز البريطانية، مقالا لشهيد مالك، عضو البرلمان البريطاني السابق عن حزب العمال في ديوزبري شمال غربي بريطانيا منذ 2005 إلى 2010، بعنوان "الأئمة لا يزالون يدفنون رؤوسهم في الرمال". مالك قال في مقاله، إنه كان في ديوزبري لمواساة اسرتين تواجهان الكابوس الذي يخيف الكثير من الآباء المسلمين، إذ يعتقد أن ابني الأسرتين سافرا للجهاد في سورية.
تشي الرسائل الموجهة من مستويات سياسية متعددة في بريطانيا، بأزمة بين الدولة والأئمة، فيما تعاني المساجد البريطانية من عدد من المشاكل التي تؤثر على دورها سواء داخل المجتمع الإسلامي أو في التفاعل مع المحيط الأوسع غير المسلم.
وتشير الدراسات المسحية والتحقيقات التي أجرتها مؤسسات إسلامية وأكاديمية، إلى أن أبرز المشاكل التي تعاني منها المساجد ومراكز التعليم الإسلامي تتمثل في عدم كفاءة الأئمة وعدم قدرتهم على تبليغ أصول الدين وتعاليمه بشكل صحيح للمسلمين، ناهيك عن عدم قدرتهم على التواصل بشكل ناجح مع المحيط غير الإسلامي، لا سيما أن 97 بالمئة من هؤلاء الأئمة قادمون من الخارج أو تلقوا تعليمهم الديني في الخارج، حسب نتائج دراسة نشرتها مؤسسة "كويليام لمناهضة التطرف" وعلاوة على ذلك، وجدت دراسة استقصائية قام بها فريق من جامعة تشيستر في العام 2007 ، وشملت 300 مسجد، أن 6 في المائة فقط من الأئمة يتحدثون اللغة الإنجليزية كلغة أولى.
ويعتبر الإسلام ثاني أكبر ديانة في بريطانيا، وحسب آخر إحصاء سكاني في المملكة المتحدة لعام 2011، وصل عدد المسلمين في بريطانيا إلى 2.7 مليون نسمة، أي ما نسبته 4.8 في المائة من مجمل عدد السكان، ويقطن المسلمون في لندن وضواحيها حيث أكبر تجمع للجالية المسلمة في بريطانيا.
ويؤكد أحمد مشتهي، بريطاني من أصول يمنية، معاناة مسلمي بريطانيا من الأئمة قائلا: "الكثير من الأئمة يأتون الى بريطانيا بعد أن تلقوا تعليمهم أو تدريبهم في بلدان أخرى مثل باكستان وبنغلادش، وللأسف يأتون الى بريطانيا بأفكار ومفاهيم لا تتناسب والحياة المدنية السائدة في هذه البلاد، بل وتتسم في أحيان كثيرة بالتشدد، الذي لا يليق بالإسلام وروحه المعتدلة والمتسامحة، مما يعرضهم لصدام مع الدولة والمجتمع.
أما الشاب زاهي رجوب، (مهاجر لبناني)، فيرى أن المشكلة الأساسية، تتمثل في أن الغالبية الساحقة من الأئمة الذين يأتون من البلدان الإسلامية هم من كبار السن، بينما الشريحة الأوسع ممن يرتادون المساجد في بريطانيا من الشباب.
يتابع الشاب قائلا لـ"العربي الجديد": "هذا لا يساعد على التواصل بين الإمام المُسن ومرتادي المسجد من الشباب، وهذا الوضع يؤثر سلبيا على طبيعة الدور المُفترض أن يلعبه المسجد والإمام في تأهيل وتثقيف الشباب المسلم".
ويضيف رجوب متابعا: "الغالبية العظمى من الأئمة الأجانب الذين يشرفون على المساجد والمراكز الإسلامية في بريطانيا غير مطلعين بشكل كاف على النظام السياسي والاجتماعي والقانوني والاقتصادي في البلاد، كما تتحدث نسبة قليلة جدا منهم اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهذه عوامل تؤثر سلبيا على عملية التبليغ وإيصال الرسالة الصحيحة عن الدين الإسلامي لأتباعه الذين لا يتحدثون إلا اللغة الإنجليزية، بل ربما تسيء للإسلام وتشوه حقيقته.
وما يزيد المسألة صعوبة أن الجالية المسلمة في بريطانيا تنحدر من 56 جنسية، ويتحدث أبناؤها 70 لغة، ويتبعون عدة مذاهب وطوائف إسلامية من السنة الى الصوفية ومن الشيعة الى السلفية مرورا بالطريقة الأحمدية وغيرها من الطرق والفرق الإسلامية".
