وقال المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إن الصفقة محورها موافقة مجلسي النواب والدولة على حكومة وحدة وطنية جديدة، ومنحها الثقة، مقابل استمرار وجودهما في المشهد السياسي، موضحاً أن أطرافاً دولية، على رأسها فرنسا، سعت إلى حشد دعمٍ دولي لمخرجات الملتقى قبل انعقاده، هي التي وضعت أسس ومقاييس الصفقة، لتناسب أوضاع الأطراف الليبية المتنافسة.
وحول موقفي مجلسي النواب والدولة إزاء "الصفقة"، أكد المصدر أن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، يلقي بكامل ثقله من أجل موافقة أكبر عدد من النواب على شكل الصفقة. ورأى المصدر أن "قرار النواب بتفويض صالح لاختيار ممثلي المجلس في الملتقى الجامع، يشير الى أن الأخير حصل على التفويض اللازم من التيار النيابي المقرب منه"، في إشارة إلى قرار مجلس النواب الذي صدر أمس الثلاثاء، بشأن التفويض لصالح.
ولم تعلن أي شخصية أو جهة ليبية، حتى الآن، عن تلقيها دعوة للمشاركة في الملتقى، على الرغم من اقتراب موعد انعقاده، وهو بعد عشرة أيام فقط، وبالرغم من إعلان بلدية مدينة غدامس الحدودية مع الجزائر، عن استعداداتها الحثيثة لاستقبال المشاركين الليبيين في الملتقى.
بدورها، لم تعلن البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن جدول أعمال الملتقى، وشكل القضايا التي سيناقشها المشاركون، كما لم تبين ما إذا كان قادة ليبيا الأربعة الذين سبق أن مثلوا ليبيا في الملتقيات الدولية السابقة، وهم رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ورئيس المجلس الأعلى خالد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وخليفة حفتر، سيكونون ضمن المشاركين.
ورغم التكتم والغموض الذي يلف أسماء المشاركين وطبيعة القضايا التي ستكون موضع البحث والنقاش، إلا ان حديث حفتر الأحد الماضي خلال ملتقى الشباب في بنغازي، عن قرب "تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسابيع" قد يشير الى أن تشكيل الحكومة سيكون على رأس القضايا التي سيناقشها الملتقى، خلافاً لما أعلنته البعثة من أن الملتقى مناط به تقرير مصير الانتخابات ووضع الدستور الدائم والاستفتاء عليه.
وإزاء هذه المستجدات، اعتبر المحلل السياسي الليبي، الجيلاني ازهيمة، أن التكتم يدل على أن "وثيقة جاهزة أو يتم تجهيزها، ستكون محل نقاش واتفاق"، معتبراً أن أي اتفاق حولها سيكون شكلياً.
وتساءل أزهيمة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "حتى ولو قلنا إن البند الوحيد سيكون تشكيل حكومة وحدة وطنية، فهل يكفي يومٌ واحد لأن يناقش 150 مشاركاً تشكيل حكومة ويتفقون عليها"؟ مرجحاً ان شكل الحكومة وتركيبتها سيكون معلباً، وسيتم عرضه خلال وقت ضيق، ما سيكون الكفيل بموافقة الجميع عليه.
ولفت المحلل السياسي إلى أن القلق يسود مجلسي النواب والدولة من خلال تصريحات أعضائهما، لكن ارتياحاً يخيم من جهة أخرى على السراج وحفتر، ما يعني أن الصفقة على علاقة باتفاق أبوظبي، معتبراً أن "ما يجري الآن هو الضغط على المجلسين للقبول بالاتفاق أو التهديد بتجاوزهما، من خلال منح الاتفاق شرعية الممثلين في الملتقى، باعتبارهم ممثلين لكل الأطياف الليبية".
من جهته، برر بدر النحيب، عضو مجلس النواب، قلق مجلسي النواب والدولة، بتخوفهما من إمكانية وقوع البلاد تحت وصاية، "وهو ما يمارسه المبعوث الأممي الآن، الذي غيّب طرفين أساسيين عن المشهد بشكل ظاهر وواضح، ورفض حتى إطلاعهما على أجندة الملتقى، بل جاهر بأنهما لن يكونا مدعوين". وأضاف أنه "حتى الآن لا نعرف من هم الممثلون (الذين سيدعوهم المؤتمر)"، معتبراً أن تحركات المبعوث الأممي غسان سلامة، منذ ما يزيد عن العام، تؤكد وجود صفقة دولية حول ليبيا.
وفيما نفى النحيب علمه بوجود ضغوط معلنة على مجلس النواب للموافقة على توصيات الملتقى، رجح الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش، بشكل كبير، وجود ضغوط على مجلسي الدولة والنواب. وبحسب رأيه، فإن "البعثة تعلم جيداً أن لا سبيل لتنفيذ أي اتفاق في الملتقى دون موافقة النواب والدولة، ولذا لا بد من من قبولهما المسبق بنتائج لقاء غدامس"، لافتاً الى أن تحركات ومواقف سلامة منذ ما يزيد عن العام، تذهب في اتجاه تأكيد وجود صفقة دولية.
وتساءل الأطرش أنه "إذا كان منتهى المسار هو إنهاء الانتقال السياسي والخروج إلى مرحلة دائمة، فلماذا أدار سلامة ظهره للدستور الجاهز للاستفتاء، وقد أقر مجلس النواب قانون الاستفتاء وإجراء الانتخابات على أساس الدستور وهو أقرب وأقصر زمناً للوصول للمرحلة الدائمة"، مضيفاً أنه "كان ينبغي على سلامة جمع مجلسي النواب والدولة، للتوافق على الدستور والاستفتاء عليه، لكن الأخير يسير بعكس ما أعلن عنه، ممهداً لفترة انتقالية جديدة، ما يطيل عمر الأزمة".
ووجه الاطرش سؤالاً للمشاركين في الملتقى والبعثة، حول "البديل في حال فشل الملتقى". لكنه رأى أن "كل الضمانات الكفيلة بإنفاذ توصيات الملتقى ونتائجه، حصل عليها الفاعلون في الملف الليبي، ولذا فهم لم يناقشوا بديل الفشل".