سورية: مجازر في حلب وإدلب وتمدُّد كردي وحراك أوروبي

رامي سويد

avata
رامي سويد
14 يونيو 2016
A1710444-EE98-46B0-B8D3-EED866075016
+ الخط -
سجل طيران النظامين الروسي والسوري أمس الثلاثاء مجازر جديدة في حلب وإدلب، عندما قتلت الغارات ما لا يقل عن 30 مدنياً وجرحت العشرات، بينما دخلت المعركة في ريف حلب الشرقي بين قوات "سورية الديمقراطية" بدعم من طيران التحالف الدولي، وقوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مرحلة جديدة، في ظلّ إصرار "سورية الديمقراطية" على إحراز المزيد من التقدم بريف حلب الشرقي. بموازاة ذلك، دخل الاتحاد الأوروبي على خط الملف السوري، تُرجم ذلك باجتماع "إيجابي"، انطلق أول من أمس الاثنين، في العاصمة البلجيكية بروكسل، مع "الائتلاف السوري المعارض" وهيئة التنسيق الوطنية، لخروج المعارضة بوثيقة خارطة طريق موحّدة لحل سياسي في سورية يدفع الاتحاد باتجاه إصدارها لتكون أساس تحريك العملية التفاوضية المتوقفة منذ إبريل/ نيسان الماضي.

وقال الناشط الإعلامي، مصطفى أبو محمد، لـ"العربي الجديد": "إنّ تسعة مدنيين قتلوا وأصيب أكثر من عشرة آخرين في قصف بالألغام المتفجرة، نفّذته مروحية تابعة للنظام على بلدة البارة جنوب مدينة إدلب"، مشيراً إلى أنّه "تمّ نقل بعض الجرحى إلى المشافي التركية القريبة لخطورة إصاباتهم". وفي السياق نفسه، قتل نحو 20 مدنياً آخرين وأصيب نحو عشرين، بقصف مماثل على أحياء بمدينة حلب، ومدن وبلدات في الأرياف القريبة منها، تحديداً كفرحلب والشيخ علي والفردوس وصلاح الدين والمعادي.

على صعيد آخر، تحاول قوات "سورية الديمقراطية" إحرز مزيد من التقدم في ريف حلب الشرقي، تاركة مدينة منبج التي يسيطر عليها "داعش" تحت حصار كامل، لتتفرغ طائرات التحالف الدولي لقصف أهداف داخل المدينة، الأمر الذي أدى إلى إيقاع خسائر في صفوف "داعش"، ودمار في البنى التحتية كان التنظيم قد حوّلها إلى مقرات. ويضاف إلى ذلك، تضرُّر شبكات الكهرباء والمياه، الأمر الذي أدى إلى انقطاع هذه الخدمات عن المدينة.

وتقول مصادر محلية في منبج، لـ"العربي الجديد"، إن الاشتباكات تواصلت، أمس الثلاثاء، قرب مدخل مدينة منبج الغربي، في محيط قرية أم الصفا التي يسيطر عليها "داعش". كما تدور اشتباكات متزامنة في محيط قرية الأسدية ومحيط منطقة المطاحن، جنوب منبج، التي يسيطر عليها التنظيم، وذلك إثر محاولات قوات "سورية الديمقراطية" المستمرة لقضم مزيد من الأراضي التي لا يزال التنظيم يسيطر عليها في محيط منبج، وفقاً للمصادر.

وبدأ طيران التحالف الدولي، منذ أول من أمس الاثنين، شن غارات جوية على المباني التي يتمركز فيها "داعش" وسط مدينة منبج، إذ استهدف الطيران الثانوية الزراعية، ومبنى مديرية الكهرباء القديم، وفندق منبج، ومبنى في السوق المركزي، ما أدى إلى دمار هذه المباني، ومقتل عدد من مسلحي التنظيم. واتهم نشطاء محليون طيران التحالف بالتسبب بمقتل مدنيين كان التنظيم يحتجزهم كمعتقلين في مبنى الزراعة الذي حوّله "داعش"، في وقت سابق، إلى سجن يقبع فيه كل من يُخالف أحكامه التي فرضها على السكان. ونشر نشطاء من أبناء منبج أسماء اثنين من سكان المدينة كانا معتقلين لدى "داعش"، وعلمت عائلتاهما أنهما قضيا في غارات التحالف الدولي على مبنى مدرسة الزراعة.

