لا تخفي منظمات اللوبي المؤيد لإسرائيل في بريطانيا موقفها من الانتخابات العامة المرتقبة الشهر المقبل، فمنذ أن صوت مجلس النواب البريطاني بغالبية من حزب "العمال" لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، أعلن الكثير من الشخصيات وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل عدم تأييدهم للحزب، بقيادة إيد ميليباند، عقاباً على مواقفه المؤيدة للفلسطينيين والمنتقدة لإسرائيل.
وتعمل منظمات اللوبي الصهيوني منذ أشهر على حشد الجمهور اليهودي البريطاني (حوالي 350 ألف شخص) لأجل التصويت لصالح حزب "المحافظين" بقيادة رئيس الحكومة الحالية ديفيد كاميرون، الذي يحاول من جانبه استمالة الصوت اليهودي.
اقرأ أيضاً (انتخابات بريطانيا تطاول مليارديرات العرب)
ويبدو أن الناخبين اليهود استجابوا بكثافة لنداءات قيادات المنظمات الصهيونية البريطانية، إذ أظهر آخر استطلاع للرأي أن 69 في المائة من يهود بريطانيا سيصوتون لصالح المحافظين مقابل 22 في المائة فقط سيصوتون لحزب "العمال". وقال 65 في المائة ممن شملهم الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه صحيفة "جويش كرونيكل" قبل أسبوع، إنهم يعتبرون زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون أفضل لإسرائيل، مقابل 10 في المائة فقط يعتقدون أن زعيم حزب "العمال"، إيد ميليباند، أفضل لإسرائيل. واعتبر 64 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أن كاميرون أكثر اهتماماً بالقضايا التي تهم اليهود البريطانيين، مقابل 13 في المائة فقط اعتبروا أن ميليباند أكثر اهتماماً.
ولا تحظى الأحزاب الأخرى المتنافسة في الانتخابات المقبلة بأي شعبية في صفوف الناخبين اليهود، إذ قال 2 في المائة فقط إنهم يصوتون لحزب "الأحرار الديمقراطي"، فيما ذكرت نسبة ضئيلة أنهم يصوتون لحزب "الاستقلال" اليميني.
اقرأ أيضاً (أوروبا العقدة الأصعب في الانتخابات البريطانية)
واعتبر 73 في المائة من العينة الممثلة ليهود بريطانيا، أن موقف الأحزاب من إسرائيل عامل "مهم" أو "مهم جداً" في تحديد موقفهم في الانتخابات المقبلة. واعتبر المشاركون في الاستطلاع الذي أجرته صحيفة "جويش كرونيكل" وشارك فيه 650 يهودياً بريطانياً أن رؤية ميليباند لإسرائيل والشرق الأوسط "مسمومة". وكان موقف المشاركين في الاستطلاع سيئاً للغاية من حزب "العمال"، إذ عبّر 8 في المائة فقط عن تأييدهم لموقف الحزب من سياسات إسرائيل، مقابل 61 في المائة يؤيدون موقف حزب المحافظين.
واعتبرت صحيفة "جويش كرونيكل" في افتتاحيتها التي نُشرت يوم الجمعة الماضي، أن نتائج الاستطلاع غير مفاجئة ولكن صادمة. وأشارت إلى أنها غير مفاجئة لأنها تعبّر عن رد فعل طبيعي من الجالية اليهودية على مواقف ميليباند الذي يبدو أقل اهتماماً بها مقارنة بكاميرون. وقالت: "كانت المناسبة الوحيدة التي أبدى فيها ميليباند اهتماماً بإسرائيل عندما هاجمها خلال حرب غزة (في صيف 2014)". أما الصادم في نتائج الاستفتاء، حسب الصحيفة، فهو أن غالبية الجالية اليهودية، ورغم علاقاتها القديمة والمتشعبة مع حزب "العمال"، قررت التخلي عن دعمه في الانتخابات، بل وهاجمت زعيمه بشكل عدائي.
بدوره، رأى الكاتب في صحيفة "جويش كرونيكل" ماركوس ديسش، في تحليل لنتائج الاستطلاع، أن موقف الجالية اليهودية السلبي من حزب "العمال" وزعيمه ايد ميليباند يعود إلى عاملين: أولهما تصدر زعيم حزب "العمال" الأصوات المندّدة بإسرائيل خلال عدوانها على قطاع غزة في صيف العام 2014، وثانيهما تأييد الاعتراف بدولة فلسطين.
والعامل الثاني، بحسب الصحيفة، يعود إلى عدم تجاوب ميليباند مع القضايا التي تهم الجالية اليهودية بالقدر نفسه الذي أبداه زعيم المحافظين ديفيد كاميرون، لاسيما زيارته للأراضي المحتلة في مارس / آذار من العام الماضي، والخطاب القوي الذي ألقاه في الكنيست الإسرائيلي آنذاك.
وتجري انتخابات مجلس العموم البريطاني في السابع من مايو/أيار المقبل، وسط احتدام المنافسة بين الحزبين الرئيسيين "العمال" و"المحافظين" وصعود أحزاب أخرى على حسابهما. وفي استطلاع أخير نشرته صحيفة "صن" البريطانية، تبيّن أن "العمال" يتقدّم على المحافظين بفارق نقطة مئوية واحدة، ما يشير إلى احتدام المنافسة.
وأجرى الاستطلاع معهد "يوغوف"، وبيّن أن نسبة التأييد لحزب "العمال" تبلغ 35 في المئة بلا تغيير عن اليوم السابق، في مقابل 34 في المئة لحزب "المحافظين"، بزيادة نقطة مئوية واحدة عن الاستطلاع السابق. فيما لم تتغير نسبة التأييد لحزب "الاستقلال" المعارض للاتحاد الأوروبي، وحزب "الديمقراطيين الأحرار" الشريك في الائتلاف الحاكم وحزب "الخضر" اليساري، والتي استقرت عند 13 و8 و5 في المئة على التوالي.