اقرأ أيضا: جنود إسرائيل الغربيون2.. بريطانيون يخرقون القانون بالانضمام لجيش الاحتلال
أبواب موصدة
تنتقد أصوات مسلمة وغير مسلمة سلوك أئمة المساجد في بريطانيا، بخاصة ما يتعلق بالعلاقة مع المجتمعات المحلية غير المسلمة، ومدى الانفتاح على هذه المجتمعات لتعريفها بحقيقة الدين الإسلامي وجوهر تعاليمه. ويأخذ منتقدو اللجان المشرفة على المساجد إغلاق الأبواب أمام غير المسلمين، وعدم التفاعل بشكل إيجابي مع المحيط غير المسلم، مما يولد سوء فهم عند الكثير من غير المسلمين.
وربما هذا ما يفسر دعوة عدد من المؤسسات والشخصيات الإسلامية الى ضرورة فتح أبواب المساجد أمام غير المسلمين، وإتاحة الفرصة لهم للتفاعل مع المسلمين للتعرف بشكل أفضل على الإسلام.
أدت الانتقادات السابقة إلى طرح مبادرة من القائمين على المساجد تحت عنوان "زر مسجدي"، لدعوة غير المسلمين لزيارة المساجد، ليروا ما بها وليلتقوا بالمسلمين ويتحدثوا معهم، في محاولة لتحسين الصورة الذهنية، عن المسلمين لدى البريطانيين، ونزع فتيل الخوف والتوتر الذي ساهمت فيه وسائل الإعلام البريطانية وبعض الخطابات السياسية، وتصرفات الجهاديين، ما أدى إلى تعرض المسلمين ومساجدهم ومراكزهم الإسلامية إلى اعتداءات، وأعمال عنف، وتحريض وكتابة شعارات عنصرية على جدرانها، وإلقاء قنابل حارقة عليها، بل وممارسة القتل على أساس الشكل.
اقرأ أيضا: 7 عوامل أنهت الصراع في إيرلندا
عدم ثقة متبادلة بين الحكومة والأئمة
لا تبدي الحكومة البريطانية الكثير من الود للمساجد أو أئمتها، لا سيما الذين يعملون بشكل أشبه الى السرية في منازل حولت إلى مساجد أو مراكز للتعليم الإسلامي، ولطالما حذرت الحكومة البريطانية هؤلاء الأئمة من القيام بأي أنشطة تحرض على العنف أو تمجد الأعمال الإرهابية.
تجلى هذا الموقف الحكومي بشكل واضح إثر هجمات باريس في يناير/ كانون الثاني، وقتها تلقى أكثر من ألف إمام رسالة من وزير الأقاليم والحكم المحلي، إريك بيكلز، حثهم فيها على أن يفسروا للمسلمين كيف يمكن أن يكون الإسلام "جزءاً من الهوية البريطانية"، مؤكدا أن مسؤولية اجتثاث ثقافة الكراهية تقع على عاتقهم. وفي رسالته، اعتبر بيكلز أنه يتعين على الأئمة أن يساعدوا الحكومة في أن تفعل شيئاً لا يمكنها تحقيقه بمفردها.
وقال في الرسالة: "أنتم كرجال دين تتبوأون مقاماً رفيعاً في مجتمعاتكم، تملكون فرصة ثمينة وتتحملون مسؤولية مهمة: أن تشرحوا وتفسروا كيف يمكن للإيمان بالإسلام أن يكون جزءاً من الهوية البريطانية". وأضاف "علينا أن نظهر لشبابنا الذين يمكن أن يُستهدَفوا أن المتطرفين لا يملكون شيئاً ليقدموه لهم، عليكم أن تظهروا لهم أن هؤلاء الرجال الذين يكنون الكراهية لا مكان لهم في مساجدكم أو أي مكان عبادة".
اقرأ أيضا: الإندبندنت: المخابرات البريطانية عذّبت إسلاميين في سجون مصرية
مسلمون: فخورون بانتمائنا لبريطانيا
أظهر مسح أجرته في العام 2007 مؤسسة Policy Exchange أن 86% من مسلمي بريطانيا يعتقدون أن دينهم هو أهم شيء في حياتهم. غير أن هذا لا يمنع أغلبية مسلمي بريطانيا من الاعتزاز بهويتهم كمواطنين بريطانيين.
