تتسع رقعة الفقر في اليمن بصورة كبيرة، يقابلها ضعف في البرامج الكفيلة للحد من الفقر والبطالة. فالمصارف لا تهتم بهذه الشريحة، وإن قدمت خدمات تمويلية، فهي تضع شروطاً يقف أمامها الفقراء عاجزين. ووفق دراسة حديثة لوكيل وزارة المال، أحمد حجر، فإن المستوى المعيشي للغالبية العظمى من السكان، اتجه نحو حدود الفقر في عام 2010، تم اتجه إلى ما دون حدود خط الفقر الغذائي في 2015. وتشير الدراسة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، إلى أن نسبة السكان تحت خط الفقر ارتفعت من 42% عام 2010 إلى 62% في 2014، وتجاوزت 80% في 2015. ويؤكد حجر، في دراسته، أن هذه الأرقام تنعكس على مستويات البطالة التي شهدت ارتفاعاً خلال السنوات الماضية، حيث أظهرت البيانات الرسمية أن البطالة ارتفعت إلى 80% في عام 2015، بعد أن كانت لا تتعدى 25% في عام 2014.
في ظل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة، تبدو تجربة بنوك الفقراء، إن وجدت، ضعيفة ولا تقوم بالدور المطلوب منها. ففي اليمن تقلص عدد بنوك الفقراء إلى بنكين فقط من بين 17 بنكاً في السوق.
يقول الشاب صهيب أحمد: "انتقلت من بنك إلى آخر لإيجاد قرض مالي بقيمة مليون ريال يمني (ما يعادل 4.000 دولار) من أجل تطوير مشروعي المتمثل في تجارة وصيانة الجوالات". ويضيف أنه "يواجه شروطاً معقدة وضمانات تعجيزية من مختلف المصارف، بما فيها بنوك الفقراء المعنية بالتمويل".
يقول الخبير المالي أحمد سعيد شماخ: "إن التنوع في المصارف اليمنية لم يشكل ميزة في تقديم حزمة من الخدمات وتمويل البرامج والمشاريع الصغيرة، خاصة أنها لا تملك سياسات واضحة في دعم شرائح المجتمع والمساهمة في التقليل من البطالة. وبصورة إجمالية، فإن المصارف اليمنية لا تعمل في مجال دعم المشاريع التنموية، ويقتصر عملها على السحب والإيداع وأذون الخزانة".
اقتصاد ضعيف
إجراءات معقدة وشروط وضمانات تفوق قدرة الفقراء عند لجوئهم إلى المصارف اليمنية، بما فيها المصارف المختصة بالتمويل، وفق الخبير شماخ. ويشير شماخ إلى أن ارتفاع نسبة الفائدة لا يساعد المقترض على تحقيق النجاح، ويعمل على التهام الفائدة المرجوة من قبل أصحاب المشاريع، الأمر الذي يتطلب توطيد العلاقة بين المقترضين والمصارف. ويقول شماخ: "إن تجربة مصارف الفقراء في اليمن غير ناجحة، خاصة في ظل اقتصاد ضعيف، إلى جانب أن المصارف التي تسمي نفسها بنوك التمويل الأصغر، لا تسمح بتمويل الفقراء وتنمية المشاريع، فعملها لا يتطابق مع بقية المصارف التمويلية في العالم، خاصة بنوك الفقراء".
اقــرأ أيضاً
أما أحمد الدبعي، فيقول: "إن عملية التمويل مسألة معقدة، فقد تعاقدت مع أحد البنوك الإسلامية للحصول على تمويل خاص لمشروعي في تجارة الملابس، من خلال توفير البضائع وبيعها للمصرف وفق صيغة المرابحة التي تعمل بها هذه البنوك"، ويشير إلى أنه لم يحصل على أية رعاية من الجهة المقرضة، ولا يعرف منها سوى المطالبة بالقسط الشهري". استطاع الدبعي بعد عام أن ينتهي من سداد ما عليه، إلا أنه وجد نفسه يعمل طوال تلك الفترة لحساب الجهة الممولة من دون أن يحقق أي نجاح.
لا مجال أمام الكثير من الفقراء للتخلص من فقرهم من خلال مشاريعهم الخاصة، فالجهات المعنية غائبة ولا دور لها، كما أن برامج المصارف تبدو غير ناجعة للفقراء. ويرى الباحث الاقتصادي عامر عبد الوهاب، أن غياب الرؤى المدروسة من قبل الجهات التمويلية يحول دون تغطية حاجة الفقراء وذوي الدخل المحدود إلى مشاريع صغيرة تساعدهم على الإنتاج والخروج من دائرة الفقر. ويقول: "إن الواقع اليمني يتطلب إيجاد برامج تمويلية بفائدة تتناسب مع قدرة هذه المشاريع الصغيرة على النهوض، إلى جانب تقديم الاستشارات لضمان نجاح هذه المشاريع وتحقيق أهدافها".
