في أول خطاب له أمام مجلس العموم بصفته وزيراً للخارجية، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، اليوم الخميس، إنّ روسيا قد تصبح "دولة مارقة" بسبب غاراتها الجوية في سورية.
ودعا أمام أعضاء مجلس العموم، إلى محاكمة المسؤولين عن قصف المستشفيات وقوافل الإغاثة، بتهمة "جرائم الحرب"، ومواجهة موسكو بمظاهرات أمام سفارة روسيا في لندن.
ومع أنّ الموقف الجديد لوزير الخارجية البريطاني، يتضارب مع دعوته، مطلع أغسطس/ آب الماضي، إلى ضرورة "تطبيع" العلاقات مع روسيا بعد سنوات من العداء، وتطلّعه إلى ذلك، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، فإنّه لا يتعدى، برأي الكثير من المراقبين، حدّ التصعيد "اللفظي"، الذي يشتهر به جونسون.
وبحسب المراقبين، فإنّ موقف جونسون لا يُعبّر بالضرورة أيضاً عن تحوّل جذري في سياسة حكومة تيريزا ماي التي سبق وعبّرت بعد أيام من توليها رئاسة الحكومة، وخلال حديث هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن رضاها عن العلاقات البريطانية الروسية.
وامتازت العلاقات البريطانية الروسية خلال السنوات الأخيرة بتوتر بارد، لا سيما بعد توجيه لندن اللوم إلى الرئيس الروسي بأنّه أعطى الأوامر لاغتيال المعارض الروسي ألكسندر ليتفينينكو، في لندن عام 2006.
وتصاعدت حدة التوتر السياسي بين البلدين بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ومشاركتها في القتال في أوكرانيا، وتأييد بريطانيا للعقوبات الغربية ضد موسكو، وأخيراً بعد دعم روسيا للنظام السوري.
لكن "الغضب" البريطاني لم يتعدّ تجميد الحوار الاستراتيجي بين البلدين، والذي يشارك فيه وزراء الخارجية والدفاع، ويشمل مجالات التعاون الثنائي في قطاعات الطاقة، والتجارة والاستثمار، والعلوم والتكنولوجيا.
كما اعتبرت لندن، في وثيقة "مراجعات الدفاع الاستراتيجي والأمن 2015"، أنّ "روسيا أصبحت أكثر عدوانية، وأكثر استعداداً لتقويض المعايير الدولية.. وبات النظام القومي السلطوي القائم في موسكو تحدياً لقواعد الأمن الأوروبي والدولي".
وتستبعد الأوساط البريطانية تدهوراً أكبر للعلاقات بين موسكو ولندن، ولا سيما أنّ بريطانيا ليست في وضع يسمح لها بفتح جبهات خارجية، بينما تواجه مشاكل داخلية، ليس أقلها حالة الاضطراب وعدم الاستقرار الاقتصادي منذ أن صوّت 52 بالمائة من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو/ حزيران الماضي.
كما أنّ بريطانيا ليست على استعداد لخوض أي مغامرات عسكرية، بعد تجربة غزو العراق عام 2003.