وفقدت الفلسطينية دعاء أبو عامر، أربعة عشر فرداً من عائلتها عندما قصف الطيران الحربي الإسرائيلي روضة أطفال كانوا قد لجؤوا إليها في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لحمايتهم خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع صيف العام 2014.
ومع تأخر مقاضاة إسرائيل على جرائمها، وتباطؤ السلطة الفلسطينية في إجراءاتها لنقل ملف العدوان وجرائم الإبادة إلى محكمة الجنايات الدولية، عملت دعاء وآخرون على إيصال صوتهم ورسالتهم بطريقة مختلفة هذه المرة، وبجهود ذاتية بالدرجة الأولى.
تقول دعاء لـ"العربي الجديد"، إنه بعد أنّ ادعت اسرائيل أنهم في منطقة مدنية آمنة في خان يونس جنوبي قطاع غزة، قصف الطيران الروضة التي لجؤوا إليها، وصار ثلث عائلتها في عداد الشهداء، وهم شقيقتها وزوجها وأطفالها، وشقيقها وزوجته وأطفاله.
أثارت دعاء قصتها في الإعلام الغربي طوال السنتين الأخيرتين، محاولةً إظهار الإبادة الجماعية التي تعرضت لها عائلتها. وكانت دعاء متيقنة تماماً أنه سيأتي اليوم الذي يُجر فيه مجرمو الحرب الإسرائيليون إلى المحاكمة، حتى وإنّ طال انتظار ذلك، فأرادت أنّ تساهم في الملف.
من بين الأربعة عشر شهيداً الذين فقدتهم دعاء من أسرتها، كان 10 أطفال. ركزّت دعاء على ذلك كثيراً خلال إثارتها لقضيتها في الإعلام الغربي، لأنّ أطفالاً كانوا يحلمون بغد أفضل، صاروا في دقيقة واحدة جتثاً هامدة، بفعل العدوان الإسرائيلي.
تشير دعاء إلى أنّه تم إيداع الشكوى في المحكمة كقضية، و"نحن الآن في مرحلة جمع الشهادات والتوثيق من أجل إكمال ملفات القضية والبدء في النظر فيها". تجزم دعاء أنّ "هدفنا ليس المال، ولكن محاسبة كل من يقف إلى جانب إسرائيل في جرائمها وعدوانها على الفلسطينيين، ويغطي على المأساة التي تتسبب فيها آلة الإجرام الإسرائيلية".
من جهته، يقول الناطق الإعلامي باسم مؤسسة "ماكماهون" القانونية، والتي أوكل لها تقديم الدعاوى، أيمن نجم إنّ هذه القضية هي الأولى من نوعها التي يتم فيها مقاضاة جهات أميركية ومواطنين أثرياء معفين من الضرائب نتيجة للمساعدات المالية الهائلة التي تم تقديمها من قبلهم للمستوطنات الإسرائيلية على مدار الأربعين عاما الماضية.
ويبين نجم أنّ القضية تم إيداعها في السابع من مارس/ آذار من هذا العام، لدى المحكمة الفيدرالية في مقاطعة كولومبيا، مشيراً إلى أنّ الدعوى شملت أيضا شركة بناء، وشركات أمنية، وشركات عقارات، وبنوكاً خاصة، وجميعهم لعبوا دوراً أساسياً في التطوير الهائل لهذه المستوطنات، نتج عنها إقصاء وتهجير 400 ألف مواطن فلسطيني من منازلهم وأراضيهم قسرا .
وتشمل القضية كذلك فلسطينيين تعرضوا بصورة مباشرة لاعتداءات إسرائيلية نتج عنها خسائر بالأرواح أو المنشآت والأراضي الزراعية في مناطق السلطة الفلسطينية.
ويبينّ نجم أنّ المدعين هم فلسطينيون أميركيون وفلسطينيون من مناطق فلسطينية متنوعة بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. وتشمل قائمة المدعين أسماء مثل باسم التميمي، وهو ناشط فلسطيني عانى وما زال يتعرض لشتى أصناف المضايقات والتعذيب نتيجة تسييره لمظاهرات سلمية أسبوعية مناهضة للمستوطنات المقامة على أراضيه وأراضي المواطنين الفلسطينيين.
ومن بين المدعين الكاتبة الأميركية الفلسطينية سوسن أبوهوا، التي تقول: "أريد محكمة في أي مكان، بأي كيفية، لمسائلة هؤلاء الذين قدموا الدعم المالي الذي نتج عنه فقدان أرضي وأملاكي وغربتي".
وقائمة الشركات الأميركية التي تشملها الدعوى تضم أسماء مثل "ريماكس"، و"موتورولا" و"هاولت باكارد"، بالاضافة إلى بنوك إسرائيلية مثل "بنك ناعومي" و"بنك هابوعليم"، وشركات مقاولات كبرى والشركة الأمنية البريطانية G4S وجميعهم مشتركون بجرائم حرب ضد الفلسطينيين، وفق ما يقول نجم.
وتبدو دعاء أبو عامر، مرتاحة للإجراءات التي بدأت ولو متأخرة من أجل إنصاف ضحايا العدوان وضحايا الاستيطان. وتقول إنّ رغبتها الأساسية هي إيصال صورة ما يتعرض له أهالي القطاع من إبادة جماعية وقت الحروب، ويجب على العالم كله أنّ يطلع عليها.
وفقدت دعاء ثلث عائلتها، وتعتقد أنّ اللوبي اليهودي في أميركا لن يقف ساكناً أمام القضية الأولى من نوعها، وسيحاول مواجهة القضية بقوة، ورغم ذلك فإنّ الأهم بالنسبة لدعاء هو إتمام القضية ورفعها، وإثارة كل ما يحد من جرائم إسرائيل ويسهل معاقبتها.