بدوره، أحمد سعيد شماخ يرى أنه من الممكن لتجربة بنك الفقراء في اليمن أن تحقق النجاح، خاصة أن مقومات هذا النجاح متوفرة في مختلف المجالات الواعدة بتبني مشاريع صغيرة واسعة ومتعددة، وهناك متسع كبير لإقامة أنشطة في مختلف القطاعات، سواء الزراعية أو الصناعية أو الحرفية أو السياحية أو الخدمية أو غيرها.
تجربة حديثة
في هذا السياق، يقول غمدان عبده عون، المدير المالي لبنك الأمل للفقراء، لـ"العربي الجديد": "إن بنك الأمل للفقراء في اليمن يستحوذ الآن على أكثر من 40% من الحصة السوقية لقطاع صناعة التمويل الأصغر في اليمن"، ويشير إلى أن البنك يقدم خدماته ومنتجاته المالية وفقاً للصيغ الإسلامية، وذلك بناء على دراسته الميدانية وتقييمه لاحتياجات عملائه التمويلية".
ويؤكد عون أن البنك الذي يعمل في اليمن منذ 7 سنوات، استطاع أن يقدم قصص نجاح في جانب التمويل المرتبط بعملائه من ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن تحقيقه مكانة دولية رفيعة، وذلك بفضل البيئة التشريعية لصناعة التمويل الأصغر في اليمن، والتي تعتبر متقدمة مقارنة بالعديد من الدول العربية، إلى جانب قيامه بدراسة وتقييم الأثر الناتج من تقديم خدماته التمويلية من خلال نظام متابعة وتقييم لما بعد عملية منح القروض، وذلك لضمان تحقيق هذه المشاريع أهدافها.
ويرى الخبير المالي، أحمد سعيد شماخ، أن هناك مستقبلاً كبيراً للتمويل والتمويل الأصغر، وذلك بعد الاستقرار وانتهاء الحرب. ويطالب شماخ بوجود بنوك للتمويل والتمويل الأصغر، وأن تكون هذه البنوك حقيقية وليست شكلية، وأن تستمد أهدافها من الواقع اليمني، مع الاستفادة من تجارب وقصص نجاح دول العالم الفقيرة، فضلاً عن إيجاد قوانين وتشريعات تضبط عملية التمويل وترتقي إلى مستوى الأهداف والتوجهات المتعلقة بإيجاد بنوك التمويل الأصغر، وهذا لا يمكن أن يتم إلا في ظل سياسات وإصلاحات وإجراءات واضحة وشفافة على أرض الواقع، مؤكداً أنه لا يمكن للبلدان أن تتقدم إلا من خلال صناديق متخصصة لدعم المشاريع التنموية، فضلاً عن وجود بنوك للتمويل.
في ظل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة، تبدو تجربة بنوك الفقراء، إن وجدت، ضعيفة ولا تقوم بالدور المطلوب منها. ففي اليمن تقلص عدد بنوك الفقراء إلى بنكين فقط من بين 17 بنكاً في السوق.
يقول الشاب صهيب أحمد: "انتقلت من بنك إلى آخر لإيجاد قرض مالي بقيمة مليون ريال يمني (ما يعادل 4.000 دولار) من أجل تطوير مشروعي المتمثل في تجارة وصيانة الجوالات". ويضيف أنه "يواجه شروطاً معقدة وضمانات تعجيزية من مختلف المصارف، بما فيها بنوك الفقراء المعنية بالتمويل".
يقول الخبير المالي أحمد سعيد شماخ: "إن التنوع في المصارف اليمنية لم يشكل ميزة في تقديم حزمة من الخدمات وتمويل البرامج والمشاريع الصغيرة، خاصة أنها لا تملك سياسات واضحة في دعم شرائح المجتمع والمساهمة في التقليل من البطالة. وبصورة إجمالية، فإن المصارف اليمنية لا تعمل في مجال دعم المشاريع التنموية، ويقتصر عملها على السحب والإيداع وأذون الخزانة".
اقتصاد ضعيف
إجراءات معقدة وشروط وضمانات تفوق قدرة الفقراء عند لجوئهم إلى المصارف اليمنية، بما فيها المصارف المختصة بالتمويل، وفق الخبير شماخ. ويشير شماخ إلى أن ارتفاع نسبة الفائدة لا يساعد المقترض على تحقيق النجاح، ويعمل على التهام الفائدة المرجوة من قبل أصحاب المشاريع، الأمر الذي يتطلب توطيد العلاقة بين المقترضين والمصارف. ويقول شماخ: "إن تجربة مصارف الفقراء في اليمن غير ناجحة، خاصة في ظل اقتصاد ضعيف، إلى جانب أن المصارف التي تسمي نفسها بنوك التمويل الأصغر، لا تسمح بتمويل الفقراء وتنمية المشاريع، فعملها لا يتطابق مع بقية المصارف التمويلية في العالم، خاصة بنوك الفقراء".
