توجّه مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي، اليوم الإثنين، إلى ثلاث دول أوروبية، هي النمسا وبلغاريا وسلوفاكيا، في إطار جولة تهدف إلى إجراء مباحثات سياسية، في ظل التوتر الحاصل مع أوروبا على خلفية ملفات عديدة.
ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية، بياناً للخارجية الإيرانية، أوضحت فيه أن عراقجي سيلتقي، خلال زيارته، نظراءه ووزراء خارجية الدول الثلاث، لمناقشة العلاقات الثنائية ومواضيع ذات الاهتمام المشترك، والتطورات الإقليمية والدولية.
وتأتي زيارة عراقجي للقارّة الأوروبية على وقع التوتر في العلاقات الإيرانية الأوروبية، بعد إعلان واشنطن اعتزامها تنظيم مؤتمر مناهض لإيران في بولندا، منتصف فبراير/شباط المقبل، دعمته إسرائيل، ويفترض أن يشارك فيه رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو.
ومن المقرر أن يُجري مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية، لقاءً مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، في فيينا، بحسب ما أورد بيان الخارجية الإيرانية.
قاسمي: لا نتفاوض مع فرنسا
من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، اليوم الإثنين، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أنه لا علاقة لزيارة عراقجي إلى أوروبا بالقناة المالية الخاصة (SPV) التي تنتظرها طهران لتسهيل معاملاتها المالية مع الخارج، مضيفاً أن بلاده "تلقت وعوداً من الأوروبيين بهذا الشأن"، وأنها "تفضّل التريّث إلى أن تعلن أوروبا إنشاءها رسمياً".
وفي ما يتعلق بالتهديدات الفرنسية بفرض عقوبات جديدة على طهران، أكد قاسمي أن بلاده لا تجري أي مباحثات مع فرنسا حول برنامجها الصاروخي، نافياً التصريحات الصادرة بهذا الشأن من قبل باريس. وشدد المتحدث الإيراني على أن طهران لن تغير رأيها حول هذا الملف، ولن تضعه على طاولة الحوار مع أي طرف، مجدداً التأكيد على أن برنامج إيران الصاروخي دفاعي، ويهدف تطويره إلى رفع مستوى قوة الردع، حسب وصفه.
وأوضح قاسمي أن إيران تجري محادثات سياسية مع أطراف عدة، من بينها فرنسا، إذ "تجتمع مع المعنيين فيها مرة كل ستة أشهر لبحث مسائل سياسية واقتصادية وثقافية وعناوين إقليمية ودولية، وهو ما ينطبق على دول أخرى".
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، صرح يوم الجمعة الماضي، بإن باريس مستعدة لفرض مزيد من العقوبات إذا لم يتحقق تقدم في المحادثات بشأن البرنامج الصاروخي.
وقال لو دريان "لقد بدأنا محادثات صعبة جداً، ونحن على استعداد في حال لم تنجح هذه المحادثات لفرض عقوبات صارمة، والإيرانيون يعرفون ذلك".
وأشار قاسمي إلى التطورات المرتبطة بالآلية المالية التي يتوجب على الأطراف الأوروبية تقديمها لطهران لكي تستمر في العمل ببنود الاتفاق النووي، رغم كل العناوين العالقة الأخرى مع ذات الأطراف، فأوضح أن بلاده دخلت في محادثات مع الأوروبيين لتحصل على الضمانات الاقتصادية، مؤكداً التوصل إلى اتفاق حول بعض النقاط من دون أن يعلن عنها. وأعرب عن أن الاتفاق الذي توصلت إليه طهران مع سويسرا حول افتتاح قناة مالية مشتركة للتبادل فيما بينهما، منفصل عن ذاك المفترض تقديمه من قبل الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي تتعرض فيه طهران لضغوطات أوروبية جديدة، رفض المتحدث باسم الخارجية العقوبات التي فرضتها ألمانيا أخيراً على خطوط "ماهان" الجوية، المتهمة باستخدام الطيران المدني لنقل معدات عسكرية لسورية، معتبراً أن خطوة برلين ليست في مكانها، ما دفع طهران إلى توصيل اعتراضها للسفير الألماني لديها، بحسب ما ذكر.