وحاول التنظيم شن هجمات معاكسة على قوات "سورية الديمقراطية"، على محاور القتال في قرية الهدهد، شمال شرق منبج، وقرية جقل كبير، غرب منبج، ونجح بتحقيق تقدُّم على هذين المحورين. ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة لمقربين من التنظيم، أخباراً قالت فيها إن "داعش" تمكّن من أسر مقاتلين تابعين لقوات "سورية الديمقراطية" في هذه المناطق.

وأدت غارات التحالف الدولي، والتي استهدفت منطقة المطاحن، جنوب منبج، إلى وقوع أضرار كبيرة في شبكتَي الكهرباء والمياه، ما أدى لانقطاعهما عن مدينة منبج. هذا التطور، وفقاً لمراقبين، قد يفتح الباب أمام تدهور كارثي وسريع في الأوضاع الإنسانية للسكان الباقين في مدينة منبج، والذين لا يُعرف عددهم تحديداً بسبب تضارب التقديرات حول أعداد من غادروا المدينة قبل فرض حصار كامل عليها من قبل قوات "سورية الديمقراطية".

وتواصل قوات "سورية الديمقراطية" تقدّمها غرباً على الرغم من استمرار المعارك في محيط مدينة منبج المحاصرة، إذ سيطرت، خلال يومَي الاثنين والثلاثاء، على أجزاء من بلدة العريمة بريف منبج الغربي، لتقترب من طريق بلدة بزاعة المتاخمة مباشرة لمدينة الباب الواقعة تحت سيطرة "داعش"، والتي يبدو أنها ستكون الهدف التالي لقوات "سورية الديمقراطية".






سياسياً، يواصل وفدا "الائتلاف السوري المعارض" وهيئة التنسيق الوطنية، التي تمثّل معارضة الداخل، اجتماعات في العاصمة البلجيكية بروكسل بدعوة ورعاية من الاتحاد الأوروبي للخروج بـ"وثيقة مبادئ مشتركة" حيال أهم القضايا التي تخص المسار السياسي، والعملية التفاوضية مع النظام السوري. ويحاول الاتحاد الأوروبي كسر جمود العملية السياسية وتفعيل دوره في الملف السوري، في ظل تراخ سياسي أميركي، واستفراد روسي ـ إيراني يُترجم، يومياً، من خلال ارتكاب المزيد من المجازر التي تدل على نيّة مشتركة لحسم عسكري يُعيد ترتيب أوراق التفاوض لفرض حلّ على المعارضة السورية يعيد إنتاج النظام، ويُبقي رئيسه بشار الأسد في السلطة.

وتوضح مصادر في "الائتلاف"، لـ"العربي الجديد"، أن "الوفدين عقدا اجتماعاً، أول من أمس الاثنين، مع الأمين العام للعلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي آلان لي روي، وأكد المجتمعون على أهمية الحل السياسي، وتكثيف الجهود في العملية السياسية للوصول إلى حلّ سياسي عادل ينهي المأساة السورية، بما يحقق تطلعات الشعب السوري"، وفقاً للمصادر.

وطالب رئيس "الائتلاف"، أنس العبدة، الاتحاد الأوروبي، بحسب هذه المصادر، "بحماية العملية السياسية ودعم وصولها إلى مبتغاها في حلّ سياسي عادل يأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوري". وأشار العبدة إلى أن استمرار نظام الأسد وروسيا باستهداف المدنيين "يدل على أن العملية التفاوضية وصلت إلى طريق مسدود"، متهماً روسيا بمشاركة النظام في استهداف المدنيين، ومطالبا بـ"ردة فعل دولية حقيقية على انتهاكات قرار وقف العمليات العدائية من قبل النظام وحلفائه.

