منذ الإعلان عن لقاء الرئيس الأسبق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية معاذ الخطيب، بنائب وزير الخارجية الروسي مخائيل بوغدانوف، أول من أمس الثلاثاء، ولا تزال التكهنات والتحليلات وحتى المعلومات تخرج من مستويات مختلفة، حول ما دار في الاجتماع.
يأتي ذلك في ظل الحديث عن وصول الروس إلى قناعة بضرورة الانخراط في حل سياسي جديّ للصراع السوري، من خلال مناقشة الخيارات مع المعارضة السورية، ولا سيما بعد البدء في تطبيق "قانون قيصر"، الذي حاصر وسيحاصر النظام السوري وقوّض تحركات حلفائه، الأمر الذي يجعل من بقائه عبئاً عليهم.
وكانت الخارجية الروسية قالت، في بيان لها، إن الاجتماع جرى خلال زيارة عمل لبوغدانوف إلى العاصمة القطرية الدوحة. وأشار البيان إلى أنه تم خلال المحادثات "تبادل مفصل لوجهات النظر حول الوضع الحالي في سورية وحولها، مع التركيز على آفاق التسوية السياسية للأزمة في البلد، وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254"، من دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.
كذلك أعلنت حركة "سورية اليوم" التي يترأسها الخطيب عن الاجتماع، في بيان مقتضب، أنه "جرى خلال اللقاء استعراض مسيرة الحل السياسي وفق آليات القرار 2254، وتم التركيز على تفاصيل إنجاح العملية السياسية، سواء ضمن الأطر الحالية، أو أي أطر أخرى تؤدي إلى تحقيق أهداف القرارات الدولية".
وأضافت الحركة في بيانها: "تمت أيضاً مناقشة الحالة الإنسانية للشعب السوري، والتأكيد على إنهاء معاناته المستمرة منذ سنوات بسبب سياسات النظام".
إلا أن الناشط الحقوقي والقانوني السوري فراس حاج يحيى كشف، عبر صفحته على "فيسبوك"، عما قال إنها معلومات وصلته من مصادر حول الاجتماع، بأن الروس طرحوا على الخطيب "رئاسة حكومة وحدة وطنية واسعة الصلاحيات (وليست كاملة)، مع بقاء بشار الأسد في الرئاسة وحق ترشيح نفسه للرئاسة لمرة واحدة فقط، كما تمسّك الروس ببقاء الأجهزة الأمنية".
فيما كان رد الخطيب وفريقه على هذا الطرح بعدم الموافقة عليه بصيغته المقدمة، وأنه "قدم ملاحظات وطلبات لتدرس من الجانب الروسي"، وفق حاج يحيى، الذي أضاف أن "اللقاء حمل طابعا تفاوضيا أكثر منه حواريا، ومن المتوقع استكماله بلقاء جديد إذا وافقت روسيا على طلبات الخطيب وكانت جادة في مبادرتها".
وتواصل "العربي الجديد" مع الخطيب ومقربين منه منذ الإعلان عن الاجتماع لمعرفة تفاصيل ما دار فيه، ليردّ الخطيب، صباح اليوم الخميس، على مجمل المعلومات التي نشرها حاج يحيى، حول ما جاء في الاجتماع وغيرها، بالقول إن "نصف الأمور غلط"، في إشارة إلى أن نصف المعلومات الواردة لا صحة لها، مضيفاً أن "النقل عن مجهول لا قيمة له". كما اعتذر الخطيب عن عدم الإفصاح أكثر حول الموضوع.
أما عن زيارة بوغدانوف للدوحة، فقد ذكرت وكالة الأنباء القطرية "قنا" أن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية، التقى بوغدانوف، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها.
ومعاذ الخطيب هو رجل دين دمشقي، كان خطيباً في المسجد الأموي الأشهر في سورية، ودعم الحراك ضد النظام منذ بدايته، فاعتقل ثلاث مرات قبل خروجه من سورية وانتخابه كأول رئيس لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، إلا أنه استقال في مارس/آذار 2013.
وعُرف عن الخطيب أنه طرح مبادرة للحوار مع النظام بهدف تحقيق الانتقال السياسي في فبراير/شباط 2013، إلا أنه تلقى هجوماً حاداً من قبل شرائح سياسية معارضة مختلفة على هذه المبادرة. وبعد ذلك، دعا إلى الحوار مع الروس بعد زيارة قام بها إلى موسكو نهاية عام 2014، خلال مقالة عنونها "هل تشرق الشمس من موسكو؟"، إلا أنه لقي إثر ذلك هجوماً أوسع من الذي لقيه على خلفية مبادرته الأولى.