مبارك جار جديد للسيسي... ومحاولات رسمية لتحجيمه سياسياً

25 مارس 2017
مبارك قبل أيام من خروجه (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد ست سنوات من السجن، تكريساً لانتصار ثورة 25 يناير 2011، عاد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، صباح أمس الجمعة، إلى منزله بضاحية مصر الجديدة بالقرب من قصر الاتحادية الرئاسي الذي يسكنه الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وذلك تنفيذاً لقرار المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الإفراج عنه نهائياً بعد انتهاء فترة السجن. وجرى الإفراج عن مبارك بعدما حصل على حكم نهائي بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين، وتبيّن من المقارنة الرقمية التي أجرتها النيابة لمدة السجن أن مبارك قضى فترة حبس احتياطي أطول من المدة المقررة للعقوبة في قضية القصور الرئاسية. فقد قضى عامين في السجن على ذمة قضية قتل المتظاهرين، بالإضافة إلى سنتين و11 شهراً في قضية "القصور الرئاسية" التي عوقب فيها مبارك بالسجن ثلاث سنوات.

في هذا السياق، ذكرت مصادر قريبة من فريد الديب، محامي أسرة المخلوع، أن "الاتصالات التي باشرها الديب وصهره الممثل تامر عبد المنعم والإعلامي أحمد موسى بالجهات الأمنية الرئيسية بمصر لاستطلاع رأيها في المكان المناسب لإقامة مبارك بصحبة زوجته سوزان ثابت، أسفرت عن اختيار الفيلا التي كانت تسكنها الأسرة منذ تولي مبارك منصب نائب رئيس الجمهورية، والتي كانت مخصصة له من الدولة، وجرى بيعها صورياً من جهاز الاستخبارات العامة إلى زوجته سوزان مطلع التسعينيات. وعنوانها 15 شارع حليم أبوسيف بمصر الجديدة، على بعد نحو 30 متراً من قصر الاتحادية الرئاسي، بينما سيبقى نجلاه في عقارين مملوكين لهما بضاحية التجمع الخامس بالقاهرة الجديد".

وأشارت المصادر إلى أن "الفيلا تحظى بإجراءات أمنية مشددة لقربها الشديد من القصر الجمهوري، كما أن إقامة مبارك فيها ستوفر على الدولة تخصيص حراسة إضافية له في أي مكان آخر. فوفقاً لقانون أصدره مبارك نفسه في الثمانينيات، يجب أن يحظى مبارك وغيره من الرؤساء السابقين بتأمين على مستوى رئاسي، بالإضافة إلى تكفل الدولة بمصاريف إقامته في أي مكان غير مملوك له، إلى جانب تخصيص معاش له قدره 42 ألف جنيه شهرياً (نحو 2400 دولار، ويعادل مرتب السيسي)".

واستبعدت المصادر أن يتوجه مبارك إلى قصره بمدينته المفضلة شرم الشيخ، في ظل الظروف القضائية الحالية التي قد تستدعي مثوله أمام النيابة وجهاز الكسب غير المشروع خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعدما قضت محكمة الجنايات بإعادة قضية "هدايا الأهرام" المتهم فيها مبارك وزوجته بالتربح، وذلك على الرغم من صدور قرار سابق من قاضي التحقيق بعدم إقامة الدعوى الجنائية ضدهما وغيرهما من المتهمين، نظراً لرد قيم جميع الهدايا لخزانة الدولة.

وأوضحت المصادر أن "المعلومات الواردة من مكتب النائب العام تشير إلى قرب استدعاء سوزان ثابت ثم مبارك للتحقيق معهما في قضية الهدايا، والتي كانت من أولى القضايا التي كُشفت بعد ثورة 25 يناير 2011، وردت سوزان جميع الهدايا التي حصلت عليها من مؤسسة الأهرام الصحافية وسقط الاتهام عنها".



ووصفت المصادر إعادة هذه القضية إلى التحقيق مرة أخرى بأنها "خطوة تأتي في إطار الضغط على مبارك بعد براءته من تهمة قتل المتظاهرين والإفراج عنه، إذ يصرّ نظام السيسي على تحجيم مبارك ونجليه سياسياً وحركياً. وهذه الخطوة ذات ثلاثة محاور؛ الأول قضية هدايا الأهرام، والثاني قضية الكسب غير المشروع التي ما زالت متداولة في وزارة العدل، ولم ينته خبراء جهاز الكسب من احتساب المبالغ محل الاتهامات حتى الآن، إذ سبق أن صدر قرار بمنعهم من السفر على ذمة هذه القضية بتهمة تضخم الثروة واستغلال النفوذ. أما المحور الثالث فيتمثل في قضية تغريمه لإصداره قرار قطع الاتصالات عن العاصمة خلال أحداث الثورة والمتداولة أمام المحكمة الإدارية العليا".

في هذا الإطار، قال مصدر حكومي مطلع إن "رغبة النظام في تحجيم مبارك ونجليه تتكامل مع خطواته لاستمالة بعض الكفاءات المحسوبة على نظام مبارك، والقريبة شخصياً من جمال مبارك، عكس الاتجاه السابق للنظام الذي كان مخاصماً هذه الكفاءات ومصرّاً على تهميشها والاستعانة فقط بأفراد الصفين الثاني والثالث من نظام مبارك وحكومة الجناح النيوليبرالي من الحزب الوطني المنحل. وتم التصالح مع وزير الصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد تمهيداً لإعادته إلى مصر، ومغازلة وزير الاستثمار الأسبق محمود محي الدين نائب رئيس البنك الدولي حالياً، وأخيراً استضافة وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي على شاشة القناة الرسمية للدائرة الاستخباراتية - الرقابية الخاصة بالسيسي، والتي يديرها شخصياً مدير مكتبه عباس كامل".

واعتبر المصدر أن "هذه التحركات الرسمية لا تعكس فقط قلق النظام من التواصل بين جمال مبارك وبين شخصيات على درجة من الكفاءة أو الشعبية، واستمالة تلك الشخصيات للنظام الحالي، حتى وإن لم تلعب دوراً رسمياً، لكنها تعكس أيضاً ضعف دوائر الخبرة والمشورة المحيطة بالسيسي حالياً، ورغبته في الاعتماد على تلك الشخصيات لكسب مزيد من المصداقية، تحديداً في المؤسسات المالية الدولية والدوائر الأوروبية".

ولن يتمكن مبارك ونجلاه من التصويت أو الترشح لأي منصب إلّا بعد انقضاء 6 سنوات على تاريخ إنهائه فترة 3 سنوات في السجن، أي بين عامي 2020 و2021، وذلك بموجب نص في قانون مباشرة الحقوق السياسية، بينما ظهر نجلاه في عدد من المناسبات الاجتماعية من دون الإدلاء بحوارات أو تصريحات صحافية. وتتداول الأوساط السياسية معلومات عن تلقيهما نصائح من وسطاء بينهما وبين السيسي بعدم الظهور الإعلامي أو الحديث في السياسة، نظراً للحساسية بين الطرفين، خصوصاً أن السيسي يوجه بين الحين والآخر انتقادات لفترة حكم مبارك، وأغلق الباب أمام عودة بعض رموز حكمه للحياة السياسية، أبرزهم رجل الأعمال أحمد عز الذي حُرم من الترشح لمجلس النواب.