وعرض الشاهد، أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان)، أمس الخميس، استراتيجية الحكومة لحملة مكافحة الفساد، في جلسة استمرت حتى ساعة متأخرة، بسبب كثرة أسئلة واستفسارات النواب.
وشرح رئيس الحكومة أهداف حملة مكافحة الفساد، مشيراً إلى أنّها تمّت بالتنسيق مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وانطلقت بناء على "وثيقة قرطاج"، نافياً أن يكون قرار إطلاق الحملة اعتباطياً أو عشوائياً.
وأعلنت الحكومة التونسية عن حملة لمكافحة الفساد، قامت خلالها السلطات تباعاً بتوقيف عدد من المهربين ورجال الأعمال، في عدة مناطق من البلاد، ووضعتهم تحت الإقامة الجبرية بعد أن صادرت ممتلكاتهم بعد اتهامهم بتحقيق أرباح غير مشروعة و"ارتباطهم بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي".
وأمام البرلمان، قال الشاهد إنّ "كل مقتضيات الحرب على الفساد متوفرة، وهي حرب أُقيمت لغاية حماية الديمقراطية الناشئة وإعادة الثقة بين المواطن والدولة"، مضيفاً أنّ "الهدف الثالث منها هو حماية الاقتصاد، إذ هناك علاقة بين التهريب والتهرب الضريبي والإرهاب، وترابط بين هذه الآفات، فضلاً عن أنّ المستثمرين يعزفون عن توظيف أموالهم في دولة ينخرها الفساد".
وأوضح الشاهد أنّ "الحكومة ليست بصدد محاربة أشخاص وإنما تفكيك منظومات"، قائلاً إنّ "الإدارة تعتبر مكمن الفساد، ولذلك تركز الحكومة على الرقمنة للتقليص من التعامل المباشر مع منظوريها، وانطلقت الحكومة بالفعل في ذلك".
ويمثّل القضاء في تونس محوراً تستهدفه حملة مكافحة الفساد، بحسب الشاهد، مشيراً إلى "انتداب 500 قاضٍ رغم العوائق المالية، فضلاً عن تدعيم المحكمتين الإدارية والمالية".
ووعد الشاهد بأنّ "الحرب على الفساد طويلة الأمد ولا تزال في بدايتها"، معتبراً أنّه "لا يمكن القضاء على الفساد خلال بضعة أشهر وهو ما يعترف به الجميع"، بحسب قوله.
وتعهد الشاهد الارتقاء بتونس إلى مصاف الثلث الأول من الدول الأقل استشراء للفساد، خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأوضح الشاهد أن التوقيفات بحق عدد من المهربين ورجال الأعمال، في عدة مناطق من البلاد، "تمت بمقتضى قانون الطوارئ وتم إيداع بعضهم في السجن، في كنف من السرية، وستواصل ذلك لأنه ضمان لنجاحها".
وشدد رئيس الحكومة التونسية على أن الاعتقالات ليست "تصفية لخصوم سياسيين، بل محاسبة لفاسدين"، موضحاً أنّه تم توقيف "رجلي أعمال مطلوبين بمخالفات صرف بقيمة 700 مليون دينار، تعادل ما تقترضه تونس من دول أخرى"، مشدداً على أنّ "كل من تثبت إدانته قضائياً، فسيُحاسب مهما كانت انتماءاته".
وجلبت حملة مكافحة الفساد، للشاهد، دعماً شعبياً واسعاً، غير أنّ عدداً من الأحزاب والشخصيات المعارضة شكّكت في الحملة، وقالت إنّها مجرّد تصفية حسابات، ووصفتها بـ"الانتقائية"، لأنّها شملت رجال أعمال دون غيرهم.
واعتبر المعارضون أنّ حكومة الشاهد تغضّ الطرف عن الفاسدين الكبار، وأنّ خطته في هذا الشأن غير واضحة المعالم، وطالبوا بحضوره أمام البرلمان، لتوضيح أسباب التوقيف وشرح الخطة، وما إذا كانت انتقائية ومؤقتة، أم ستشمل كل الفاسدين في كافة القطاعات.