ــ لماذا لم يتم الإعلان رسمياً عن وفاة جمال خاشقجي، طالما أن الدولة التركية باتت تمتلك الأدلة الكافية على تصفيته داخل القنصلية السعودية؟
السبب هو أننا ننتظر الإعلان الشرعي والرسمي، وطالما لا يوجد دليل قاطع بعدُ على الجثة، لا تستطيع الدولة الإعلان عن وفاته رسمياً. هناك حوادث اختطاف حصلت في السابق وتأكدت الوفاة، ولكن الأشخاص اعتُبروا مختفين أو مغيبين، ولم يعلن قانونياً عن الأمر، إلا حين تم التوصل إلى الجثث. وفي حالة الصحافي جمال خاشقجي، يُعتبر من الناحية السياسية مقتولاً، ولكنْ من الناحية الشرعية القانونية مختطفاً، وحين تثبت المحكمة التركية عملية القتل سيتم الإعلان عن ذلك.
هذه التسريبات هي من نوع سياسة إدارة العملية على ما أظن، وهناك تقديرات تقول إن التسريبات شكلت أداة ضغط على السعودية المتهمة بارتكاب الجريمة من جهة، ومن جهة ثانية وضعت الرأي العام في صورة التفاصيل أولاً بأولَ، والمهم في نهاية المطاف أن هذه التسريبات ثبت أنها صحيحة، وليست بروباغندا ولا دعاية أو فبركة، ومناسبة لعمل وسائل الإعلام التي تبحث عن الأخبار الخاصة والمصادر. وكما أشرت فإن المهم في الأمر المصداقية. صحيح أنه لم يصدر موقف رسمي أو توضيح بذلك، إلا أن هناك اعتقاداً أن هذه الطريقة هي الأفضل وقدمت نتائج لتسريع التحقيق. من جهتي، انتقدتُ هذه الطريقة في البداية، وطالبت بإصدار بيانات رسمية تلخص وقائع التحقيق، وأظن أن الأوان كي يصدر موقف رسمي يقدم رواية متكاملة للجريمة هو بعد أن يتم الانتهاء من فحص الأدلة.
ــ هناك حديث وأسئلة مطروحة حول احتمال حصول صفقة أميركية - تركية - سعودية يتم بمقتضاها إسقاط المسؤولية عن المسؤول السعودي المباشر الذي أعطى الأمر للقيام بالجريمة. هل تعتقدون بإمكانية التوصل إلى تسوية تركية - أميركية - سعودية؟
لن تقبل تركيا أي صفقة لطمس القضية أو تمييعها. وكما تابعنا ونعرف، فإن القضية لم تعد محصورة بين تركيا والسعودية. هي الآن قضية دولية، وتفاصيلها صارت منشورة أمام العالم، وليس من حق أحد أن يساوم عليها. والسعودية مطالَبة اليوم ليس فقط أمام تركيا، لأن العالم أجمع يضغط عليها كي تمتثل وتتحمل مسؤولية الجريمة وما يترتب عليها، وثقوا تماما بأنه مهما جرت محاولات لتمييع القضية من طرف السعودية، فهي لا يمكن أن تهرب من العدالة، وخصوصاً أن اليوم بات هناك رأي عام محلي ودولي ضاغط، وهذا شيء جديد لم نلاحظه في أي جريمة سابقة. تركيا متمسكة بالجانب الحقوقي، فهناك جريمة ارتُكبت على أرضها بحق صحافي، وهذا انتهاك للسيادة وللقانون الدولي وحقوق الإنسان. هذه الجريمة بحقنا وبحق البشرية، ونحن نتعامل مع الأمر بمنتهى الصرامة والجدية، ولا نقبل منطق المساومات.
ــ هل لهذا السبب كان اللقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يوم الأربعاء سريعاً وفاتراً؟ وحصل على أرض المطار، لأنه يحمل عرض صفقة كما قالت بعض وسائل الإعلام؟
لم يكن اللقاء فاتراً، بل كان جيداً ومثمراً، وأردوغان كان على سفر وهو مرتبط بموعد مسبق لزيارة رسمية إلى مولدافيا، وبالتالي كان اللقاء الرسمي بين الوزيرين مولود جاووش أوغلو وبومبيو.
ــ أنجز المفتشون البحث في القنصلية وفي بيت القنصل ولم يصدر أي تصريح رسمي عن ذلك، وهذا ترك لدى الصحافة انطباعاً بأنه علينا أن ننتظر من جديد، إلى متى الانتظار برأيك؟
أعلن وزير العدل التركي عبد الحميد غول أن التحقيق سيتشعب ويتعمق، وهذا أمر طبيعي في جريمة على هذا المستوى من الخطورة والأهمية. وكما ترون، فإن الدولة - تركيا - تولي للتحقيق أهمية كبيرة ولا تريد أن ترتجل أو تتصرف بردود فعل. تركيا دولة قانون قبل كل شيء، ولا بد للقانون أن يأخذ مجراه، ولن نفرّط في ذلك، وليطمئن كل من يعيش على هذه الأرض بأن الجريمة لن تمر من دون عقاب. وأظن أنه خلال الأيام الثلاثة المقبلة سيتم تقديم حصيلة للصحافة بعد أن تُجري الأجهزة المختصة تقييماً لعملية التفتيش بناء على تحليل الأدلة.