تحتدم المنافسة داخل حزب المحافظين البريطاني على خلافة ديفيد كاميرون وسط مفاجآت عدة حملتها الساعات الأخيرة التي سبقت إغلاق باب الترشح، بعدما أعلن عمدة لندن السابق بوريس جونسون نيته عدم الترشح في أعقاب انضمام وزير العدل الحالي، مايكل غوف، لقائمة المتنافسين على خلافة كاميرون، لتنحصر لائحة المرشحين بخمسة تتصدر برامجهم أولويتان. الأولى تتمثل بترتيب مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد تصويت 52 بالمائة من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد في استفتاء 23 يونيو/ حزيران 2016؛ والثانية هي ترتيب "البيت الداخلي" بعد استقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
وبرزت أولى المواقف الحاسمة على لسان وزيرة الداخلية البريطانية، تيريزا ماي، التي انضمت إلى قائمة المتنافسين على زعامة حزب المحافظين، وخلافة كاميرون في منصب رئيس الحكومة. واستبعدت ماي تنظيم انتخابات مُبكرة أو تنظيم استفتاء ثانٍ حول عضوية بريطانيا في الاتحاد. كما استبعدت، في بيانها الانتخابي أمس الخميس، تفعيل المادة 50 من ميثاق لشبونة التي تتعلق بتنظيم خروج الدول الأعضاء من الاتحاد الأوروبي، قبل نهاية العام الجاري. وقالت ماي إنها، وفي حال فوزها برئاسة الحكومة، سوف تخصص حقيبة وزارية جديدة تتولى مفاوضات انفصال بريطانيا عن الاتحاد. وكتبت ماي، في رسالة نشرتها أمس في صحيفة "تايمز": "بعد استفتاء الأسبوع الماضي، يحتاج بلدنا إلى قائد قوي ومعترف بمؤهلاته لاجتياز هذه الفترة من الغموض الاقتصادي والسياسي، ولإجراء مفاوضات حول أفضل الطرق للخروج من الاتحاد الأوروبي".
بدوره، أعلن وزير العمل والتقاعد، ستيفن كراب، المرشح الثالث لزعامة المحافظين، أن استعادة السيطرة على سياسة الهجرة ستكون على رأس أولوياته، مؤكداً في مقال بصحيفة "ديلي تلغراف" أن لا تراجع عن نتيجة الاستفتاء لأن "حكم الشعب على الاتحاد الأوروبي كان واضحاً، ولن تكون هناك رجعة فيه. وإجراء استفتاء ثانٍ لإعادة النظر في المسألة أمر غير مطروح للمناقشة". وأضاف "أريد أن أقود حكومة تفي بتوقعات 17 مليون شخص أيدوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وتسبب انضمام غوف لقائمة المتنافسين على زعامة الحزب بإرباك الاصفافات وخلط الحسابات الانتخابية داخل حزب المحافظين، إذ كان أول الضحايا عمدة لندن السابق، والنائب في مجلس العموم البريطاني، بوريس جونسون، الذي أعلن أمس أنه لن يترشح لزعامة حزب المحافظين.
وكان عمدة لندن السابق، الذي تزعّم حملات "الخروج"، من أكثر الأسماء المتوقعة للفوز بزعامة المحافظين، ومنافسة وزيرة الداخلية. غير أن حسابات جونسون تغيّرت بعد إعلان حليفه، وزير العدل، الانضمام للمنافسة رسمياً. كما تراجعت عن الترشح وزيرة التعليم، نكي مورغان، التي سبق واعترفت في العام 2015 بأنها تفكر في الترشح للقيادة بعد رحيل كاميرون، وفضّلت مورغان الانضمام إلى معسكر المرشح غوف، في حين تراجع وزير الصحة الحالي، جيرمي هنت، عن ترشيح نفسه، مُفضّلاً الانضمام إلى معسكر المرشحة ماي.
وسيواجه الزعيم المقبل، بعد توليه رئاسة الحكومة، قضايا معقدة، من أبرزها تفعيل المادة 50 من ميثاق لشبونة لمباشرة إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي، والعمل على صياغة مستقبل علاقة بريطانيا بأوروبا، وبناء اتفاقيات تجارية دولية جديدة، ومعالجة ملف المهاجرين القادمين من دول الاتحاد إلى بريطانيا، وهي القضية التي شكلت نقطة رئيسية ضمن حملة "البريكسيت".