تتزايد حوادث سقوط طائرات عسكرية مصرية في السنوات الأخيرة، و"تعكس حوادث سقوط الطائرات الحربية التابعة للجيش المصري، فشلاً كبيراً في منظومة القوات الجوية، مع تكاثرها بنسبة كبيرة خلال العامين الماضيين"، وفقاً لما يفيد خبير عسكري، لـ"العربي الجديد".
ووصلت حوادث سقوط الطائرات الحربية، إلى نحو 11 حادثة، منذ إبريل/نيسان 2013 وحتى يناير/كانون الثاني الحالي، هذا بخلاف ما لم يتم الإعلان عنه من قبل المؤسسة العسكرية، عبر متحدث رسمي للجيش المصري.
وتحاول مصر زيادة قدراتها العسكرية في مجال الطائرات الحربية، من خلال عقد صفقة شراء لطائرات فرنسية من نوع "رافال"، ولكن هذه الحوادث تفتح مجالاً واسعاً للحديث حول ضرورة رفع كفاءة القدرات القتالية للطيارين، والأهم الاهتمام بالطواقم الهندسية التي تشرف على أعمال الصيانة والتجهيز.
وسقطت مساء الأربعاء، طائرة من نوع "أف 16"، في منطقة فايد بمحافظة الإسماعيلية، شرق مصر، وأسفر الحادث عن مقتل الرائد الطيار محمد جمال عبد العزيز، والنقيب الطيار محمود محمد فؤاد مرسي. وتسبب بالحادث خلل مفاجئ حدث بالطائرة أثناء هبوطها داخل المطار، ويذكر البعض أن "الطائرة اختلّت بالقرب من منطقة سكنية، ولكنها سقطت بالقرب من المطار".
ويشير خبراء عسكريون، إلى أن مسألة سقوط طائرة حربية بسبب خلل فني أو عطل مفاجئ أمر وارد بشكل كبير، ويحدث في كل دول العالم، ولكن الأزمة تكمن في تكرار مثل تلك الحوادث. ويؤكد الخبراء، على ضرورة رفع كفاءة أطقم الطيارين فضلاً عن متابعة دقيقة لأعمال الصيانة، وفتح تحقيق موسع بشأن كل حادثة على حدة، مع ضرورة الربط بينها جميعاً، للخروج بتصوّر عام لتفادي تكرار مثل هذه الأخطاء.
اقرأ أيضاً المرصد السيناوي: 86 طفلا قتلهم قصف الجيش المصري العشوائي
وسقطت أول طائرة عسكرية خلال الفترة الماضية في مسلسل السقوط المستمر، في 21 إبريل 2013، في منطقة العوينات بمحافظة الوادي الجديد، غرب مصر، وأسفر الحادث عن إصابة نحو 7 أشخاص. وتوالت عمليات سقوط الطائرات الحربية، ففي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2013، لقي مدني مصرعه وأصيب آخرون، إثر سقوط طائرة تدريب عسكرية من طراز "ميغ 21" في محافظة الأقصر، جنوب مصر. كما سقطت طائرة "أف 16"، في 8 يناير/كانون الثاني 2014، داخل الأراضي الزراعية بقرية متوه، التابعة لمركز السنبلاوين، بمحافظة الدقهلية. وأعلن متحدث عسكري، في 25 يناير 2014، سقوط طائرة عسكرية في محافظة شمال سيناء، شرق مصر، مؤكداً أنها سقطت في ظروف غامضة.
كما سقطت طائرة عسكرية من دون طيار، بتاريخ 17 مايو/أيار 2014، في المنطقة الواقعة شرق مدينة القنطرة، شرق مصر، على بعد نحو 20 كيلومتراً من الإسماعيلية. وأعلن متحدث عسكري وقتها، أن "القيادة كانت تراقب طيرانها بنسبة وقود معيّنة وعند نفاده هبطت بسلام، وأُعيد تزويدها بالوقود وطارت مجدداً".
في محافظة الفيوم، سقطت طائرة عسكرية بمنطقة كوم أوشيم، في 21 سبتمبر/أيلول 2014، لتوقّف المحرك فجأة، وأسفر الحادث عن مقتل أفراد طاقمها الستة. كما أعلن المتحدث العسكري المصري العميد محمد سمير، في ديسمبر/كانون الأول 2014، سقوط طائرة عسكرية أثناء تنفيذ تدريب مشترك مصري/إماراتي، نتيجة خلل فني، وأسفر عن مقتل طاقمها المكون من أربعة ضباط، مصريان وإماراتيان.
في هذا السياق، يقول مصدر عسكري، إن "أزمة سقوط الطائرات الحربية، مستمرة"، ولم يعلن عن التحقيقات التي تجري في هذا السياق. ويضيف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن "الأعطال المفاجئة واردة ولكن ليس بهذا الكمّ"، مرجّحاً أن "يكون الخلل في الهيئة الهندسية التي تقوم بأعمال الصيانة الدورية". ويُشدّد على أن "أبرز قطاع في الجيش يقوم بعمليات دقيقة في مسألة التجهيزات والرقابة والصيانة هو القوات الجوية، نظراً لأن ثمن المعدات وقطع الغيار باهظة للغاية، وبالتالي فإن الاهتمام بها يكون كبيراً".
ويلفت إلى أن "بعض حوادث الطائرات كانت بسبب ضعف الكفاءة الخاصة بالطيارين، وأغلبها كانت في مهام تدريبية، ولكن في النهاية هناك خلل ما". ويوضح أن "عشرات الطائرات تخرج يومياً، ولم يحدث خلل ما".
من جانبه، يقول الخبير العسكري اللواء يسري قنديل، إن "هناك أزمة بالتأكيد لدى القوات الجوية، في سقوط هذا الكم الهائل من الطائرات خلال الفترة القصيرة تلك".
ويضيف قنديل، لـ "العربي الجديد"، أن "سقوط طائرات خلال عمليات تدريب وارد، ولكن هذا الكمّ يوحي بأن هناك أزمة كبيرة ولا بد من تداركها، حفاظاً على أرواح الطيارين، فضلاً عن المبالغ التي تدفع عن كل طائرة وتصل إلى عشرات الملايين". ويشير إلى "ضرورة فتح تحقيق كبير حول سقوط هذا الكم ومحاسبة المسؤول، فضلاً عن رفع كفاءة العناصر والطيارين، من خلال إرسال بعثات تدريب في الخارج، واستقدام خبراء لتطوير المنظومة". ويؤكد أن "الجيش لديه كفاءات كبيرة في مجال الطيران الحربي، ويجب استغلالها سواء من في الخدمة أو خارجها".
اقرأ أيضاً "هيومن رايتس" عن مصر: أزمة حقوق وخنق للحريات