"بيرلنغسكا" الدنماركية: بوتين والأسد يستخدمان استراتيجية "إعادة اللاجئين" للوصول إلى أموال الغرب
رأت صحيفة "بيرلنغسكا" الدنماركية، اليوم الاثنين، أن "لعبةً جيوسياسية بدأت ملامحها تتضح في سورية، من خلال اللعب بورقة إعادة اللاجئين السوريين، وهي طريقة أخرى ينتهجها الآن (رأس النظام) بشار الأسد، لتعزيز موقفه من أجل جلب أموال الغرب لإعادة بناء سورية وإخراجه من عزلته الدولية".
وذهبت "بيرلنغسكا"، تحت عنوان عددها اليوم "الأسد وبوتين يريدان عودة اللاجئين وآمالهما معقودة على تدفق أموال الغرب"، إلى اعتبار أن قضية اللاجئين خارج سورية، وخصوصاً في دول الجوار، "باتت ملحة في إعلان النظام السوري انتصاره في الحرب الأهلية، فيما موسكو ودمشق تأملان بتدفيع الغرب فاتورة إعادة إعمار سورية، وتقوية وضع نظام الأسد الاقتصادي، وهو تطور يقلق هيومان رايتس ووتش".
ومضت "بيرلنغسكا" في عرض ما يجري، عبر اثنين من كبار صحافييها المراسلين المختصين بقضايا المنطقة العربية، ميكل دانيلسن وتوماس أوغورد، للقول إن "لقاء سوتشي الأخير يظهر بوضوح أننا بتنا أمام لعبة سياسية باتت قطع أحجيتها، بسعي روسي واضح، على طاولة التفاوض، لإخراج (رأس النظام السوري) بشار الأسد من عزلة استمرت لسنوات".
اللعبة، بحسب "بيرلنغسكا"، تبدأ في لبنان: "مليون سوري يحتضنهم هذا البلد، وقد أعلنت روسيا ومليشيا حزب الله الشيعية، أنهما سيفتحان مكتباً لتنظيم إعادة السوريين، ومنذ يونيو/حزيران الماضي لم يعد أكثر من ثلاثة آلاف، وترفض منظمة الأمم المتحدة للاجئين أن تشارك في سياسة الترحيل هذه، في المقابل نشاهد في تركيا إغلاق خمسة معسكرات لاجئين، وفي قمة هلسنكي بين بوتين وترامب جرى اقتراح أن تشارك الولايات المتحدة في إعادة اللاجئين والإعمار، وهو أمر لم تجب عليه بعد إدارة ترامب".
ويتحدث للصحيفة الدنماركية آرون لوند، الخبير السويدي في القضايا العربية في "مركز السياسات الخارجية السويدي"، معتبراً أن ما يجري في الواقع "سيمنح الأسد مساعدة للخروج من عزلته الدولية، واللعب على قضية اللاجئين واحدة من نوافذ تسويق في الغرب".
ويقيّم الخبير السويدي، لوند، ما يجري بـ"محاولات ضغط على الغرب للمساهمة بمساعدات اقتصادية وإنسانية وتخفيف العقوبات عن دمشق، وإذا ما نجحت روسيا في تسويق ذلك، بالضغط أولاً على النظام في دمشق لعودة اللاجئين، فإنها ستكون أمام وضع تستطيع من خلاله وخصوصاً في لبنان، البدء بهذه الخطوة لتوسيعها نحو الأردن وتركيا".
ويتحدث معدا التقرير في "بيرلنغسكا" مع الباحث في أزمة اللاجئين في الجامعة الأميركية في بيروت، ياسر ياسين، الذي يتفق مع لوند بالقول للصحيفة إن "روسيا تود تطبيق مشروعها في إرسال اللاجئين إلى بلدهم، فهو أمر سيقوي موقفهم المستجد في كل الشرق الأوسط بعرض أنفسهم أنهم يساعدون دول الجوار للتخلص من مشكلة اللاجئين في دولهم، وهو أمر لا شك في أنه سيشرعن نظام الأسد المدعوم روسياً".
وبالرغم من ذلك، تتحدث الصحيفة عن أن "هذا التطور، في المسعى الروسي لفرض إعادة اللاجئين وتعويم النظام في دمشق، يقابل بقلق حقوقي دولي، وفي المقدمة تقف هيومان رايتس ووتش، أولاً لأن سورية غير آمنة، وفقا لما تذكر لبريلنغسكا سارة كيالي، الباحثة في المنظمة".
وترى كيالي، إلى جانب غياب الأمن في سورية، "غياب أيّ ضمانات من الحكومة السورية بعدم اعتقال وتعذيب العائدين، فيما هي في الوقت ذاته، تقوم بهجمات مستمرة في جنوب سورية وتتحضر لمعركة في إدلب".
وتمضي "بيرلنغسكا" لعرض تقارير دولية، ومن بينها لـ"رايتس ووتش"، وثقت كيف أن اللاجئين، في أكثر من مرة، جرى قصفهم وقتلهم واعتقالهم وتعذيبهم بعد عودتهم. ومضت الصحيفة لتتحدث عن أنه "في الأشهر الأربعة الأولى فقط من العام الحالي، جرى تهجير ما يقرب من 900 ألف إنسان في داخل سورية، وفقا لرايتس ووتش. ومؤخراً أيضاً، شهدت السويداء، والتي تقع تحت سيطرة الحكومة، والتي تعتبر بالتالي آمنة، أكثر من 200 إنسان قتلوا في هجوم تبناه تنظيم داعش، وهو ما يشير إلى هشاشة الوضع في كل سورية".
وتمضي الصحيفة للتحدث عن أوضاع مزرية للاجئين في دول الجوار، وعن سورية التي يراد إرسال اللاجئين إليها، والتي "أكثر من نصف بنيتها التحتية دمرت بالكامل، وهذا يعني أن الشعب لا يملك مؤهلات العيش إذا ما عاد إليها، وللأسف هم لا يملكونها أيضا في الدول المحيطة"، بحسب ما تذكر كيالي للصحيفة، والتي رأت أيضاً أن "ما يجري هو إجبار الناس في لبنان على المغادرة إلى سورية، لأنه لم يبقَ أمامهم من خيارات كثيرة".
وبالرغم من آمال روسيا في جذب الغرب لفتح محافظه المالية للنظام السوري بحجة استعادة اللاجئين، يرى الباحث السويدي، آرون لوند، أن "مسألة اللاجئين في أوروبا وأميركا لن تمس، ولن يجري إعادة أحد، أولاً لأن هناك قوانين في تلك الدول ومعاهدات دولية ملتزمة بها، وهي التي تحمي اللاجئين من ترحيلهم، وثانياً لن يكون هناك عودة طوعية، لأن وضعهم (اللاجئين) أفضل في أوروبا مما سيكون عليه في سورية".