وترى حركة "جبهة مقاومة الشمال" أنها "تتوسع أكثر فأكثر، وتحصل على مزيد من النفوذ، وفي الوقت ذاته نحن لسنا ممنوعين من العمل وفق القوانين. ورغم الاضطهاد الذي يقع علينا (وهي سمة ادعاء مشتركة بين الفاشيين بلعب دور الضحية في الغرب) ما زلنا نؤدي دورنا، ونقوم بمقاومتنا بشكل فعال كما نرغب وبشكل مسموح وفق القانون الذي يبيح وجودنا. وهذا يعتبر نجاحاً لنا". وتدعو الحركة في أدبياتها، مؤيديها إلى مزيد من الاصطفاف ومنع "تحويل التعاطف باتجاه معارضينا" غير البيض وحركات مناهضة الفاشية، مع تأكيد صريح أنه "حتى إذا حاولوا منع حركتنا من العمل فلن يستطيعوا، وإن تركونا نعمل بشكل غير قانوني وسري فإننا متأكدون من أن عملنا مستقبلاً سيكون ضمن حرب عصابات تحرير الشمال على طريقة أجدادنا القوميين الاشتراكيين، وأننا سنحارب لأجل مستقبلنا ومستقبل أطفالنا". وترفض الحركة أن تصنف إرهابية، كما ترفض إطلاق الصحافة على مجزرة نيوزيلندا بالعمل الإرهابي.
هذا الاعتراف الذي يسجل للمرة الأولى في معتقدات وأساليب عمل فاشيي الشمال الأوروبي يعتبره نشطاء الحركة المعادية للفاشية "أنتيفا"، نقلة "خطيرة بالاستلهام المتكرر من أعمال إرهابية أخرى". ووفقاً لما يذكره موقع "إكسبو"، فإن فاشيي دول الشمال "استعانوا بمواقع أسترالية متطرفة تظهر تأييداً لإرهاب (برنتون) تارانت (مرتكب مجزرة المسجدين في مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا)، ليؤكدوا أنهم يؤيدون مثل هذه الممارسات". ورصد الموقع وضع مؤيدين اسكندينافيين، ومن متعاطفي الحركة الفاشية، المذبحة في نيوزيلندا بأنها تأتي في سياق "الحرب المقدسة"، فيما ذهب نشطاء فاشيون إلى كتابة "كل الاحترام لتارانت".
وتعتبر هذه الحركة أن تدريب الأعضاء على الأعمال القتالية أمر مهم لإظهار الولاء، بعد وضع الصليب المعقوف ضمن ما يسمونها "حرباً عرقية مقدسة الآن". ويتفاخر آخرون بما حملته عبارات سلاح مرتكب المجزرة. ولم يتردد بعض مؤيدي الحركة الفاشية في التعليق بأنه "لا يجب أن يُرحم مسلم واحد". ولم يتردد يمينيون متطرفون، وأحدهم ماتياس ألبينسون، الذي يدعي أنه صحافي سويدي، في ركوب موجة تبرير المذبحة بحجة أن "المسجد يدعو للتطرف" وفقاً لما كتبه في تغريدة على "تويتر"، فيما قامت الحركة الفاشية بنشر تغريدته على موقعها الرسمي.
ويرى مراقبون ونشطاء أن مخاطر فاشيي الشمال تتجاوز قضية التعبير الشفهي عن فاشيتهم. فقد بات هؤلاء أكثر جرأة في الدعوة إلى تدريبات شبه عسكرية وسرية في الغابات، ونشر أفلام دعائية حول هذا الأمر، وإن برروها بأنها "رحلات كشافة" لرجال مفتولي العضلات يتدربون على حرب عصابات. وتكمن المشكلة وخطورة هذه الحركة في أنها ليست مجرد حركة بسيطة معزولة في الشمال، ففيها ومنها تربى واستلهم سفاح أوسلو أندرس بريفيك للقيام بمذبحته في 2011. وبعدها تصاعدت عمليات التنسيق بين هذه الحركة والحركات المشابهة في روسيا وألمانيا، إلى حد التنسيق في المواقف والأعمال. فمنذ العام 2015، باتت الصلات أوضح بين النازيين الجدد، المتدربين على العنف والقتال والمحرضين على قتل الأجانب والمسلمين في منظمة "الطريق الثالث"، والمنظمة الفاشية الروسية "نحو الإمبراطورية الروسية" وبقية الفاشيين في عدد من الدول، بما لهؤلاء من علاقات مع شخصيات في أحزاب متطرفة تعمل في السياسة.
وفي تنظيراتها تشترك التنظيمات المتطرفة بشحن المواطنين العاديين، خصوصاً ضد المسلمين من بين المهاجرين. يفرد هؤلاء في دعايتهم مساحات لتبرير مذبحة أو قتل بالعودة إلى الماضي نحو ألف سنة، كما تركز منظمة "الطريق الثالث"، وبقية جماعات الفاشية الأوروبية. فالفاشية في الدول الاسكندينافية ليست فقط على علاقة بمتطرفين روس، بل ونتيجة تشعب علاقات الكرملين بكل اليمين المتطرف الأوروبي، لم تتردد قناة "روسيا اليوم" في فسح المجال أمام زعيم الحركة الفاشية في جبهة مقاومة الشمال السويدي سيمون ليندبيرغ لعرض أفكاره في أغسطس/آب 2018، قبل الانتخابات البرلمانية التي شارك فيها للمرة الأولى، ممجداً النازية وداعياً "لاستعادة البلد من الخونة في البرلمان وطرد نحو 20 إلى 30 في المائة من مواطني السويد غير الأوروبيين".
وبالرغم من أن فاشيي أوروبا، ومن بينهم فاشيو الشمال، يقدمون أنفسهم في بروباغندا بأنهم يلتزمون بـ"الأخلاق والقيم"، وكثيراً ما يعرضون أنفسهم على أنهم "متفوقون" على المهاجرين أو الأعراق الأخرى، المتهمة بكل أسباب مشاكل مجتمعاتهم، إلا أن الواقع في السويد على سبيل المثال لا الحصر، يقول شيئاً مغايراً. فوفقاً للسجل الجنائي لأعضاء الحركة الفاشية، لا يتردد هؤلاء في الاعتداء الجسدي، إلى حد القتل، بحق من يعارضهم. ولا يتعاطون مع النساء سوى بنظرة أكثر تخلفاً ممن يتهمونهم من العالم الثالث باضطهاد المرأة، فلهؤلاء نظرتهم التي تقول إن الأوروبية ليس عليها سوى الاهتمام بالمنزل وإنجاب المزيد من الأطفال وتأمين حاجيات الزوج. وسجلت السويد في 2017 سلسلة من الأحداث العنيفة التي ارتكبها هؤلاء الفاشيون، وقد حكم على عدد منهم في غوتنبورغ جنوب غربي البلاد، لقيامهم بعدد من التفجيرات في شتاء 2016 و2017. واتُهم عدد آخر بتهديد المعبد والجمعية اليهوديين في أوما جنوب البلاد، بالإضافة إلى توجيه اتهامات في إبريل/نيسان 2017 إلى عدد من الأعضاء النازيين بممارسة عنف بحق نساء والإقدام على عمليات اغتصاب لسويديات شاركنهم الأفكار ذاتها.