زيارة بوتين للقاهرة: سياحة ونووي وقواعد عسكرية

القاهرة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
11 ديسمبر 2017
398EAF53-195B-42D9-9161-215E286B00B6
+ الخط -


بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين، زيارة رسمية إلى مصر، هي الثانية له في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ما أعطى النظام الفرصة لترويج الزيارة باعتبارها انتصاراً دبلوماسياً جديداً له، وترسيخاً لعلاقات الشراكة مع موسكو، على الرغم من تعثر ملف عودة السياحة والطيران منذ إسقاط طائرة السياحة الروسية فوق سيناء في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

في هذا السياق، من المرجّح أن تشهد الزيارة توقيع الاتفاق النهائي لعقود المفاعل النووي المقرر إنشاؤه بمنطقة الضبعة بمحافظة مطروح شمال شرقي مصر، وذلك بعد تأجيل التوقيع 5 مرات من قبل في سبتمبر/أيلول ثم أكتوبر/تشرين الأول ثم ديسمبر/كانون الأول 2016، ثم إبريل/نيسان ومايو/أيار من العام الحالي، على الرغم من إعلان شركة "روس آتوم" القائمة على تنفيذ المشروع استعدادها الكامل للتوقيع وإنهائها جميع البنود التمهيدية المطلوبة منها وفق العقد المبدئي، فضلاً عن توقيع اتفاقية الاقتراض من وزارة المالية الروسية بقيمة 25 مليار دولار لتمويل المشروع والتي تم التصديق عليها رسمياً في 19 مايو 2016.

أما في ما يتعلق بعودة السياحة، فقد أعلنت الرئاسة المصرية من قبل تعهد بوتين 3 مرات للسيسي بقرب عودة حركة الطيران، لكن تصريحات الوزراء ومسؤولي الطيران المدني الروس حملت دائماً إشارات مختلفة بمزيد من الطلبات والشروط الأمنية. وهو ما اعتبرته مصر تجاهلاً متعمداً للتطوير الملحوظ في الإجراءات الأمنية بالمطارات الرئيسية فيها، واتباع طرق تأمين جديدة استجابة للشروط الروسية والبريطانية والأوروبية في هذا المجال. وأبرزها استخدام النظام البيومتري لتحديد هوية المسؤولين المتواجدين في المطارات الكبرى.

من جهته، رأى مصدر دبلوماسي في ديوان الخارجية المصرية، أن "زيارة بوتين تحمل مؤشرات إيجابية لمصر وتعكس اهتمام موسكو الاستثنائي بالقاهرة كلاعب رئيسي في المنطقة يمكن التعويل عليه، للاستفادة من علاقاتها الجيدة مع أطراف متخاصمة أو على الأقل مختلفة. وهذه هي السمعة التي حاول السيسي بناءها على مدار السنوات الثلاث الماضية من سلوكه موقفاً حيادياً في عدد كبير من القضايا، خصوصاً في ملفات سورية ولبنان واليمن. وهو ما أهله لأداء دور القناة الخلفية للتواصل بين روسيا والمعسكر التابع لها، بما في ذلك نظام بشار الأسد في سورية، وبين السعودية والإمارات من ناحية أخرى، وهو ما اتضح جلياً في الأزمة اللبنانية الأخيرة".

وأضاف المصدر أن "روسيا أصبحت في حاجة لمصر أكثر من أي وقت مضى بسبب احتياجها المتزايد للمراقبة واحتمالات التدخل العسكري في سورية وليبيا، مما دعاها للشروع في إبرام اتفاق لاستغلال المطارات الحربية المصرية في عمليات بالمنطقة. وهو الأمر الذي لم تحسم مصر موافقتها عليه حتى الآن خشية ردة فعل غير محسوبة من الولايات المتحدة التي تمر علاقتها بمصر بعراقيل متتالية منذ أغسطس/آب الماضي، عندما استجابت الإدارة الأميركية لقرار الكونغرس بتجميد وتأجيل جزء من المساعدات السنوية إلى مصر".

