تحوّل خلاف القوى السياسية العراقية المتنفذة بشأن مفوضية الانتخابات إلى صراع فرض إرادات بين أحزاب تريد تمرير مرشحيها ليكونوا أعضاء بمجلس المفوضين الجديد، في مقابل أخرى تدفع باتجاه اختيار مفوضية مستقلة. وفي ظل هذا الخلاف المحتدم يرجح نواب عراقيون سيناريوهات مختلفة بشأن الانتخابات، أبرزها التأجيل أو تعطيل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في إبريل/نيسان المقبل وتشكيل حكومة طوارئ بإشراف دولي.
عضو في لجنة خبراء اختيار مفوضية الانتخابات الجديدة رجح عدم التوصل إلى اتفاق بشأن أعضاء مجلس المفوضية الجديد خلال الأيام القليلة المقبلة بسبب الخلاف العميق بين أعضاء اللجنة، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن "الأحزاب الكبيرة تصرّ على فرض مرشحيها، فيما يطالب آخرون بمفوضية مستقلة". وأشار إلى أنه "تمّ استبعاد القوائم التي تضمّ المرشحين المستقلين والتكنوقراط، في مقابل منح مرشحي الأحزاب المتنفذة درجات عالية أثناء المقابلة"، مؤكداً أن "البلاد ستدخل في فراغ قانوني كبير إذا لم يتم حسم مسألة المفوضية الجديدة خلال الشهر الحالي". وأضاف أن "عمل المفوضية الحالية ينتهي خلال شهر سبتمبر/أيلول الحالي"، مبيّناً أن "قانون مفوضية الانتخابات يوجب وجود مفوضية جديدة تتسلم العمل من المفوضية المنتهية دورتها".
وأعلن عضو البرلمان العراقي محمد نوري العبد ربه الشهر الماضي انسحابه من لجنة الخبراء بسبب ما وصفه بـ"عمليات التزوير والتلاعب التي تشوب عملها"، مؤكداً أن "لجنة الخبراء أقصت المرشحين الكفوئين مقابل منح الأفضلية لمرشحي الأحزاب السياسية الكبيرة".
ولم يقتصر النقد الموجه للجنة الخبراء على النائب محمد نوري العبد ربه، إذ أكد عضو البرلمان عن "التحالف الوطني" الحاكم هلال السهلاني، أن "لجنة الخبراء استبعدت التكنوقراط من المفوضية الجديدة، ودفعت باتجاه فوز المرشحين المنتمين للأحزاب والكتل السياسية"، مشيراً في بيان إلى أن "جميع أعضاء لجنة الخبراء يفضّلون أن يكون مرشحو كتلهم السياسية ضمن المقاعد التسعة المخصصة لمجلس المفوضين الجديد".
عضو في البرلمان أكد أن "اشكالية عدم الاتفاق على مفوضية جديدة تمثل واحدة من اشكاليات عدة، قد تتسبب بتأجيل أو تعطيل الانتخابات البرلمانية المقبلة"، مشيراً خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى "وجود مشاكل اجتماعية وأمنية قد تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها".
ولفت إلى أن "وجود أكثر من أربعة ملايين نازح، وأربع مدن رئيسية هي الحويجة بمحافظة كركوك (شمالاً)، والقائم وعانة وراوة وعانة بالأنبار(غرباً)، تجعل الحديث عن إجراء الانتخابات في ظلّ هذه الاجواء أمراً صعباً جداً"، لافتاً إلى "وجود توجه محلي ودولي لتأجيل الانتخابات في حال لم يستتب الأمن في هذه المناطق". وأوضح أن "بعض الأطراف العراقية المتنفذة طرحت سيناريوهات عدة للحيلولة دون حدوث فوضى إذا حلّ شهر أبريل/نيسان المقبل (موعد اجراء الانتخابات البرلمانية) ولم تحصل الانتخابات. وأبرز هذه السيناريوهات هي تأجيل الانتخابات حتى نهاية العام المقبل، أو تعطيلها واللجوء لتشكيل حكومة طوارئ مؤقتة تقود البلاد لحين إجراء الانتخابات".
بدوره، عبّر المالكي عن قلقه من الحديث عن احتمال تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، محذّراً في كلمة أمام تجمّع عشائري بمحافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد) من وجود بعض الجهات التي تسعى للمضي بعملية الانقلاب السياسي والغاء الانتخابات المقبلة. وأضاف أن "تشكيل حكومة أغلبية تقوم على مبادئ ومرتكزات أساسية وواضحة هو الحل الأمثل لمشاكل العراق"، مشيراً إلى "وجود أصوات داعية إلى إلغاء الانتخابات أو تأجيلها". وتابع أن "الانتخابات المقبلة ستكون الفاصل في مستقبل العراق"، منبّهاً من "خطورة التناحرات والتجاذبات السياسية بين القوى التي تشكل الحكومة والبرلمان".
في مقابل ذلك، اتهم عضو البرلمان عن "التحالف المدني" فائق الشيخ علي، بعض الأطراف التي تدّعي بأنها "ضد تأجيل الانتخابات بالوقوف وراء دعوات التأجيل"، مؤكداً في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "الحديث عن رفض التأجيل هو بالون اختبار يطلقه من يعمل بجد على تأجيل الانتخابات ليجس النبض". ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، أن "احتمالات تأجيل الانتخابات واردة"، معتبراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تعطيل الانتخابات إن حدث وشُكّلت حكومة طوارئ، فإنها لن تكون الأولى إذ سبق للعراق أن شهد تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة البلاد برئاسة نائب الرئيس العراقي الحالي، إياد علاوي عام 2004". واشار إلى أن "موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في إبريل يعتبر توقيتاً دستورياً، لأن الدستور أوجب أن تكون هنالك انتخابات برلمانية كل أربع سنوات، وأي اتفاق على التأجيل أو التعطيل للانتخابات، يتطلّب توافقاً سياسياً بين مختلف القوى من أجل تمرير ذلك تحت قبة البرلمان".