وفي شأن متصل، نقل قاسمي أن طهران تعرف الهدف من وراء دعوة الولايات المتحدة إلى عقد مؤتمر وارسو، متهماً إياها بمحاولة خلق خلاف بين إيران والأوروبيين، وموضحاً أن طهران غير معنية بالأطراف التي ستشارك في المؤتمر المزمع عقده منتصف فبراير/شباط المقبل، لكنها ستراقب سلوكها وستأخذه بعين الاعتبار. وأكد، في هذا الصدد، عدم توجيه دعوة إلى بلاده للمشاركة فيه.
إقليمياً، لفت قاسمي إلى أهمية العلاقات الإيرانية - الروسية، رغم كل الخلافات المطروحة حالياً مع الغرب، وذكر أن طهران وموسكو ستستمران في التعاون في سورية، ورأى أن "أميركا تلعب دوراً مخرباً في المنطقة، لذا لا تتصور إيران حضورها في مسار آستانة".
ظريف: طهران تواجه ترامب
وإلى جانب الضغوطات الخارجية، تتعرض الحكومة الإيرانية لضغوطات داخلية محافظة، بسبب السلوك الغربي المتعلق بالاتفاق النووي.
ولهذا السبب، حضر وزير الخارجية محمد جواد ظريف، صباح الإثنين، جلسة برلمانية للرد على أسئلة وانتقادات للنواب.
وقال ظريف إن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى جرّ أوروبا إلى طرفه، لكن طهران تحاول مواجهته وعزله دوليا، فلم ينجح في مجلس الأمن ولا في قمة الرياض، ولن يحقق ما يريد في مؤتمر وارسو".
ورد ظريف على النواب الذين انتقدوا سلوك تعامل الخارجية مع ما حل بالاتفاق النووي بعد الانسحاب الأميركي منه، في مايو/أيار الماضي، فاعتبر أن "هذه الانتقادات ليست في مكانها، فأميركا هي الطرف الذي يتحمل المسؤولية، كونها انتهكت الاتفاق". وأكد ظريف أن الخارجية قدمت التقارير الدورية المطلوبة منها للجنة المشرفة على تطبيق الاتفاق وللبرلمان، محمّلاً مسؤولية عدم اتخاذ خطوات للنواب أنفسهم طالما أنهم يصرون على توجيه الانتقادات.
وصوّت النواب، في نهاية الجلسة، لصالح إجابات ظريف، فاقتنع 102 نائب بها، بينما خالفها 71، وامتنع سبعة نواب عن التصويت من أصل 194 حضروا الجلسة.
سلامي يهدّد بمحو إسرائيل
وفي سياق متصل، حذّر نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، العميد حسين سلامي، اليوم الإثنين، خلال مؤتمر "الهندسة الدفاعية والأمنية للنظام الإسلامي" المنعقد في طهران، إسرائيل، من شنّ حرب جديدة، مهدداً بـ"محوها من الجغرافيا السياسية في العالم"، ومعتبراً أن ذلك "يمثل استراتيجية بلاده، وستنفذها حال شنّ الكيان الصهيوني حرباً"، على حد تعبيره.
ورأى سلامي أن الولايات المتحدة انهزمت في مواجهة إيران في المنطقة، وأن قدراتها تراجعت وفقدت نفوذها العسكري والسياسي، مستشهداً بالقرار الأميركي للانسحاب من سورية. وقال: "ونحن نفكر ونخطط هنا، تنفذ أفكارنا على بعد آلاف الكيلومترات".
وأضاف أن ما يعتبره البعض نفوذاً إقليمياً لإيران في المنطقة والعالم "ليس نفوذاً مادياً"، لأنه "ليس لها وجود عملي على الأرض في المنطقة"، وإنما "هناك قوى منسجمة معها في أهدافها ومناهجها في المنطقة، ولا أحد بمقدوره إزالة الروابط المعنوية والروحية" بين إيران وهذه القوى، على حد قوله.