يُعتبر العدني من أبرز شيوخ "الدعوة السلفية" في اليمن، وكان إماماً لمعهد "دار الحديث" في منطقة الفيوش، بمحافظة لحج، البوابة الشمالية لمدينة عدن، وهو فرع للمعهد الذي كان مركزه بمنطقة دماج، محافظة صعدة، شمالي البلاد، وتخرّج منه آلاف الدارسين السلفيين، الذين يرفضون العمل الحزبي ويتمسكون بالدعوة لطاعة ولي الأمر، وكان العدني أحد شيوخ معهد دماج، قبل أن ينتقل لتأسيس مركز الفيوش.
على الرغم من ابتعاد السلفيين بجناحهم المحافظ عن الأدوار السياسية، فقد أدوا دوراً بارزاً في العديد من جبهات القتال إلى جانب "المقاومة الشعبية" التي واجهت الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بالمحافظات الجنوبية، ويعود سبب مشاركتهم إلى صراعهم مع الحوثيين الذين خاضوا حرباً عام 2013 ضد مركز دماج السلفي في صعدة، انتهت بإغلاق المعهد ونزوح آلاف السلفيين من المنطقة.
مع العلم أن اغتيال العدني، يوم السبت الماضي في عدن، وهو الشخصية السلفية المؤثرة جنوباً، شكّل تطوراً مهماً على صعيد الاغتيالات التي تشهدها عدن منذ تحريرها من الانقلابيين في يوليو/تموز العام الماضي، إذ حصدت الاغتيالات العشرات من القيادات والشخصيات، كان أغلبها من ضباط الأمن والجيش وقيادات "المقاومة" وامتدت إلى ناشطين في الحراك الجنوبي وتيارات مختلفة.
اقرأ أيضاً: عدن أسيرة التفجيرات و"المقاومة" تتقدّم شمالاً
كما كشفت مصادر مقربة من السلطة المحلية في عدن عن إلقاء القبض على اثنين من المسؤولين عن عملية الاغتيال، الأمر الذي أثار جدلاً ومطالبات للسلطة بالكشف عن المسؤولين عن العملية، ووفق مصادر "العربي الجديد"، فقد قام مسلحون من "المقاومة" ومرافقي الشيخ السلفي بملاحقة السيارة التي كان منفّذا الاغتيال على متنها، لتنقلب بسبب السرعة في منطقة صبر، شمال عدن. على أثرها تمّ إلقاء القبض على اثنين من المسلحين كانا على متنها، في حادثة نادرة يُقبض فيها على مشاركين بتنفيذ عملية اغتيال، فيما تشير الأنباء إلى أنه جرى تسليمهما للسلطات الأمنية التابعة للحكومة والتحالف في عدن.
من جهة أخرى، تُعتبر عملية اغتيال داعية سلفي تطوراً مهماً من المتوقع أن يزيد التوتر بين أنصار التيار السلفي الواسع الانتشار في جنوب اليمن، ويمثل العدني أحد أبرز رموزه، وبين مسلحي تنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" (داعش)، الذين يتحدر عناصرهم من خلفيات سلفية متطرفة.
وكانت عدن قد شهدت العشرات من حوادث الاغتيال، التي تصاعدت في الفترة الأخيرة، وتنوّعت أهدافها بين القيادات الحكومية والأمنية والعسكرية وقيادات "المقاومة"، وكان من أبرز ضحاياها، محافظ عدن السابق، جعفر محمد سعد في ديسمبر/كانون الأول، وأخيراً قائد محور أبين، العميد عبدربه الإسرائيلي، كما اغتيل العشرات من الضباط والمسؤولين الآخرين.
وفي حين مرت أغلب حوادث الاغتيال من دون إعلان الجهة المسؤولة عنها، تبنّى "داعش"، حادثة اغتيال محافظ عدن وعدداً من التفجيرات الانتحارية التي شهدتها المدينة خلال الفترة الماضية. كما كان تنظيم "القاعدة" الذي يتمتع بنفوذ واسع، قد نفى في بيان سبتمبر/أيلول العام الماضي، علاقته بحوادث الاغتيالات في عدن، واعتبرها خلطاً للأوراق.
بالتالي، تتعدد الاتهامات حول من يقف وراء عمليات الاغتيال، بين من يتهم "القاعدة" و"داعش"، و"خلايا" مرتبطة بالرئيس المخلوع والحوثيين، فيما يعتبر آخرون أن المعادلة الأمنية المعقدة جنوباً في الأشهر الأخيرة تجعل من تعدد المتهمين أمراً وارداً.
اقرأ أيضاً اليمن: الجيش الوطني يسيطر على مواقع في تعز