الإعلان الرسمي عن استعادة مدينة سرت شرق ليبيا، من تنظيم (داعش)، أعاد مجدّداً الأسئلة حول قدرة المجلس الرئاسي على المحافظة على المكاسب التي حقّقها، والمفترض أن تزيد من حضوره الدولي، أمام معسكر برلمان طبرق، بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
فقد أعلن المتحدث باسم غرفة عمليات "البنيان المرصوص"، محمد الغصري، رسمياً عن انتهاء العمليات العسكرية. وقال، في تصريح صحافي، إنّ "قواتنا انتهت بشكل رسمي من القضاء على عناصر تنظيم داعش في سرت"، مشيراً إلى أنّها "بصدد القيام بعمليات أمنية من أجل تأمين المدينة".
ولفت الغصري إلى أنّ "فرق الهندسة العسكرية لا تزال، وبالتعاون مع الهلال الأحمر، تنتشل مئات من الجثث من أحياء سرت".
ويمثّل هذا الإعلان تحوّلاً جذرياً في مسألة وجود "داعش" في ليبيا، فاتحاً التساؤلات بشكل واسع عن مصيره في مناطق أخرى في البلاد، وربما في دول الجوار أيضاً.
كما يواجه هذا النصر لقوات "البنيان المرصوص"، تحدياً للمجلس الرئاسي، أمام الشكوك المتزايدة من قبل شركائه الدوليين، حول قدرته على تنفيذ مهامه الرسمية، في ظل عدم اعتراف برلمان طبرق بالاتفاق السياسي.
وبما أنّ مجلس مصراتة العسكري، والذي شكّل مقاتلوه نواة قوات العملية العسكرية "البنيان المرصوص"، قد فقد خلال الأشهر الستة للمعركة أكثر من 600 قتيل وقرابة الثلاثة آلاف جريح، ويحظى بوزن سياسي، فسيطالب بحصة أكبر داخل أجهزة ووزارات المجلس الرئاسي، لا سيما في العاصمة طرابلس مما يعني إعادة تدوير الأزمة وبقاء مصراتة طرفاً رئيسياً فيها.
هذا الأمر تعارضه مجموعات مسلحة في العاصمة طرابلس، سبق أن طردت مجموعات مسلحة لمجلس مصراته كانت تسيطر على بعض المواقع، وطالبت أكثر من مرة انسحاب كل الكتائب المسلحة من خارج العاصمة، إلى قواعدها الأساسية في المدن التي جاءت منها.
طرف آخر يدخل بالحسبان، هو استمرار وجود حكومة "الإنقاذ" التي ينحدر رئيسها خليفة الغويل من مصراتة، والتي تمكنت قبل شهرين من الرجوع لمقارها بحماية بعض المجموعات المسلحة القادمة من مسقط رأسه، وتمكنّت بالفعل من السيطرة على بعض المواقع الحيوية، منها الشركة العامة للكهرباء، وشرعت في صيانة مطار طرابلس الدولي السابق، في خطوة أضيفت إلى إعادة خلط الأوراق، في العاصمة حالياً.
ومن بين الأسباب التي أعادت الأسئلة حول القدرة الفعلية للمجلس الرئاسي على السيطرة على قواته، تحرّك وزير الدفاع المهدي البرغثي مستقلاً عن قرار المجلس مؤخراً، باتجاه الهلال النفطي رفقة بقايا مقاتلي حرس المنشآت النفطية السابق، لاستعادة السيطرة على مواقع النفط بالهلال.
ويعتبر مراقبون للشأن الليبي أنّ نهاية "داعش" في سرت، ستكشف تدريجياً عن حقيقة سيطرة المجلس الرئاسي على قواته، مما يعني تراجع الثقة فيه، بالتوازي مع فقدانه بعض داعميه الدوليين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الإيطالي ماثيو رينزي المستقيل، وربما تغير السياسة الأميركية مع بدء الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، ولايته الرئاسية المقبلة، لا سيما مع إعلان الإدارة الجديدة نيتها إجراء مراجعة واسعة لسياساتها الخارجية، خصوصاً المتعلّقة بالتدخلات العسكرية للإدارة السابقة.