وبحسب المصدر فإن "روسيا تحاول إغراء مصر بإبرام هذا الاتفاق بصفة نهائية خلال زيارة بوتين المرتقبة، مقابل منحها مساعدات عسكرية على صعيد الطائرات المقاتلة من طرازي ميغ وكا، وفي مجال الدفاع الجوي الذي تعتبر روسيا مورده الرئيسي بالنسبة لمصر، فضلاً عن إمدادها بمساعدات لوجيستية لتطوير البنية الأمنية للمطارات المدنية والعسكرية تمهيداً لإعادة حركة الطيران والسياحة لسابق عهدها، علماً بأن السياحة الروسية كانت تمثل في عام 2015 أكثر من 50 في المائة من إجمالي حركة السياحة الأجنبية".



وبدا من تشابك الملفات أن المحادثات الثنائية والموسعة التي ستجري خلال الزيارة ستكون معقدة، بل ربما لن تحسم كل الملفات إلا من خلال اللجنة الحكومية المشتركة التي من المقرر عقدها مطلع العام المقبل، خصوصاً أن هناك عقدة رئيسية لم تحل حتى الآن متعلقة بالتحقيقات القضائية المشتركة في واقعة سقوط الطائرة. وتطالب روسيا باعتراف مصر بالتقصير الأمني وتقديم مسؤولين مباشرين عن هذا التقصير، لا سيما أن روسيا ما زالت لديها شكوك في تورط مسؤول مصري واحد على الأقل في تسهيل عملية زراعة العبوة الناسفة على متن الطائرة الروسية. وفي كلا الحالتين، سواء كانت المسؤولية تقصيرية أو جنائية، فتأكيد ذلك بتحقيقات قضائية مشتركة سيرتب على مصر دفع تعويضات ضخمة للضحايا الروس.

وأوضح مصدر بمجلس الوزراء المصري، أن "مصر استطاعت تجنب الصدام حول هذه النقطة بالتباطؤ المتعمد في الاستجابة للمطالب الروسية الرسمية، الصادرة عن الحكومة وغير الرسمية الصادرة من الشركة المنفذة لمشروع المفاعل النووي، رداً على الضغوط الروسية في ملف عودة السياحة، والتي عانى منها الاقتصاد المصري في فترة حرجة، خصوصاً أن المسؤولين المصريين يؤمنون بأن تعطيل عودة السياحة الروسية يؤثر بصورة مباشرة على انتعاش السوق السياحية، ويؤثر بصورة غير مباشرة على التفضيلات السياحية للشعوب القريبة من روسيا ودول الاتحاد السوفييتي سابقاً. وهي فئات كانت قد بدأت في التدفق على مصر بين عامي 2009 و2013 نتيجة انخفاض أسعار المنتجعات المصرية والانتعاش الاقتصادي لبعض تلك الدول".

وفي موازاة هذا التباطؤ الذي لم ينته إلا في سبتمبر/أيلول الماضي، عقب زيارة رئيس مجلس إدارة "روس آتوم"، أليكسي ليخاتشوف، لمصر ولقائه السيسي، لم تمتنع القاهرة عن استقبال وفود التفتيش الروسية للمطارات، لكنها أبلغت موسكو بأنها ليست مستعدة لبذل المزيد من المال استجابة لشروط تراها تعجيزية، تحديداً بما يتعلق برفع الكفاءة الأمنية لبعض المطارات محدودة الاستخدام إلى مستوى الكفاءة المطبقة في مطارات القاهرة وشرم الشيخ والغردقة.

وعلى هذا، توقع مصدر حكومي أن "يبذل المسؤولون المصريون جهداً كبيراً خلال الساعات المقبلة لانتزاع قرار أو وعد صريح على الأقل من بوتين بعودة السياحة، في مقابل تدشين المفاعل النووي وإبداء مزيد من المرونة في ملف استخدام المطارات الحربية المصرية". ورجّح أن "تشهد الزيارة توقيع بروتوكول تعاون في مجال تأمين وسلامة الملاحة الجوية كانت الدولتان قد تباحثتا بشأنه قريباً".



ذات صلة

الصورة
قناة السويس من جهة الإسماعيلية، 10 يناير 2024 (سيد حسن/Getty)

سياسة

دعت جهات مصرية إلى منع مرور السفن الحربية الإسرائيلية في قناة السويس بعد توثيق مشاهد عبور سفينة حربية إسرائيلية فيها أخيراً، وسط غضب شعبي مصري.
الصورة
مرفأ الإسكندرية، 31 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

قدمت السلطات المصرية روايات متضاربة حول السفينة كاثرين التي تحمل متفجرات لإسرائيل. فبعد نفي لمصدر مصري استقبال السفينة صدر بيان لوزارة النقل يثبت وجود السفينة.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.