هذا ما يُستشفّ من آراء بعض كبار المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، "فالعالم العربي قد يغضب، لكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها. دول أخرى في العالم ستفضّل مصالحها الاقتصادية وهناك دول أفريقية ولاتينية تحتاج المساعدات الإسرائيلية".
على الطرف الآخر هناك من يرى خطوة ترامب "كارثة للسلام".
تسفي مزال، الذي شغل في السابق منصب سفير إسرائيل في السويد ومصر ورومانيا، يرى أن "الخطوة مهمة جداً"، وفق ما أورده موقع "واينيت" العبري، فيما يحذّر المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية أوري سفير أن "هذا الإعلان سيكون بمثابة كارثة للعملية السلمية".
السفير السابق مزال أوضح أنه "في ما يتعلق بالتهديدات من قبل الدول العربية، وتركيا، والفلسطينيين خاصة، فمن الطبيعي أنه في لحظة كهذه سيعلنون أنهم لن يكونوا جزءاً من أية عملية سياسية، ولكن، بما أن الحياة مستمرة وهناك واقع معين، في نهاية المطاف ستعود الأمور إلى مسارها".
وأضاف مزال: "في هذه الأثناء لا توجد عملية سلمية، أما ضوضاء كهذه فموجودة دائماً في منطقة الشرق الأوسط. واضح أنه ستكون هناك ردود فعل معادية، كتنفيذ عمليات وإلقاء حجارة، لكن العالم العربي لن يخرج عن طوره وعن المعتاد، ليست له مصلحة في ذلك، إنه غارق بالمشاكل في سورية وليبيا وغيرهما، فضلاً عن المشاكل الداخلية المختلفة. أما تركيا فلا مصلحة لها بقطع العلاقات مع إسرائيل، فيما نغدق عليها المليارات من خلال السياحة وتربطنا بها تجارة بالنفط والتكنولوجيا وغيرها. ما يحدث هو ضوضاء كبيرة".
وفقاً لتقديرات مزال، فإن العلاقات الدبلوماسية التي أنشأها وطوّرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع دول أفريقية وفي أميركا اللاتينية لن تتضرر بعد إعلان ترامب: "نتنياهو أقام علاقات جيدة جداً مع دول تم إهمالها لفترات طويلة. توجد عملية لإعادة بناء العلاقات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية معها. هذه الجهات ليست مرتبطة مباشرة بالصراع. إنها تتأثر من العرب، بل وقطعت العلاقات عام 1973، ولكن في نهاية المطاف عادت للعمل معنا".
وأردف مزال أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يدرك جيداً الإسقاطات السياسية للإعلان: "هذا إعلان يعترف عملياً بما هو قائم، فنحن لم نفرّط أبداً في أن القدس عاصمة إسرائيل. كل دول العالم التي لها بعثات هنا تصل إلى القدس، إلى الكنيست، إلى وزارة الخارجية ومكتب رئيس الحكومة، بحيث إن الأمور واضحة".
وأضاف "هذه الخطوة تشكّل اختراقاً غاية في الأهمية. الحقيقة أن عدم اعتراف العالم بالقدس عاصمة لإسرائيل هو أمر مصطنع، وكذلك خنوع للعالم العربي. يتم تعريف القدس على أنها مكان منفصل عن إسرائيل وعن دولة عربية، كجزء من خطة التقسيم، ولكن في الواقع فإن كلاً من اليهود والعرب رفضوا التقسيم. هذا قرار انتهت صلاحيته مذ زمن بعيد، ولكن العالم اعتاد عليه. إذاً، الولايات المتحدة تضرب بعرض الحائط هذا الوضع القائم، وتقول كفى، القدس هي عاصمة إسرائيل".
من جهته يرى اوري سافير، أحد مهندسي اتفاق أوسلو، الأمور بمنظور مختلف، ويقول "أعتقد أن إعلان ترامب سيكون كارثياً على العملية السلمية. القدس هي عاصمتنا لأننا نحن من قرر ذلك. نحن لا نريد أن ندخل في دوامة في الشرق الأوسط بسبب المصالح الداخلية لترامب. طالما بقي ترامب رئيساً لن تكون هناك عملية سلمية، ونتمنى ألا يحدث مزيد من العنف. كذلك، يمكن أن يمس هذا الإعلان بالعلاقات الدبلوماسية التي طوّرناها مع تركيا، وأميركا اللاتينية وأفريقيا، ونتنياهو يدرك ذلك".
ألون ليئال، الذي سبق أيضاً أن شغل منصب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وكان سفيراً لإسرائيل في جنوب أفريقيا وتركيا، قال إن "إسرائيل في عام 2017 تشهد زخماً إيجابياً جداً على مستوى العلاقات الدولية، على الرغم من غياب العملية السلمية. إعلان الرئيس ترامب يمكن أن يعزز الأصوات المناهضة لإسرائيل في العالم الإسلامي ويمزّق نسيج العلاقات التي أقامتها إسرائيل مع دول معتدلة في الشرق الأوسط".
وأردف ليئال: "أنا واثق من أن التأثير على أفريقيا وأميركا اللاتينية سيكون في حده الأدنى، باستثناء دول يوجد فيها تركيز عالٍ للمسلمين، مثل نيجيريا وتشيلي. إسرائيل تبقى دولة قوية، عسكرياً واقتصادياً، والعالم الثالث يحتاج مساعداتها".
في ما يتعلق برئيس الحكومة الإسرائيلي، قال ليئال: "نتنياهو يدرك بالطبع المخاطر الدبلوماسية لقرار ترامب، ولا يوجد سياسي إسرائيلي أكثر خبرة منه في هذا المجال. وهو يعرف جيداً مدى هشاشة الزخم الإيجابي الذي خلقه على الساحة الدولية، وكم من السهل العودة إلى أجواء قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2334، الصادر قبل عام بالضبط".
وفي رد فعله على قرار ترامب، رحب نتانياهو بقرار الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لاسرائيل، واصفا اياه بانه "تاريخي" وبانه "قرار شجاع وعادل". وتعهد نتانياهو ايضا بعدم اجراء اي تغييرات على "الوضع القائم" في الاماكن المقدسة في القدس، مؤكدا ان القرار الاميركي لن يغير اي شيء فيما يتعلق بوضع الاماكن المقدسة للاديان السماوية الثلاثة.
يشار إلى أن القرار 2334 هو قرار صدر في ديسمبر/ كانون الأول 2016، طالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وأقر بعدم شرعية المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967.