وفي هذا السياق يقول رئيس منظمة "كويليام" لمكافحة التطرف في بريطانيا، هراس رفيق في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": إن "المسلمين البريطانيين لديهم روابط مشتركة مع المجتمع البريطاني، أكثر من تلك التي تجمعهم بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بداعش صاحب الممارسات البربرية المنفرة"، ويتساءل رفيق عن السبب وراء مطالبة المسلمين البريطانيين دائما بإدانة الأعمال الوحشية لتنظيم داعش، قبل غيرهم، على الرغم من رفضهم المعلن والدائم لها. وتابع رفيق هراس بالتأكيد نتحدث مع المجتمع البريطاني بأن داعش،يتشوه الإسلام بشكل حاد، وأنهم يستعينون بالتفسيرات الحرفية للعقيدة، كما انهم يرتكبون أعمال عنف باسم الدين.
ودعا هراس المسلمين في بريطانيا والأئمة بشكل خاص إلى الدفاع عن عقيدتهم ضد الإسلاميين المتطرفين، مضيفا أن الدين الإسلامي يتوافق تماما مع حقوق الإنسان، وأن معتقداته ليست خروجا عن المألوف في بريطانيا اليوم، متابعا "ربما يجب على الأئمة أن يصرحوا بهذا بصوت أعلى".
وتفتقد بريطانيا إلى إحصاء دقيق لعدد المساجد على الرغم من أن أقرب تقدير لها يصل إلى نحو 1600 مسجد، ومن أقدم وأهم المساجد في بريطانيا، مسجد شاه جهان الذي بني سنة 1889، بتمويل من شاه جهان (ملكة مسلمة حكمت إقليم بهوبا في الهند خلال القرن التاسع عشر). وصممه المهندس عالم اللغويات والمستشرق البريطاني ذو الأصول المجرية غوتليب ويهيلم ليتنر، ليكون مكانا للصلاة لطلاب "معهد الدراسات الشرقية" بالقرب من بلدة ووكينغ في ساري. يليه في القدم مسجد ليفربول الذي شيده هنري ويليام كويليام البريطاني الأصل بعد اعتناقه الإسلام وإطلاقه اسم عبد الله كويليام على نفسه، وافتتح المسجد أبوابه عام 1891.
ويعتبر مسجد "ريجنت بارك" الذي تأسس سنة 1977 المسجد الرئيس في لندن والأكبر في بريطانيا، وهو من تصميم المهندس المعماري البريطاني سير فريدريك جيبرد.
-------
اقرأ أيضا:
توت عنخ آمون.. تشويه قناع الملك بالمتحف المصري
مشاكل الأئمة
في أبريل/ نيسان الماضي، نشرت صحيفة التايمز البريطانية، مقالا لشهيد مالك، عضو البرلمان البريطاني السابق عن حزب العمال في ديوزبري شمال غربي بريطانيا منذ 2005 إلى 2010، بعنوان "الأئمة لا يزالون يدفنون رؤوسهم في الرمال". مالك قال في مقاله، إنه كان في ديوزبري لمواساة اسرتين تواجهان الكابوس الذي يخيف الكثير من الآباء المسلمين، إذ يعتقد أن ابني الأسرتين سافرا للجهاد في سورية.
تشي الرسائل الموجهة من مستويات سياسية متعددة في بريطانيا، بأزمة بين الدولة والأئمة، فيما تعاني المساجد البريطانية من عدد من المشاكل التي تؤثر على دورها سواء داخل المجتمع الإسلامي أو في التفاعل مع المحيط الأوسع غير المسلم.
وتشير الدراسات المسحية والتحقيقات التي أجرتها مؤسسات إسلامية وأكاديمية، إلى أن أبرز المشاكل التي تعاني منها المساجد ومراكز التعليم الإسلامي تتمثل في عدم كفاءة الأئمة وعدم قدرتهم على تبليغ أصول الدين وتعاليمه بشكل صحيح للمسلمين، ناهيك عن عدم قدرتهم على التواصل بشكل ناجح مع المحيط غير الإسلامي، لا سيما أن 97 بالمئة من هؤلاء الأئمة قادمون من الخارج أو تلقوا تعليمهم الديني في الخارج، حسب نتائج دراسة نشرتها مؤسسة "كويليام لمناهضة التطرف" وعلاوة على ذلك، وجدت دراسة استقصائية قام بها فريق من جامعة تشيستر في العام 2007 ، وشملت 300 مسجد، أن 6 في المائة فقط من الأئمة يتحدثون اللغة الإنجليزية كلغة أولى.
