فتحت مراكز الاقتراع في مناطق سيطرة النظام السوري، اليوم الأحد، أبوابها في أول انتخابات لمجالس الإدارة المحلية منذ سبع سنوات، بمشاركة نحو 40 ألف مرشح يتنافسون على أكثر من 18 ألف مقعد.
وكان من المفترض أن تجرى هذه الانتخابات مطلع عام 2016، بعد انتهاء ولاية المجالس المحلية التي انتخبت نهاية 2011، أي بعد الثورة السورية بتسعة أشهر، لكن النظام قرر تمديد فترة عملها بعد تعذر إجراء الانتخابات بسبب عدم سيطرة قواته على كثير من مناطق البلاد، قبل عامين.
وكانت وزارة الإدارة المحلية والبيئة التابعة للنظام قالت، في بيان لها، إنها وفرت جميع لوازم إنجاح العملية الانتخابية، مشيرة إلى أن عدد الدوائر الانتخابية يبلغ 88 على مستوى المحافظات فيها 6551 مركزا انتخابيا.
وزعمت سلطات النظام أن الانتخابات تجري بـ"إشراف قضائي كامل"، وتدعو المواطنين إلى المشاركة الكثيفة لـ"تعزيز اللامركزية وترسيخ مبدأ المواطنة"، مدعية أن إجراء الانتخابات هو "انتصار للوطن".
وقال رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات، سليمان القائد، إن اللجان التي ستشرف على الانتخابات أدت اليمين الدستورية، موضحاً، في تصريح لجريدة "الوطن" القريبة من النظام، أن الناخب غير ملزم بالتقيد بالقوائم المطبوعة، سواء كانت قائمة "الوحدة الوطنية" أم غيرها، وتضم قائمة "الوحدة الوطنية" الأحزاب الموالية للسلطة، وفي مقدمتها حزب البعث.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن كثيرا من المرشحين في الانتخابات من ذوي الكفاءات المتدنية، وأصحاب السمعة السيئة، ورصيدهم الوحيد هو ولاؤهم للنظام.
وقال أحد المواطنين الدمشقيين، الذي رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "طبيعة المرشحين تكشف الأزمة في البلاد التي هجر نصف سكانها، ومعظمهم من الكفاءات، بينما يعزف "الأشخاص المحترمون" عن ترشيح أنفسهم في هكذا انتخابات التي تركت لأثرياء الحرب وأنصاف الكفاءات الذين رصيدهم الوحيد هو الولاء المطلق للنظام".
وثمة مشكلة أخرى تواجه الانتخابات في مناطق السيطرة المشتركة لقوات النظام والوحدات الكردية في شمال شرقي البلاد، خاصة في محافظة الحسكة التي شهدت اشتباكات واعتقالات متبادلة في الفترات الأخيرة على خلفية هذه الانتخابات، التي تدعو سلطات النظام المواطنين للمشاركة فيها، بينما لا تعترف بها سلطات الإدارة الذاتية الكردية.
وقال رئيس اللجنة القضائية الفرعية في الحسكة، إيلي ميرو، إنه وتفاديا لوقوع مصادمات مع القوات الكردية، تم تحديد مراكز الاقتراع في مركزي محافظة الحسكة ومدينة القامشلي فقط، دون وجود مراكز في القرى والبلدات التي تسيطر عليها المليشيات الكردية.
وأوضح ميرو، في تصريح لوسائل إعلام النظام، أن عدداً من المرشحين فازوا بـ"التزكية" بعد انسحاب نظراء لهم من الانتخابات في بعض المجالس.
ويسعى نظام بشار الأسد إلى الحكم تحت سيطرة المجالس البلدية التابعة لإدارته المحلية، بينما تريد الأحزاب الكردية الحكم عبر الإدارة الذاتية الموجود حالياً والتابعة لمجلس سورية الديمقراطية.
وتركز دعاية النظام المرافقة للانتخابات على مبدأ "تعزيز اللامركزية الإدارية، وترسيخ مفهوم المواطنة"، وأن الانتخابات "رسالة للعالم بأن سورية تعافت وهي تنطلق نحو الإعمار وتحقيق الازدهار"، بحسب تصريح لوزير الإدارة المحلية في حكومة النظام، حسين مخلوف.
وتشكل انتخابات الإدارة المحلية الخطوة الأولى في مرحلة "إعادة الإعمار" التي يتعجل النظام لإطلاقها، لتعزيز فرضية استعادته الحكم، مع إعطاء الوحدات الإدارية دوراً تنفيذياً أوسع مما كان لها قبل عام 2011.
من جهته، اعتبر الأمين العام لحزب "الشعب" نواف الملحم أن نجاح هذه الانتخابات "انتصار جديد للوطن"، مشيرا إلى أن لدى حزبه "مرشحين في عدة محافظات، لكن لا نريد أن ندخل في صدام مع قوائم الجبهة".