اتهم عضو البرلمان الليبي، جلال الشويهدي، قائد القوات التابعة لمجلس النواب في طبرق، خليفة حفتر، بتعطيل جلسات البرلمان، ومنها الخاصة بقانون الاستفتاء على الدستور، من خلال نواب مؤيدين له، أو عبر مؤيدين له من خارج البرلمان، سواء كانوا مسلحين أو شيوخ قبائل، وذلك بهدف تعطيل العملية الانتخابية، كون عقلية العسكر ترفض صناديق الاقتراع. وأكد الشويهدي، في مقابلة مع "العربي الجديد"، من العاصمة الليبية طرابلس، أن حفتر يدير أكبر "مليشيات" أمنية في ليبيا، يقودها أبناؤه وأبناء عمومته المقربون لحمايته شخصياً وحماية بقائه، وأنه يستعين بهذه المجموعات لإرهاب وتخويف مناهضيه، كاشفاً أن قواته تحوي "مرتزقة" من "حركة العدل والمساواة" السودانية. واتهم البرلماني الليبي، البعثة الأممية بأنها المسؤولة الأولى عن اشتباكات طرابلس الأخيرة، كونها لم تهتم منذ البداية بالترتيبات الأمنية، ويأتي بعدها "المليشيات" المتصارعة هناك، خصوصاً التي تسيطر على العاصمة، مؤكداً أن كل مدن ليبيا تسيطر عليها "مليشيات" متعددة التوجهات.
*نبدأ معك بأحداث طرابلس الأخيرة. من المسؤول عنها كونَك حالياً في العاصمة؟
هناك العديد من الأطراف مسؤولة عن الاشتباكات التي تحدث داخل العاصمة والتي يتردد صداها حتى الآن، وعلى رأس هذه الأطراف بعثة الأمم المتحدة والتي لم تهتم بالترتيبات الأمنية منذ البداية، واكتفت بشرعنة مجموعات مسلحة تتبع حكومة الوفاق، وبعدها المليشيات المتصارعة على النفوذ والسيطرة، خصوصاً التي تسيطر على طرابلس لأنها السبب في قدوم مليشيات من الخارج ترفع شعارات تحرير طرابلس وتطهيرها من المليشيات.
*وهل يؤكد ذلك أن العاصمة تقبع تحت سيطرة مليشيات متعددة التوجهات؟
*ولماذا صمت البرلمان طويلاً حول أحداث طرابلس؟
سبب ذلك هو حالة الانقسام التي تسيطر على مجلس النواب والناتجة عن الجهوية والمناطقية، وهذا ما عطل صدور بيان للبرلمان في أول الأحداث.
*بالحديث عن البرلمان، ما كواليس اتخاذ القرارات داخله؟
البرلمان يعمل بطريقة ليس لها نظير في تاريخ البرلمانات، إذ يضرب باللائحة الداخلية عرض الحائط عندما يكون البند الذي يتم نقاشه لا يتماشى مع الأقلية الجهوية المسيطرة داخل المجلس والمدعومة من الخارج، وهم من يقومون بمنع أي تصويت، لذا لا ينجح البرلمان في إصدار قانون ما أو قرار، وتكرر ذلك في عدة جلسات.
*لكن البرلمان صوت أخيراً على قانون الاستفتاء على الدستور؟
الحقيقة، ما صدر من مجلس النواب في تلك الجلسة كأنه لم يكن، لأن قانون الاستفتاء صدر مشروطاً بتعديل دستوري والذي من الصعب الوصول إليه. وتغيب عن الجلسة عدد كبير من النواب، ليس من الغرب الليبي فقط، بل من نواب الشرق أيضاً.
*ولماذا فشلت عدة جلسات حول إصدار قانون الاستفتاء؟
لأن مشروع القانون المقدم من اللجنة التشريعية يحتوي على عدة مواد مخالفة للإعلان الدستوري وتحتاج إلى تعديل دستوري، وهي المواد الخامسة والسادسة والثامنة.