ويؤكد أحمد مشتهي، بريطاني من أصول يمنية، معاناة مسلمي بريطانيا من الأئمة قائلا: "الكثير من الأئمة يأتون الى بريطانيا بعد أن تلقوا تعليمهم أو تدريبهم في بلدان أخرى مثل باكستان وبنغلادش، وللأسف يأتون الى بريطانيا بأفكار ومفاهيم لا تتناسب والحياة المدنية السائدة في هذه البلاد، بل وتتسم في أحيان كثيرة بالتشدد، الذي لا يليق بالإسلام وروحه المعتدلة والمتسامحة، مما يعرضهم لصدام مع الدولة والمجتمع.
أما الشاب زاهي رجوب، (مهاجر لبناني)، فيرى أن المشكلة الأساسية، تتمثل في أن الغالبية الساحقة من الأئمة الذين يأتون من البلدان الإسلامية هم من كبار السن، بينما الشريحة الأوسع ممن يرتادون المساجد في بريطانيا من الشباب.
يتابع الشاب قائلا لـ"العربي الجديد": "هذا لا يساعد على التواصل بين الإمام المُسن ومرتادي المسجد من الشباب، وهذا الوضع يؤثر سلبيا على طبيعة الدور المُفترض أن يلعبه المسجد والإمام في تأهيل وتثقيف الشباب المسلم".
ويضيف رجوب متابعا: "الغالبية العظمى من الأئمة الأجانب الذين يشرفون على المساجد والمراكز الإسلامية في بريطانيا غير مطلعين بشكل كاف على النظام السياسي والاجتماعي والقانوني والاقتصادي في البلاد، كما تتحدث نسبة قليلة جدا منهم اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهذه عوامل تؤثر سلبيا على عملية التبليغ وإيصال الرسالة الصحيحة عن الدين الإسلامي لأتباعه الذين لا يتحدثون إلا اللغة الإنجليزية، بل ربما تسيء للإسلام وتشوه حقيقته.
وما يزيد المسألة صعوبة أن الجالية المسلمة في بريطانيا تنحدر من 56 جنسية، ويتحدث أبناؤها 70 لغة، ويتبعون عدة مذاهب وطوائف إسلامية من السنة الى الصوفية ومن الشيعة الى السلفية مرورا بالطريقة الأحمدية وغيرها من الطرق والفرق الإسلامية".
اقرأ أيضا: جنود إسرائيل الغربيون2.. بريطانيون يخرقون القانون بالانضمام لجيش الاحتلال
أبواب موصدة
تنتقد أصوات مسلمة وغير مسلمة سلوك أئمة المساجد في بريطانيا، بخاصة ما يتعلق بالعلاقة مع المجتمعات المحلية غير المسلمة، ومدى الانفتاح على هذه المجتمعات لتعريفها بحقيقة الدين الإسلامي وجوهر تعاليمه. ويأخذ منتقدو اللجان المشرفة على المساجد إغلاق الأبواب أمام غير المسلمين، وعدم التفاعل بشكل إيجابي مع المحيط غير المسلم، مما يولد سوء فهم عند الكثير من غير المسلمين.
وربما هذا ما يفسر دعوة عدد من المؤسسات والشخصيات الإسلامية الى ضرورة فتح أبواب المساجد أمام غير المسلمين، وإتاحة الفرصة لهم للتفاعل مع المسلمين للتعرف بشكل أفضل على الإسلام.
أدت الانتقادات السابقة إلى طرح مبادرة من القائمين على المساجد تحت عنوان "زر مسجدي"، لدعوة غير المسلمين لزيارة المساجد، ليروا ما بها وليلتقوا بالمسلمين ويتحدثوا معهم، في محاولة لتحسين الصورة الذهنية، عن المسلمين لدى البريطانيين، ونزع فتيل الخوف والتوتر الذي ساهمت فيه وسائل الإعلام البريطانية وبعض الخطابات السياسية، وتصرفات الجهاديين، ما أدى إلى تعرض المسلمين ومساجدهم ومراكزهم الإسلامية إلى اعتداءات، وأعمال عنف، وتحريض وكتابة شعارات عنصرية على جدرانها، وإلقاء قنابل حارقة عليها، بل وممارسة القتل على أساس الشكل.
