مرّ بهدوء، اليوم الطويل الذي تشهده ألمانيا، لانتخاب برلمان اتحادي جديد (بوندستاغ) للبلاد، يتوقع أن يمنح أنجيلا ميركل ولاية رابعة كمستشارة، غير أنّه قد يشهد اختراقاً تاريخياً لليمين الشعبوي والقومي.
ونشرت الإدارة الاتحادية للانتخابات الأرقام الأولية لنسبة المشاركة، وأبرزت إقبالاً كثيفاً لدى الناخبين، وذلك قبل ساعات من إقفال صناديق الاقتراع. وبينت الأرقام أن نسبة التصويت على مساحة البلاد وصلت حتى ساعات بعد الظهر إلى 41.1%، أي بأقل 0.3% مما كانت عليه الأرقام في الانتخابات الماضية عام 2013، لكن من دون احتساب الأصوات المدلى بها عبر البريد. علماً أن الانتخاب بالبريد شهد هذه الدورة، إقبالاً واسعاً لدى الناخبين، حتى إنه وفي إحدى الدوائر الانتخابية الصغرى في منطقة باسدورف التابعة لمدينة راينسبورغ، وحيث يتسجل 23 ناخباً، انتخب 18 عبر البريد.
وبيّنت الإحصاءات الأولية لعملية الاقتراع، في بعض المدن والولايات، عن مشاركة مرتفعة للناخبين الألمان، حيث بلغت نسبتها 30.2% في شتوتغارت، و40.2% في ولاية بافاريا، و37.4% في هامبورغ.
إلى ذلك، بين تقرير مدير الانتخابات أنه وفي ولاية شمال الراين وستفاليا، أكثر الولايات اكتظاظا بالسكان، بلغت نسبة التصويت 40% بتحسن طفيف بلغ 3% عن انتخابات 2013، فيما في ولاية ساكسن انهالت بلغت 29.6% بعد أن كانت قبل أربع سنوات 25.8%. وفي ولاية بريمن، ارتفعت نسبة المشاركة في العملية الانتخابية من 24.9% في العام 2013 إلى 27.1% حتى الساعات الأولى من بعد الظهر.
ويختار حوالى 61.5 مليون ناخب بين الساعة 8:00 والساعة 18:00 (6:00 إلى 16:00 توقيت غرينتش) نوابهم وفق نظام انتخابي يمزج ما بين الغالبية والنسبية.
ومن المتوقع أن تشهد مراكز الاقتراع، خلال فترة بعد الظهر، رغم الطقس الخريفي الماطر، إقبالاً كثيفاً، حتى موعد إقفال صناديق الاقتراع، الساعة السادسة مساء (توقيت محلي).
وكانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ومرشحة حزبها المسيحي الديمقراطي لولاية رابعة، قد توجهت بعد ظهر اليوم برفقة زوجها يواخيم زاور إلى جامعة هومبولت وسط برلين، وأدلت بصوتها بوجود واهتمام كبير من وسائل الإعلام، من دون أن تدلي بأي تصريح. بدوره، اقترع زعيم الحزب الاشتراكي السابق، وزير الخارجية، زيغمار غابرييل، في مدينة غوسلر التابعة لولاية سكسونيا السفلى الواقعة شمال البلاد، وأدلى بتصريح مقتضب اعتبر فيه أن حزبه الاشتراكي الديمقراطي تحت الضغط، وأن الوضع ليس جيدا.
وأدلى مرشح الحزب الاشتراكي، مارتن شولتز، بصوته أيضا، في مسقط رأسه في فورسلن قرب مدينة آخن، وحثّ في فيديو قصير عبر "فيسبوك"، الناخبين للتوجّه إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، فيما أدلى زعيم حزب "الخضر" جيم أزدمير، بصوته، في مدينة برلين، وغادر دائرته الانتخابية بمنطقة كرويزبرغ، من دون الإدلاء بتصريح.
Martin Schulz " style="color:#fff;" class="facebook-post-link" target="_blank">Facebook Post |
وكانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى رقم قياسي للناخبين الذين أدلوا بأصواتهم عبر البريد، في كافة الولايات الألمانية.
وتبين ذلك نتيجة الطلب على وثائق الانتخاب، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، حيث تم في مدينة برلين، إصدار 662 ألف بطاقة انتخاب بريدية، أي ما نسبته 26.4% من أصوات الناخبين، كما سُجّلت أرقام مرتفعة في ولاية بافاريا التي وصلت نسبة التصويت فيها عبر البريد إلى 35%، وفي شتوتغارت إلى 28% من الناخبين.
ويختار الناخبون الألمان، أعضاء البوندستاغ (البرلمان) الـ 630 من بين أربعة آلاف، و828 مرشحاً يمثلون 42 حزباً في البلاد.
وسجلت المشاركة الحزبية في انتخابات، هذا العام، رقماً قياسياً، إذ لم يسبق أن شارك 42 حزباً في الانتخابات منذ توحيد شطري البلاد عام 1991، حسب مجلة "دير شبيغل" الألمانية.
وتتم انتخابات بوندستاغ تحت مراقبة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بناء على دعوة رسمية تلقتها من الحكومة الاتحادية الألمانية، بوفد مؤلف من 50 برلمانياً، من 20 دولة عضواً، برئاسة نائب رئيس التجمع البرلماني للمنظمة، الجورجي غيورغ تسيريتيلي.
ويقوم المراقبون من أعضاء الوفد، وضمن فرق صغيرة، بالتوجّه إلى مراكز الاقتراع للاطلاع على سير العملية الانتخابية، وحتى إقفال الصناديق عند المساء، على أن تقوم فرق المراقبة بتسجيل ملاحظاتها، لإطلاع المسؤولين عن المهمة لاحقاً.
وتنحصر الأصوات بين الأحزاب الكبيرة، وهي "الاتحاد المسيحي" بقيادة ميركل (يمين وسط)، والاشتراكيون الديمقراطيون بقيادة منافسها الأبرز مارتن شولتز (يسار وسط)، واليسار، والخضر (يسار)، بالإضافة إلى حزبي البديل (يمين متطرف)، والديمقراطي الحر (يمين وسط) اللذين لم ينجحا في دخول البرلمان الذي انبثق عن 2013، لكنهما يملكان حظوظاً كبيرة في انتخابات هذا العام.
وكان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتيانماير، وفي كتاب له نشرته صحيفة "بيلد"، اليوم الأحد، قد دعا المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية، معتبراً أنّ "الانتخاب أهم واجب للمواطنة وهذا ما يتعلّق بمستقبل الديمقراطية في أوروبا".
وأضاف أنّ "التصويت حق مدني، وبالنسبة لي هو المواطنة الأبرز في الديمقراطية"، محذراً المواطنين من العزوف عن التصويت "لأن من لا ينتخب سيسمح للآخرين بأن يقرّروا البت في مستقبل بلدنا، حول كيفية سير العمل والاقتصاد والتعليم والصحة والرعاية وسياسة اللجوء والاندماج والأمن الداخلي والخارجي والمناخ والبيئة"، بحسب قوله.
ورجّحت آخر استطلاعات للرأي، نشرت السبت، فوز الاتحاد المسيحي بأكثرية الأصوات، بفارق كبير عن الاشتراكيين الديمقراطيين، فيما أحرز حزب البديل مفاجأة وحل في المركز الثالث.