لم تصمد القوانين التي أقرها البرلمان العراقي عن طريق التوافق والتصويت الرسمي، بوجه إرادة جهات سياسية وحزبية ذات نفوذ في البلاد، حتى بدت كل قوانين السلطة التشريعية هشة أمام إرادة تلك الجهات التي تسلّطت بقوة على عمل أعلى سلطة في البلاد. فبعد أن وجّهت مستشارية الأمن الوطني العراقي التي يتزعمها رئيس هيئة مليشيا "الحشد الشعبي" أمراً منعت فيه تطبيق قانون العفو العام الذي أقره البرلمان منذ نحو عام، أصبح عمل السلطة التشريعية مرهوناً بإرادة هذه الجهات التي تجاوزت كل الصلاحيات وتحكمت بقوانين سيادية.
وتضع هذه التحركات، كل قوانين السلطة التشريعية، والتي صادقت عليها أيضاً رئاسة الجمهورية وطبقتها السلطة القضائية، في مهب الريح، لتصبح بقبضة جهات سياسية تتحكّم فيها، الأمر الذي يفرض واقعاً جديداً يشير إلى تسلط تلك الجهات على عمل البرلمان وقدرتها على تحجيم دوره التشريعي. بينما يرى مراقبون أنّ القوانين المستهدفة هي القوانين التي تم التصويت عليها بعد التوافق السياسي، ما يعني أنّ تلك الجهات تسعى لحصر عمل البرلمان باتجاه التصويت عن طريق الأغلبية السياسية، وهي الطريقة التي أقرّ فيها قانون مليشيا "الحشد الشعبي".
ووجّهت مستشارية الأمن الوطني التي يرأسها فالح الفيّاض، أخيراً كتاباً سريّاً إلى وزارة العدل، وجّهتها فيه بوقف تطبيق قانون العفو العام على وجه السرعة، ووقف إطلاق سراح السجناء المشمولين بالقانون، من دون ذكر الأسباب الموجبة لذلك. بدورها وجّهت وزارة العدل تعميماً على كافة السجون العراقية أمرت فيه بوقف تطبيق القانون، وإرجاع السجناء الذين اكتملت معاملات الإفراج عنهم إلى سجونهم، وتم وقف القانون. ويتولّى الفيّاض، مع منصبه في المستشارية، منصب رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كثيرة إزاء استقلاليته في عمله كرئيس للأمن الوطني، وعدم إنفاذ رأي قادة المليشيات بقراراته.
وأثار هذا التجاوز للدستور وللصلاحيات، غضب برلمانيين عراقيين، عدّوه خطوة نحو "الفوضى في عمل البرلمان". وقال عضو لجنة الأمن البرلمانية النائب رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا الإجراء خرق صارخ للقوانين البرلمانية السارية، فالقانون لا يمكن وقفه أو تعطيله إلا بقانون جديد، ولا يمكن لإرادة شخص أو جهة سياسية أن تتحكّم بقانون صوّت عليه البرلمان"، موضحاً أنّ "هذا الإجراء يؤشر إلى شيء خطير، وهو توجّه أشخاص وجهات سياسية للتحكّم بالقوانين النافذة وعمل السلطة التشريعية، وفقاً لما تراه أهواؤهم وأمزجتهم الشخصية".
اقــرأ أيضاً
وشدّد الدهلكي على أنّ "هذا التوجّه خرق صارخ للدستور والقانون ولسلطة البرلمان، ويؤكد عدم وجود دولة مؤسسات في البلاد، لأنّ أي خلل بأي قانون، من الممكن مناقشته في البرلمان لا يُعطّل بإجراء فردي"، مشيراً إلى أن القوانين البرلمانية لا تُقر إلا بعد مناقشة مستفيضة، وخصوصاً قانون العفو الذي نوقش وعدّل لشهور عدة في البرلمان، وتمّت مناقشته مناقشات مستفيضة، موضحاً أن "هناك جهات مستفيدة من القانون وجهات أخرى متضررة كباقي القوانين الأخرى، لكنّنا عملنا لفترة طويلة على تقليص حجم الضرر، وتوسيع نسبة الاستفادة، لكي نكون أمام مرحلة جديدة، وتوصلنا إلى إقراره".
وعبّر عن رفضه التدخّل بالقوانين البرلمانية، معتبراً أنّ ذلك التدخّل غير قانوني وغير دستوري، خصوصاً أنّ هناك توافقاً سياسياً بشأن إقرار القوانين. وأشار إلى "أنّنا اليوم أمام مرحلة جديدة، فإذا ما توقف قانون العفو، فإنّنا نتوقع توقف وتعطيل قوانين أخرى مقرّة سلفاً، ما سيتسبب بفوضى في عمل البرلمان، كما ستكون التشريعات البرلمانية غير مجدية، وبالتالي فإنّ مشروعية ودستورية القوانين وعمل البرلمان، ستضرب من قبل تلك الجهات"، معتبراً ذلك "توجّهاً نحو دولة الفوضى وليس دولة القانون".
من جهته، أكد النائب عن تحالف القوى، خالد العلواني، أنّ "البرلمان سيكون له رد فعل على هذا التدخّل الصارخ وغير القانوني في عمله". وقال العلواني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "أي تدخّل في عمل البرلمان هو غير قانوني ومرفوض، ولا يحق لأي جهة حتى رئاسة الحكومة تعطيل عمل القوانين المشرعة، إلا من خلال المحكمة الاتحادية وهي الجهة الوحيدة التي تملك الصلاحية بذلك"، مشدداً على ضرورة عدم تدخل أي جهة وأي وزارة أخرى في عمل البرلمان.
