قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبشكل عنيف، مساء اليوم الثلاثاء، اعتصاماً للفلسطينيين في منطقة باب الأسباط، أحد أبواب المسجد الأقصى، رفضاً لإجراءات الاحتلال الأخيرة في المسجد، بنصب بوابات إلكترونية على أبوابه.
ودارت مواجهات عنيفة في باب الأسباط بين مئات الشبان وجنود الاحتلال، والذين هاجموا المحتشدين في المكان بعنف وقوة، مطلقين قنابل الغاز والصوت، وعبر الاعتداء عليهم بالضرب، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الإصابات.
ومن بين المصابين الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية بالقدس، والذي أصيب بشظايا قنبلة صوت أطلقها جنود الاحتلال لتفريق المعتصمين، إضافة إلى أمين سر حركة "فتح" في القدس وعضو مجلسها الثوري، عدنان غيث، الذي أصيب بعيار مطاطي، وأيضا الصحافي محمد صادق، والناشط أسامة برهم، ولا تزال المواجهات مستمرة.
وفي السياق، أكد عمار صبري، نجل الشيخ عكرمة صبري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن والده تعرض، بالإضافة إلى شظايا قنبلة الصوت، لاعتداء بالضرب على أنحاء مختلفة من جسمه، خاصة الرأس، ما تسبب بإصابته بنزيف، واصفا حالته بـ"المستقرة".
وأثناء إطلاق قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز وقمع الجموع هناك، وجّه نشطاء نداء إلى طواقم الإسعاف للتوجه إلى باب الأسباط، وقد وصفوا الوضع هناك بالخطير، خاصة مع اتساع نطاق المواجهات إلى حارتي باب حطة والسعدية في البلدة القديمة من القدس.
ووفقاً لطواقم إسعاف محلية، فقد أصيب ثلاثة من المسعفين نتيجة تعرضهم للضرب بالهراوات من قبل جنود الاحتلال.
وفي حصيلة نهائية للهلال الأحمر الفلسطيني، لمواجهات باب الأسباط والبلدة القديمة في القدس، فقد تبين إصابة 14 فلسطينياً نقلوا إلى المستشفيات في القدس، منها إصابة خطيرة بالصدر، بينما أصيب عشرون آخرون تمت معالجتهم ميدانياً، في حين قامت قوات الاحتلال بالاعتداء على سيارة إسعاف بقنبلة صوت، وجرى الاعتداء كذلك بالهجوم على أحد طواقم الهلال داخل سيارة الإسعاف.
وأفاد أحد النشطاء من باب حطة لـ"العربي الجديد" بأن دوريات الاحتلال العسكرية تقوم في هذه الأثناء بملاحقة سيارات الإسعاف وتفتيشها بحثاً عن مصابين لاعتقالهم، بينما تزداد المواجهات قوة.
وكان آلاف الفلسطينيين من القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ومن بينهم أعضاء فلسطينيون في الكنيست الإسرائيلي، قد أدّوا صلاة المغرب، مساء اليوم الثلاثاء، في باب الأسباط، أحد الأبواب الرئيسية للمسجد الأقصى، إلى جانب المرجعيات الدينية الإسلامية والقوى الوطنية في المدينة المقدسة، قبل قمعها.
وهتفت الحشود الضخمة، والتي قدرت بأكثر من ثلاثة آلاف شخص، من بينهم أعضاء فلسطينيون في الكنيست الإسرائيلي، هم جمال زحالقة، وحنين الزعبي، وأحمد الطيبي وأسامة السعدي، بهتافات التكبير والبيعة للمسجد الأقصى، وقد غلب عليها هتاف "ع الأقصى رايحين شهداء بالملايين"، و"من شان الله .. يا ضفة يلا" و"هذا الأقصى ما بينهان"، و"إرفع الصوت وعلّي.. الموت ولا المذلة"، و"لن تهزم أمة قائدها محمد"، و"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود"، فيما حضرت قوات كبيرة من جنود الاحتلال في محيط المنطقة، حيث دعا رجال الوقف الشبان إلى الحفاظ على الهدوء وتفويت الفرصة على الاحتلال، حتى يكون بالإمكان الحفاظ على هذه التجمعات المرابطة قرب الأقصى، قبل أن تقمعهم سلطات الاحتلال.
وعقب انتهاء الصلاة، نظم مهرجان خطابي استهله الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية بالقدس، بكلمة، حذّر فيها من "الأقاويل التي تذاع، ومفادها أن عدم ذهابنا إلى البوابات يؤدي إلى ضياع الأقصى".
وقال صبري: "هذه دعوات باطلة، وإن موقفكم الثابت هو الذي يحمي الأقصى من الضياع، ويحفظ حقنا فيه.. إن المرور عبر البوابات الإلكترونية هو ضياع للأقصى"، محذراً من "محاولات التشويش والأضاليل التي يروّجها الاحتلال وإعلامه الكاذب بأن الأوضاع في الأقصى طبيعية"، واصفاً الإعلام الإسرائيلي بأنه "إعلام مضلل ويجب عدم الالتفات لما يروجه من أكاذيب".
وأوضح: "انتبهوا إلى الإعلام الإسرائيلي واحذروا منه"، مؤكداً أن "المرجعيات الدينية هي التي تتابع موضوع الأقصى، وبالتالي إياكم والانسياق إلى أكاذيب إعلام الاحتلال".
بدوره، أكد الشيخ زياد البكري، قاضي القضاة في القدس، على "إجماع المرجعيات الدينية من دون استثناء على عدم الدخول للأقصى عبر البوابات الإلكترونية"، داعياً إلى "شد الرحال للأقصى، والحفاظ على الوحدة، وتفويت الفرصة على الاحتلال".
في حين، حيّا النائب الفلسطيني في الكنيست، أحمد الطيبي، "رباط المقدسيين وصمودهم"، وقال مخاطباً الحشود: "جئنا إلى هنا باسم أهلكم في الداخل المحتل، وبأن المسجد الأقصى هو ملك للمسلمين وحدهم"، داعياً "الحشود إلى الحفاظ على الأقصى، وعلى الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني".
من جهته، وصف مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، البوابات التي نصبتها قوات الاحتلال على أبواب المسجد بأنها "بوابات ظالمة، ويجب إزالتها"، وقال: "هذه هيمنة وسيطرة وإهانة لن نقبل بها لأبناء شعبنا الفلسطيني، وسنبقى مرابطين حتى تزال هذه البوابات، ورسالتنا للعالم أجمع بأننا لن نفرط بالأقصى".