تظاهرة طلابية في الجزائر ضد ترشح بوتفليقة.. الجيش يحذر وسلال يتحدى الجماهير

26 فبراير 2019
من تظاهرات اليوم (العربي الجديد)
+ الخط -
تشهد الجامعات الجزائرية، منذ صباح اليوم الثلاثاء، تظاهرات طلابية غير مسبوقة ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 إبريل/ نيسان المقبل، إذ انتظمت مسيرات في كل الجامعات عبر المدن الجزائرية. في حين وجّه قائد الجيش الجزائري تحذيرات إلى الأطراف الداعية للتظاهرات، ووصفها بـ"الجهات المشبوهة".

وازدحمت الشوارع القريبة من الكليات والجامعات في الجزائر بالطلاب الجامعيين الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة لم تشهدها الجزائر منذ الاستقلال، لإعلان رفض استمرار بوتفليقة في الحكم.

وتمكن طلاب كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر من كسر الطوق الأمني، الذي فرضته الشرطة على مقر الكلية منذ الصباح الباكر، واتجهت المظاهرات الطلابية إلى الشارع للالتحاق بمسيرة طلاب كلية الحقوق، حيث سيقام مؤتمر طلابي عام لإعلان رفض ترشح بوتفليقة.

وقال الطالب حمية محمد، الذي يدرس في قسم الآداب، لـ"العربي الجديد": "الطلبة جزء من الشعب ولا يمكن أن يكونوا خارج السياق. نحن أيضًا نرفض الاستمرار والمغامرة بمستقبلنا"، بينما أكدت الطالبة نوال حميدي، التي تدرس في قسم العلوم السياسية، أن "هذه الانتفاضة الطلابية ليست لرفض وضع غير مقبول وإنهاء إهانة الشعب الجزائري؛ ولكن للدفاع عن مستقبلنا الذي لا يجب أن يضيع مثلما ضاع مستقبل الجيل السابق".


وسار الطلبة في الطريق السريع في منطقة بن عكنون في أعالي العاصمة،  وعجزت الشرطة عن صدهم، وتجمع الطلاب داخل الجامعة المركزية بعد فشل قوات الأمن في منعهم من الخروج من مقار كلياتهم. 

وفي ولاية بجاية، شرقي الجزائر، خرج الطلبة في مسيرة صاخبة ضد ترشح الرئيس بوتفليقة، ورفعوا شعارات "السلطة مجرمة"، "لا للعهدة الخامسة". وفي مدينة قسنطينة، شرقي البلاد، خرج طلبة المدرسة العليا في جامعة العلوم والتكنولوجيا إلى الشارع، وحدث الأمر نفسه في منطقة أم البواقي وباتنة شرقي البلاد، كما تجمع طلبة جامعة ورقلة وتمنراست في مسيرات لرفض استمرار الوضع السياسي في البلاد، ونظم طلبة جامعة وهران ومستغانم، غربي الجزائر، مظاهرات غير مسبوقة في المدينة، رددوا فيها شعارات مناوئة لترشح بوتفليقة.



وكانت لجان طلابية قد دعت، أمس الإثنين، طلبة الجامعات إلى التحرك لتنظيم وقفات سلمية داخل الحرم الجامعي رفضاً لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، إذ قالت هيئة تسمي نفسها "نحن طلاب الجزائر" إن "الجامعة هي أيضاً صوت الشعب"، وأنهم "لن يسمحوا لأحد بأن يتكلم باسمهم"، في إشارة إلى التنظيمات الطلابية الداعمة للعهدة الخامسة.


وفي الأثناء، تجري قيادات في تنظيمات طلابية موالية لبوتفليقة مشاورات لإعلان سحب دعمها لترشح الرئيس، بعد الانتفاضة الطلابية الحاشدة، و"استجابة لنداء موقف الطلبة"، وفق ما أعلنه مصدر من اتحاد طلابي موالٍ لبوتفليقة.

وأمس، التحق الأساتذة الجامعيون والطلبة بركب القوى الحية في الجزائر، المطالبة برفض استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم وترشحه لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأصدر الأساتذة والباحثون الجامعيون في الجزائر بياناً أكدوا فيه انحيازهم للإرادة الشعبية.


سلال يتحدى الجماهير

أكد عبد المالك سلال، مدير الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن الأخير سيقدم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل/نيسان المقبل، فيما اقترحت زعيمة يسارية إرجاء الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى حين توفر الشروط الضرورية.