أما الخبير السياسي، عبد السلام الهاشمي، فرأى أنّ "هذا القرار هو تجاوز لعمل مؤسسات الدولة واستقلاليتها، وضرب لهيبة الدولة بذات الوقت". وقال الهاشمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "هذا القرار الفردي ضرب أعلى سلطات في البلد، وهي السلطة التشريعية التي أقرّت القانون، ورئاسة الجمهورية التي صادقت عليه، والسلطة القضائية التي طبقته، ما يعني أنّ دور هذه الرئاسات الثلاث عطّل بقرار فردي من جهة لا صلاحية لها لاتخاذ قرارات بهذا المستوى".
وأكد أنّ "ذلك يؤشّر إلى منعطف خطير في عمل مؤسسات الدولة وضعفها أمام جهة سياسية معروفة متنفّذة في كافة مؤسسات الدولة، وهي مليشيا الحشد والجهات الداعمة لها"، موضحاً أنّ "هذه القوة التي عطلت دور أكبر مؤسسات الدولة تسعى من خلال قرارها إلى إرغام البرلمان على اللجوء إلى الأغلبية البرلمانية بإقرار القوانين، وتثبت لهم أنّ القرارات التي أقرت من خلال التوافق السياسي لا تستطيع أن تصمد أمام إرادتها"، داعياً البرلمان إلى "مواجهة هذه الإرادة الخارجة عن القانون، والتي تشكّل خطراً على دور البرلمان".
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ نهاية أغسطس/آب الماضي قانون العفو العام، بعد مناكفات وخلافات سياسية طويلة، عطّلت تمريره لفترة طويلة.
اقــرأ أيضاً
وأثار هذا التجاوز للدستور وللصلاحيات، غضب برلمانيين عراقيين، عدّوه خطوة نحو "الفوضى في عمل البرلمان". وقال عضو لجنة الأمن البرلمانية النائب رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا الإجراء خرق صارخ للقوانين البرلمانية السارية، فالقانون لا يمكن وقفه أو تعطيله إلا بقانون جديد، ولا يمكن لإرادة شخص أو جهة سياسية أن تتحكّم بقانون صوّت عليه البرلمان"، موضحاً أنّ "هذا الإجراء يؤشر إلى شيء خطير، وهو توجّه أشخاص وجهات سياسية للتحكّم بالقوانين النافذة وعمل السلطة التشريعية، وفقاً لما تراه أهواؤهم وأمزجتهم الشخصية".
وشدّد الدهلكي على أنّ "هذا التوجّه خرق صارخ للدستور والقانون ولسلطة البرلمان، ويؤكد عدم وجود دولة مؤسسات في البلاد، لأنّ أي خلل بأي قانون، من الممكن مناقشته في البرلمان لا يُعطّل بإجراء فردي"، مشيراً إلى أن القوانين البرلمانية لا تُقر إلا بعد مناقشة مستفيضة، وخصوصاً قانون العفو الذي نوقش وعدّل لشهور عدة في البرلمان، وتمّت مناقشته مناقشات مستفيضة، موضحاً أن "هناك جهات مستفيدة من القانون وجهات أخرى متضررة كباقي القوانين الأخرى، لكنّنا عملنا لفترة طويلة على تقليص حجم الضرر، وتوسيع نسبة الاستفادة، لكي نكون أمام مرحلة جديدة، وتوصلنا إلى إقراره".
وعبّر عن رفضه التدخّل بالقوانين البرلمانية، معتبراً أنّ ذلك التدخّل غير قانوني وغير دستوري، خصوصاً أنّ هناك توافقاً سياسياً بشأن إقرار القوانين. وأشار إلى "أنّنا اليوم أمام مرحلة جديدة، فإذا ما توقف قانون العفو، فإنّنا نتوقع توقف وتعطيل قوانين أخرى مقرّة سلفاً، ما سيتسبب بفوضى في عمل البرلمان، كما ستكون التشريعات البرلمانية غير مجدية، وبالتالي فإنّ مشروعية ودستورية القوانين وعمل البرلمان، ستضرب من قبل تلك الجهات"، معتبراً ذلك "توجّهاً نحو دولة الفوضى وليس دولة القانون".
من جهته، أكد النائب عن تحالف القوى، خالد العلواني، أنّ "البرلمان سيكون له رد فعل على هذا التدخّل الصارخ وغير القانوني في عمله". وقال العلواني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "أي تدخّل في عمل البرلمان هو غير قانوني ومرفوض، ولا يحق لأي جهة حتى رئاسة الحكومة تعطيل عمل القوانين المشرعة، إلا من خلال المحكمة الاتحادية وهي الجهة الوحيدة التي تملك الصلاحية بذلك"، مشدداً على ضرورة عدم تدخل أي جهة وأي وزارة أخرى في عمل البرلمان.
وأكد أنّ "ذلك يؤشّر إلى منعطف خطير في عمل مؤسسات الدولة وضعفها أمام جهة سياسية معروفة متنفّذة في كافة مؤسسات الدولة، وهي مليشيا الحشد والجهات الداعمة لها"، موضحاً أنّ "هذه القوة التي عطلت دور أكبر مؤسسات الدولة تسعى من خلال قرارها إلى إرغام البرلمان على اللجوء إلى الأغلبية البرلمانية بإقرار القوانين، وتثبت لهم أنّ القرارات التي أقرت من خلال التوافق السياسي لا تستطيع أن تصمد أمام إرادتها"، داعياً البرلمان إلى "مواجهة هذه الإرادة الخارجة عن القانون، والتي تشكّل خطراً على دور البرلمان".
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ نهاية أغسطس/آب الماضي قانون العفو العام، بعد مناكفات وخلافات سياسية طويلة، عطّلت تمريره لفترة طويلة.