أما أحمد الدبعي، فيقول: "إن عملية التمويل مسألة معقدة، فقد تعاقدت مع أحد البنوك الإسلامية للحصول على تمويل خاص لمشروعي في تجارة الملابس، من خلال توفير البضائع وبيعها للمصرف وفق صيغة المرابحة التي تعمل بها هذه البنوك"، ويشير إلى أنه لم يحصل على أية رعاية من الجهة المقرضة، ولا يعرف منها سوى المطالبة بالقسط الشهري". استطاع الدبعي بعد عام أن ينتهي من سداد ما عليه، إلا أنه وجد نفسه يعمل طوال تلك الفترة لحساب الجهة الممولة من دون أن يحقق أي نجاح.
لا مجال أمام الكثير من الفقراء للتخلص من فقرهم من خلال مشاريعهم الخاصة، فالجهات المعنية غائبة ولا دور لها، كما أن برامج المصارف تبدو غير ناجعة للفقراء. ويرى الباحث الاقتصادي عامر عبد الوهاب، أن غياب الرؤى المدروسة من قبل الجهات التمويلية يحول دون تغطية حاجة الفقراء وذوي الدخل المحدود إلى مشاريع صغيرة تساعدهم على الإنتاج والخروج من دائرة الفقر. ويقول: "إن الواقع اليمني يتطلب إيجاد برامج تمويلية بفائدة تتناسب مع قدرة هذه المشاريع الصغيرة على النهوض، إلى جانب تقديم الاستشارات لضمان نجاح هذه المشاريع وتحقيق أهدافها".
بدوره، أحمد سعيد شماخ يرى أنه من الممكن لتجربة بنك الفقراء في اليمن أن تحقق النجاح، خاصة أن مقومات هذا النجاح متوفرة في مختلف المجالات الواعدة بتبني مشاريع صغيرة واسعة ومتعددة، وهناك متسع كبير لإقامة أنشطة في مختلف القطاعات، سواء الزراعية أو الصناعية أو الحرفية أو السياحية أو الخدمية أو غيرها.
تجربة حديثة
في هذا السياق، يقول غمدان عبده عون، المدير المالي لبنك الأمل للفقراء، لـ"العربي الجديد": "إن بنك الأمل للفقراء في اليمن يستحوذ الآن على أكثر من 40% من الحصة السوقية لقطاع صناعة التمويل الأصغر في اليمن"، ويشير إلى أن البنك يقدم خدماته ومنتجاته المالية وفقاً للصيغ الإسلامية، وذلك بناء على دراسته الميدانية وتقييمه لاحتياجات عملائه التمويلية".
ويؤكد عون أن البنك الذي يعمل في اليمن منذ 7 سنوات، استطاع أن يقدم قصص نجاح في جانب التمويل المرتبط بعملائه من ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن تحقيقه مكانة دولية رفيعة، وذلك بفضل البيئة التشريعية لصناعة التمويل الأصغر في اليمن، والتي تعتبر متقدمة مقارنة بالعديد من الدول العربية، إلى جانب قيامه بدراسة وتقييم الأثر الناتج من تقديم خدماته التمويلية من خلال نظام متابعة وتقييم لما بعد عملية منح القروض، وذلك لضمان تحقيق هذه المشاريع أهدافها.
ويرى الخبير المالي، أحمد سعيد شماخ، أن هناك مستقبلاً كبيراً للتمويل والتمويل الأصغر، وذلك بعد الاستقرار وانتهاء الحرب. ويطالب شماخ بوجود بنوك للتمويل والتمويل الأصغر، وأن تكون هذه البنوك حقيقية وليست شكلية، وأن تستمد أهدافها من الواقع اليمني، مع الاستفادة من تجارب وقصص نجاح دول العالم الفقيرة، فضلاً عن إيجاد قوانين وتشريعات تضبط عملية التمويل وترتقي إلى مستوى الأهداف والتوجهات المتعلقة بإيجاد بنوك التمويل الأصغر، وهذا لا يمكن أن يتم إلا في ظل سياسات وإصلاحات وإجراءات واضحة وشفافة على أرض الواقع، مؤكداً أنه لا يمكن للبلدان أن تتقدم إلا من خلال صناديق متخصصة لدعم المشاريع التنموية، فضلاً عن وجود بنوك للتمويل.