وبحسب مصادر لجنة الحوار، فإن التعداد الذي شمل كل المخيمات الفلسطينية في لبنان أحصى 180 ألف لاجئ فقط، و4 آلاف سيدة لبنانية متزوجات من فلسطينيين. وتُشكّل هذه الأرقام بحسب المصادر نفسها "فرصة لإعادة النظر في الواقع الصعب المفروض على إقامة اللاجئين في لبنان". ورغم أن نتائج التعداد يُفترض أن تبعث برسالة اطمئنان إلى "أصحاب الهواجس الطائفية" في لبنان، إلا أن استهداف التعداد انطلق، أمس الأربعاء، وقبل الموعد الرسمي للإعلان عنه، اليوم الخميس، وذلك على لسان "مصادر سياسية" تحدّثت لعدد من وسائل الإعلام المحسوبة على قوى مسيحية في لبنان عن "عدم تطابق هذه الأرقام مع الواقع الذي نعرفه عن إقامة الفلسطينيين في لبنان". وهو ما يُشكّل بداية حملة رفض تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاجئين استناداً إلى محدودية عددهم في لبنان. وأيضاً لقطع الطريق على أي محاولة لإعادة طرح منح الجنسية إلى حوالى 12 ألف ابن للبنانيات متزوجات من فلسطينيين (المعدل الوسطي لإنجاب 4 آلاف لبنانية متزوجات من فلسطينيين هو 3 أبناء).
الإحصاء الذي أُطلق في فبراير/شباط الماضي كـ"أداة ضرورية لتحسين ظروف عيش اللاجئين"، تُعلن نتائجه اليوم في مقر الحكومة اللبنانية (السرايا) بحضور رئيس الحكومة، سعد الحريري، ومسؤولي مكاتب الإحصاء في لبنان وفلسطين، ومسؤولي لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني والسفير الفلسطيني في لبنان، أشرف دبور. وكان الحريري أكد في خطاب إطلاق الإحصاء، "ضرورة حماية حق العودة، لأن لبنان لا يتحمّل هذا العدد من اللاجئين الفلسطينيين الذين يحق لهم العودة، ولأن المعاناة تزداد في ظلّ وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري". وقد شارك 600 شاب فلسطيني ولبناني في إجراء التعداد من خلال زيارة 12 مخيماً و114 تجمعاً فلسطينياً في لبنان لملء استمارات إلكترونية تتناول عدد السكان والوضع الاجتماعي والاقتصادي لهم.
"مناقصة أرقام"
تقلّصت أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فعليّاً وفي الدراسات، خلال الأعوام القليلة الماضية، بعد أن فتحت بعض الدول الأوروبية قنوات اللجوء للفلسطينيين والسوريين. ومن لم يتمكن من الوصول إلى أوروبا بطريقة شرعية، لجأ إلى الخيار الأصعب والأكثر خطورة، عبر مراكب التهريب التي نقلت اللاجئين في رحلة معاناة قصيرة مقارنة بحياة المعاناة الطويلة التي عاشوها في لبنان.
يعود تاريخ آخر دراسة سبقت التعداد الرسمي إلى عام 2015، عندما أطلقت "الجامعة الأميركية في بيروت" دراسة بالتعاون مع "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين" (أونروا)، عن "الحالة الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان"، وتناولت فيها اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والنازحين من سورية. أشارت الدراسة يومها إلى أن "العدد الفعلي للاجئين المقيمين في لبنان يتراوح بين 260 ألفاً و280 ألفاً، وليس 496 ألفاً كما هو متعارف عليه". وبحسب الدراسة فإن "63 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون داخل المخيمات التي يبلغ عددها 12 مخيماً، ويسكن البقية (37 في المائة) خارج المخيمات. وبحسب التوزيع الجغرافي الذي عرضته الدراسة "يقع أكبر تجمّع للفلسطينيين المقيمين في لبنان في الجنوب، وبالتدقيق مخيما عين الحلوة في صيدا (15 في المائة) والرشيدية في صور (12 في المائة). ويقيم 4 في المائة من اللاجئين في محافظة البقاع شرقي البلاد، و20 في المائة شمالاً، و24 في المائة بين بيروت وجبل لبنان.