تقول الحكمة العربية الشهيرة: "إذا أردت أن تُطاع، فاطلب المُستطاع"، غير أن من صاغ المطالب الـ13 التي أرسلتها السعودية والإمارات والبحرين ومعها مصر، إلى قطر عن طريق الوسيط الكويتي، لم تأخذ بهذه الحكمة، بل جاءت تعجيزية، وغير واقعية، وفي أقل تقدير "استفزازية"، كما رآها وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل. وزاد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رفع سقف "اللا مستطاع"، عندما أكد أن هذه المطالب غير قابلة للتفاوض، وكأنه يُطالب الدوحة بإرسال برقية إلى العواصم الأربع بقبول شروط الاستسلام من دون قيد أو شرط.
والغريب في كل هذه الأزمة المفتعلة، أن الدول التي أثارتها مع قطر، لم تقدم للوسيط الكويتي، أو لواشنطن، والعواصم الأوروبية الرئيسية أي دليل قاطع على العنوان الرئيس للأزمة، وهو "دعم قطر للإرهاب"، وتجاوزت هذا الزعم بمطالب أخرى أقل ما يقال فيها إنها تصيب السيادة الوطنية القطرية، وتفرض وصاية كاملة على دولة قطر على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وبغض النظر عن مهلة الـ10 أيام المهينة، التي جاءت في ذيل المطالب/الشروط الـ13، وشرط فرض رقابة دورية لمدة عشر سنوات للتأكد من مدى التزام الدوحة بتنفيذ الشروط، فإن من صاغ هذه المطالب، الحافلة بالأخطاء النحوية والإملائية، تعمّد المطالبة بـ"اللا مستطاع حتى لا يُطاع". وكما يقول الكاتب البريطاني، روبرت فيسك: "من الصعب تخيّل كيف يمكن للقطريين التجاوب مع هذه المطالب، فإن هم أوقفوا شبكة (الجزيرة) والمجموعات الإعلامية الأخرى، وقطعوا العلاقة مع الإخوان المسلمين، وخفضوا مستوى العلاقة مع إيران، وأغلقوا القاعدة العسكرية التركية، وكشفوا دفاتر حساباتهم للتدقيق العربي والدولي، على مدى الـ12 عاماً المقبلة، تكون قطر قد أصبحت دولة تابعة".
ذلك لأن الدول الأربع لم تطلب "المُستطاع"، فالأكيد أنها لن "تُطاع"، إلا في حدود ما تراه قطر مناسباً لمصالحها الوطنية، ومتوافقاً مع التزاماتها كعضو في مجلس التعاون الخليجي، وفي حدود أعراف العلاقات الدولية، ومقتضيات القانون الدولي، وكل ما دون ذلك، أو فوقه، هو إملاءات تمس السيادة الوطنية، مرفوضة، وليست محل تفاوض، كما يُؤكد وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.