من جانبه، شدّد المنسق العام لهيئة التنسيق، حسن عبد العظيم، على ضرورة التفاعل لإنهاء انقسام المعارضة السورية، وتوحيد قواها، واستكمال تمثيل الكرد، الذي اعتبره "هاماً جداً"، وفق بيان صادر عن الائتلاف. وأعرب الأمين العام لمكتب العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعه مع المعارضين السوريين، عن رغبة الاتحاد في توسيع دوره ودعم المعارضة السورية للتوصل لحل شامل، مؤكداً على ضرورة أن تقوم المعارضة بـ"وضع رؤية مشتركة للحل السياسي".

ويعدّ اجتماع بروكسل هو الرابع الذي يجمع "الائتلاف"، ويضم أحزاباً وتيارات من المعارضة السورية التقليدية، وتلك التي أفرزتها الثورة على مدى سنوات، إضافة إلى ممثلي الحراك الثوري السوري، مع هيئة التنسيق الوطنية التي تشكلت منتصف عام 2011، وتضم أحزاباً وتيارات وقوى تمثّل معارضة الداخل السوري.

وتتوقع مصادر مطلعة أن يتمخض عن اجتماع بروكسل "إجراء تعديلات" على وثيقة مبادئ مشتركة كانت وُقّعت بين "الائتلاف" وهيئة التنسيق الوطنية العام الماضي، برعاية الاتحاد الأوروبي. وترجح المصادر المطلعة أن تتضمن الوثيقة المعدلة خارطة طريق لحل سياسي في سورية يدفع الاتحاد الأوروبي باتجاه إصدارها لتكون أساس تحريك العملية التفاوضية المتوقفة منذ إبريل/ نيسان الماضي.

وتشير المصادر ذاتها، لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك توافقاً في الرؤى بين "الائتلاف" وهيئة التنسيق على مختلف القضايا التي تخص المرحلة الانتقالية، بما فيها تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية، والتغيير السياسي الجذري. وتوضح أن "الائتلاف" لا يزال مصرّاً على ضرورة ألا يكون الأسد جزءاً من أي حل، في حين ترى بعض الشخصيات في هيئة التنسيق أن وجود الأسد من دون صلاحيات ربما يدفع باتجاه إيجاد حل يساعد على إنهاء مأساة السوريين. وتلفت المصادر إلى أن "مصير الأسد في المرحلة الانتقالية هو محور الخلاف".

من جانبه، يؤكد عضو الهيئة السياسية في "الائتلاف"، عقاب يحيى، أنّ أجواء الاجتماعات "إيجابية"، متوقعاً صدور وثيقة مشتركة بين الجانبين "تساعد على ترسيخ الانسجام والتوافق بين أطياف المعارضة تجاه الحل السياسي المرتقب في سورية". ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن الائتلاف يسعى إلى توحيد الجهود، والانفتاح على كل تيارات وأطياف المعارضة السورية. ويشير يحيى إلى أن الهيئة العليا للمفاوضات التي تجمع الائتلاف وهيئة التنسيق "ليست بعيدة عن اجتماعات بروكسل"، مشدداً على أن الائتلاف لا يحاول أن يكون منافساً للهيئة، وأن جميع مؤسسات وتيارات المعارضة السورية "في مركب واحد"، وهدفها "التوصل إلى حل سياسي يلبّي تطلعات السوريين".

وقال الناشط الإعلامي، مصطفى أبو محمد، لـ"العربي الجديد": "إنّ تسعة مدنيين قتلوا وأصيب أكثر من عشرة آخرين في قصف بالألغام المتفجرة، نفّذته مروحية تابعة للنظام على بلدة البارة جنوب مدينة إدلب"، مشيراً إلى أنّه، "تمّ نقل بعض الجرحى إلى المشافي التركية القريبة لخطورة إصاباتهم".

ذات صلة

الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.