وقال سلال، في لقاء مع قوى المجتمع المدني الموالية لبوتفليقة، إن "الرئيس سيسلم ملف ترشحه في الثالث من مارس/آذار المقبل، إلى المجلس الدستوري، والمجلس هو من يفصل في ملفات المرشحين".

ووجه انتقادات إلى القوى السياسية والشعبية المعارضة لترشحه وقال: "الترشح حق دستوري وعلى الجميع احترامه؛ بأي حق يمكن معارضة ترشح أي شخص، كل مواطن تتوفر فيه الشروط هو حر للترشح وطرح نفسه للاختيار الشعبي".

وتعهد سلال بالقيام بحملة انتخابية نزيهة ونظيفة في الانتخابات المقبلة، مشيرًا إلى أن الرئيس بوتفليقة ما زال يراهن على القوى المدنية لدعمه في الولاية الخامسة بهدف إنجاز خطة إصلاحات.

وتؤشر هذه التصريحات على تمسك السلطة ومحيط الرئيس بوتفليقة بترشحه لولاية خامسة في انتخابات إبريل/نيسان المقبل، وعدم وجود أية إمكانية لتغيير في الموقف باتجاه العدول عن ذلك.

قائد الجيش يحذر

إلى ذلك، وجّه قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الثلاثاء، تحذيرات إلى الأطراف الداعية إلى التظاهرات المناوئة لترشح بوتفليقة، ووصفها بـ"الجهات المشبوهة".

وقال قايد صالح، في لقاء مع القيادات العسكرية في منطقة تمنراست جنوبي الجزائر، إنه "يتعيّن الحذر من نداءات مشبوهة" قال إنها "تحاول تعكير صفو الشعب الجزائري التواق إلى العيش في كنف الأمن".

وتساءل المسؤول العسكري: "هل يعقل أن يتم دفع بعض الجزائريين نحو المجهول من خلال نداءات مشبوهة، ظاهرها التغني بالديمقراطية وباطنها جر هؤلاء المغرر بهم إلى مسالك غير آمنة، بل غير مؤمنة العواقب"، مشيراً إلى أن "هذه المسالك لا تؤدي لخدمة مصلحة الجزائر، ولا تحقيق مستقبلها المزدهر".

وحذر قائد الجيش الجزائري من أن "المؤسسة العسكرية لن تقبل أي استعمال للعنف"، وقال "الجيش بحكم المهام الدستورية المخولة له يعتبر أن كل من يدعو إلى العنف بأي طريقة كانت، وتحت أي مبرر، وفي ظل أي ظرف، هو إنسان يجهل أو يتجاهل رغبة الشعب الجزائري العيش في كنف الأمن والأمان".

ويعرف عن قائد أركان الجيش الجزائري، الذي يشغل منصبه منذ عام 2004، ولاؤه للرئيس بوتفليقة، وإشاداته المستمرة بمنجزات الجيش وتسليحه في عهد الرئيس الحالي.

ويرى مراقبون أن موقف الجيش يتسم بـ"الحذر" إزاء التطورات واللجوء الى خيار الشارع، خاصة وأن هيئة الناشطين المؤطرة للحراك الشعبي غير واضحة.

وقال المحلل السياسي أحسن خلاص لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن فهم تصريحات قائد الجيش على أنها دعم لترشح بوتفليقة في الوقت الحالي"، موضحاً "أعتقد أن الجيش ينتظر الطبعة الثانية من الحراك هذه الجمعة ليستخلص الموقف الذي يمكن أن يتخذه تجاه الأحداث، وخطاب قايد صالح اليوم يحمل تهديدات مغلفة، ومع ذلك من السابق لأوانه الحديث عن تدخل الجيش، ما دامت المظاهرات سلمية، وتدخل الجيش يجدد مبرره فقط إذا تم المساس بالممتلكات والمؤسسات والمرافق".

واعتبر المحلل السياسي الجزائري أنه وفي حال "حدث تدخل الجيش في الحالة السلمية، فإنه يكون أمام حالة خرق قد تحرجه أمام العالم". 

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة ورقلة جنوبي الجزائر أن "الجيش يعبر عن موقف متكرر بشأن الحفاظ على الاستقرار الأمني وعدم كسر منجزاته، والحياد في الانتخابات، وهذه مواقف متفق عليها، لكنه مع ذلك يبقى في موقف المترقب، ولن يغامر أو يجازف بالدخول على الخط"، مشيراً إلى أن "الجيش في الغالب يحرص على عدم المس بمصالحه في أي تحول أو منعطف سياسي".