وكانت ماي قد طلبت في خطابها، في فلورنسا، فترة انتقالية تمتد لعامين، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسمياً في مارس/آذار 2019.
ويكمن الهدف من هذه المرحلة الانتقالية في تسهيل خروج بريطانيا من مؤسسات الاتحاد، وتحافظ فيها لندن على عضويتها في السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإيرلندي يرى أن فترة العامين غير كافية، نظراً لتعقيدات الوضع في إيرلندا الشمالية، يرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن نهاية العام 2020 هي الفترة الأمثل لخروج بريطانيا من بنى الاتحاد القانونية.
وكان المفاوض الرئيسي للاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، قد علق مسبقاً على الفترة المقترحة، واعتبرها منطقية جدا، وتغطي الميزانية المالية الحالية للاتحاد الأوروبي.
ولا توجد ضوابط قانونية تلزم الطرفين بتحديد الفترة الانتقالية، إلا أن تاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2020 يناسب الطرفين؛ كونه يتوافق مع نهاية فترة ميزانية السبع سنوات الأوروبية، وبالتالي سيسهل التوافق على الالتزامات البريطانية المالية تجاه ميزانية الاتحاد الأوروبي.
وكان المدير السابق للمكتب القانوني في الاتحاد الأوروبي، جان كلود بيريس، قد علق على الأمر قائلاً: "يمكن أن تمتد الفترة الانتقالية لأي فترة زمنية يتفق عليها الطرفان ضمن المادة 50. لا أعتقد أن هذه الفترة (20 شهراً) ستناسب المصالح البريطانية، ولكنهم تأخروا كثيراً لطلبها، بينما كانت حاجتهم إليها جلية".
بينما صرح متحدث باسم الحكومة البريطانية أن "رئيسة الوزراء اقترحت فترة تطبيقية محددة زمنية من عامين تقريباً في خطابها في فلورنسا، وكانت واضحة في رسالتها حول المادة 50 في أن التوافق على هذا المبدأ من البداية سيساهم في التقليل من أي تعطيل محتمل".
ولا يبدو أن هناك عقبات في وجه هذا المقترح من جانب الطرفين، باستثناء احتمال رفض بريطانيا السماح لقوارب الصيد الأوروبية بدخول المياه البريطانية، إذ إن عددًا من السياسيين البريطانيين، من أمثال وزير البيئة مايكل غوف، ورئيس حزب "استقلال المملكة المتحدة" السابق، نايغل فاراج، وهما من المطالبين بـ"بريكست" مشدد، يرون في السيطرة البريطانية الخالصة على مياهها الإقليمية أمراً رمزياً يعبر عن استعادة السيطرة التي طالبوا بها خلال حملة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتأتي هذه التصريحات بعد مطالبة الحي المالي في لندن بضرورة التوصل إلى اتفاق حول المرحلة الانتقالية بحلول نهاية العام الحالي، وإلا فإن المؤسسات المالية ستضطر إلى اللجوء إلى خططها الاحتياطية للتعامل مع حالة الطوارئ تلك.
وتوجهت خمس من أكبر مجموعات الضغط العاملة في الحي المالي اللندني برسالة إلى وزير المالية البريطاني، فيليب هاموند، للتذكير بأن الوقت ينفد أمام أعمال التحضير للمرحلة الانتقالية، وبالتالي يجب التوصل إلى اتفاق مع نهاية 2017.
ولم يستطع هاموند ضمان أي تقدم في المباحثات حول الإجراءات الانتقالية بحلول عيد الميلاد، ولكنه حاول طمأنة حي الأعمال بأنه يعمل على تثبيت بعض مبادئ المرحلة الانتقالية بأسرع ما يمكن.
وجاءت هذه المخاوف بعد تصريحات صدرت عن تيريزا ماي برفضها الدخول في مرحلة انتقالية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوروبي، والذي لن يحدث قبل الصيف المقبل، ليخرج هاموند بعد أقل من أربع وعشرين ساعة بتصريحات مناقضة يشدد فيها على "إلحاح وعجلة" المرحلة الانتقالية بالنسبة للأعمال.
وصدرت تصريحات متناقضة أيضاً إزاء ما يتعلق بتصويت البرلمان على اتفاق "بريكست" النهائي. فقد أصدر وزير "بريكست"، ديفيد ديفيس، بياناً رسمياً ليشرح الموقف الذي صدر عنه في مجلس العموم يوم أمس، عندما لمح إلى أن البرلمان البريطاني قد لا يصوت على الصفقة النهائية قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ليعود ويؤكد على أن الحكومة البريطانية "تتوقع وتنوي" الحصول على رأي البرلمان قبل خروج بريطانيا من الاتحاد.
وتخالف هذه التصريحات ما وعدت به تيريزا ماي في اليوم ذاته في مجلس العموم، عندما أكدت على بذل حكومتها الجهد اللازم للوصول إلى اتفاق في الوقت المطلوب، ولتعطي النواب الفرصة للتصويت على الصفقة النهائية.