اقرأ أيضا: 7 عوامل أنهت الصراع في إيرلندا
عدم ثقة متبادلة بين الحكومة والأئمة
لا تبدي الحكومة البريطانية الكثير من الود للمساجد أو أئمتها، لا سيما الذين يعملون بشكل أشبه الى السرية في منازل حولت إلى مساجد أو مراكز للتعليم الإسلامي، ولطالما حذرت الحكومة البريطانية هؤلاء الأئمة من القيام بأي أنشطة تحرض على العنف أو تمجد الأعمال الإرهابية.
تجلى هذا الموقف الحكومي بشكل واضح إثر هجمات باريس في يناير/ كانون الثاني، وقتها تلقى أكثر من ألف إمام رسالة من وزير الأقاليم والحكم المحلي، إريك بيكلز، حثهم فيها على أن يفسروا للمسلمين كيف يمكن أن يكون الإسلام "جزءاً من الهوية البريطانية"، مؤكدا أن مسؤولية اجتثاث ثقافة الكراهية تقع على عاتقهم. وفي رسالته، اعتبر بيكلز أنه يتعين على الأئمة أن يساعدوا الحكومة في أن تفعل شيئاً لا يمكنها تحقيقه بمفردها.
وقال في الرسالة: "أنتم كرجال دين تتبوأون مقاماً رفيعاً في مجتمعاتكم، تملكون فرصة ثمينة وتتحملون مسؤولية مهمة: أن تشرحوا وتفسروا كيف يمكن للإيمان بالإسلام أن يكون جزءاً من الهوية البريطانية". وأضاف "علينا أن نظهر لشبابنا الذين يمكن أن يُستهدَفوا أن المتطرفين لا يملكون شيئاً ليقدموه لهم، عليكم أن تظهروا لهم أن هؤلاء الرجال الذين يكنون الكراهية لا مكان لهم في مساجدكم أو أي مكان عبادة".
اقرأ أيضا: الإندبندنت: المخابرات البريطانية عذّبت إسلاميين في سجون مصرية
مسلمون: فخورون بانتمائنا لبريطانيا
أظهر مسح أجرته في العام 2007 مؤسسة Policy Exchange أن 86% من مسلمي بريطانيا يعتقدون أن دينهم هو أهم شيء في حياتهم. غير أن هذا لا يمنع أغلبية مسلمي بريطانيا من الاعتزاز بهويتهم كمواطنين بريطانيين.
وفي هذا السياق يقول رئيس منظمة "كويليام" لمكافحة التطرف في بريطانيا، هراس رفيق في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": إن "المسلمين البريطانيين لديهم روابط مشتركة مع المجتمع البريطاني، أكثر من تلك التي تجمعهم بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بداعش صاحب الممارسات البربرية المنفرة"، ويتساءل رفيق عن السبب وراء مطالبة المسلمين البريطانيين دائما بإدانة الأعمال الوحشية لتنظيم داعش، قبل غيرهم، على الرغم من رفضهم المعلن والدائم لها. وتابع رفيق هراس بالتأكيد نتحدث مع المجتمع البريطاني بأن داعش،يتشوه الإسلام بشكل حاد، وأنهم يستعينون بالتفسيرات الحرفية للعقيدة، كما انهم يرتكبون أعمال عنف باسم الدين.
وتفتقد بريطانيا إلى إحصاء دقيق لعدد المساجد على الرغم من أن أقرب تقدير لها يصل إلى نحو 1600 مسجد، ومن أقدم وأهم المساجد في بريطانيا، مسجد شاه جهان الذي بني سنة 1889، بتمويل من شاه جهان (ملكة مسلمة حكمت إقليم بهوبا في الهند خلال القرن التاسع عشر). وصممه المهندس عالم اللغويات والمستشرق البريطاني ذو الأصول المجرية غوتليب ويهيلم ليتنر، ليكون مكانا للصلاة لطلاب "معهد الدراسات الشرقية" بالقرب من بلدة ووكينغ في ساري. يليه في القدم مسجد ليفربول الذي شيده هنري ويليام كويليام البريطاني الأصل بعد اعتناقه الإسلام وإطلاقه اسم عبد الله كويليام على نفسه، وافتتح المسجد أبوابه عام 1891.
ويعتبر مسجد "ريجنت بارك" الذي تأسس سنة 1977 المسجد الرئيس في لندن والأكبر في بريطانيا، وهو من تصميم المهندس المعماري البريطاني سير فريدريك جيبرد.
-------
اقرأ أيضا:
توت عنخ آمون.. تشويه قناع الملك بالمتحف المصري