*بخصوص عرقلة جلسات البرلمان. من تحديداً يقوم بذلك؟
*هل تقصد بالعسكر خليفة حفتر؟
بكل تأكيد، فهو طرف رئيس في تعطيل الكثير من الجلسات، خصوصاً الجلسات التي تخص الاتفاق السياسي وتعديلاته، والكل يعرف ذلك. كما أن الكل يتجاهل هذه الحقيقة، وعلى رأسهم المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، ولم يفعل شيئاً، لا هو أو بعثته.
*هاجمت حفتر أخيراً، ووصفت قواته بالمليشيات غير المنظمة. ما سبب هذا الهجوم؟
سبب هجومي على حفتر وقواته هو أني لم أر قواته مؤسسة عسكرية بالمعايير المتعارف عليها دولياً، فحفتر يعمل بعقلية سابقه (في إشارة إلى معمر القذافي)، وهي تأسيس مليشيات أمنية خاصة لأبنائه وأبناء عمومته المقربين من أجل حمايته وحماية نظامه المليشياوي، فهو يدير أكبر مليشيا في البلاد، وما يثبت كلامي استخدامه ما يسميه بقوات المساندة، وهي عبارة عن مليشيات من شباب مدنيين، وكذلك استعانته بمرتزقة من حركة العدل والمساواة السودانية، وكذلك مليشيات تتبع تياراً دينياً، والتي تأخذ فتاواها من خارج الحدود. وما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان وسلب ونهب المناطق التي تدخلها قوات حفتر تثبت أنها ليست قوات عسكرية منضبطة.
*وماذا تعني تصريحات حفتر حول إجهاض الانتخابات وتهديده بدخول العاصمة طرابلس؟
هذه التصريحات تعني أن خلفية الرجل العسكرية لا ولن تقبل صناديق الاقتراع، وتهديده بدخول العاصمة في هذا التوقيت أكبر دليل على ذلك.
*أطلق أعضاء في البرلمان أخيراً مبادرة يطالبون فيها بانتخابات رئاسية في أقرب وقت. ما مدى تأثير هذه المبادرة؟
*لماذا لم يصدر قانون الانتخابات حتى الآن؟
قانون الانتخابات لن يصدر إلا بعد صدور قانون الاستفتاء على الدستور، وهو ما قلته سابقا من أنه صدر معيوباً، كون البرلمان اشترط إجراء تعديل دستوري قبل إصدار القانون، وهو ما يعني أنه لم يصدر أصلاً، كما أن هناك عدة نواب يرفضون هذا الإجراء، بل ويطعنون فيه قانونياً.
*وبخصوص الانتخابات الليبية، هل ترى أن الوقت مناسب الآن لإجرائها؟
لا الوقت ولا الظروف مناسبة لإجراء انتخابات في ليبيا الآن.
*كيف تقيم دور البعثة الأممية في ليبيا حتى الآن؟
للأسف البعثة الأممية ورئيسها الحالي، غسان سلامة، تركت الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في 2015، وسلامة نفسه يحاول الآن أن يأتي بحلول من خارج اتفاق الصخيرات، ولكن دون جدوى، وهو ما سمح بتدخلات عدة في الأزمة الليبية.
*ماذا تقصد بهذه التدخلات، وهل هي إقليمية أم دولية؟
التدخل في الأزمة الليبية أصبح متاحاً لكل الدول، إقليمياً ودولياً، وهذا واضح جداً في كل الأزمات التي تمر بها البلاد، بل إن هذه التدخلات، خصوصاً الإقليمية، ساهمت في حالة التشرذم والانقسام. فمثلاً الصراع الفرنسي الإيطالي الآن حول من يقود الملف الليبي هو ما يزيد في تأزم الوضع، والأطراف الليبية المتصارعة هي من ترسخ هذا التدخل باستقواء كل منها بطرف معين، سواء دولي أو إقليمي.