وينقسم الاتحاد الأوروبي حيال قضية معالجة أزمة اللاجئين التي تتصدرها المساعي لمساعدة اليونان ومناقشة الوضع على طول طريق البلقان. وترتكز نقاط الخلاف على آلية تقاسم أعباء الهجرة، وخصوصاً أنّ خطة العمل مجمّدة، وكل دولة تسعى لتحميل غيرها مسؤولية ما حصل من دون أن يكون هناك أي تصوّر عملي للإجراءات. وتتضمن هذه الأخيرة، إعادة توطين وإقامة مراكز التسجيل، وإرساء حرس حدود، وضبط الحدود، بما فيها خطة العمل مع تركيا المطَالبة بالمزيد من الالتزام أوروبياً في إدارة أزمة اللاجئين، وزيادة الأماكن المخصصة لاستقبال من تتم إعادتهم.
وتقترح المفوضية الأوروبية مساعدة البلدان التي تستقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين بمبلغ 700 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات، منها 300 مليون يورو في العام 2016. علماً أنّ اليونان قدّرت احتياجاتها بـ475 مليون يورو لمواجهة الأزمة وتقديم الدعم للاجئين، وتنظيم النقاط الساخنة على أراضيها. كما تتوقّع اليونان وصول أكثر من 70 ألف لاجئ خلال الشهر الحالي، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم الحكومة اليونانية، أولغا جيروفاسيلي.
وانتقد رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، الخميس الماضي، بعد لقائه توسك، رفض بعض دول الاتحاد الأوروبي المشاركة في إعادة توطين متفق عليه بخصوص للاجئين. كما أدان الإغلاق التعسفي لحدود بعض دول الاتحاد الأوروبي. وأعلن تسيبراس أنه سيطالب خلال القمة بفرض عقوبات ضد البلدان التي لا تنفذ قرارات الاتحاد. وشدّد على أنه "يجب أن يكون واضحاً للجميع أنّ اليونان لا يمكن أن تتحمل هذا العبء وحدها. علماً أنّ اليونان تحاول الربط بين الجهد الذي تبذله للحدّ من أزمة اللاجئين مقابل حصولها على تنازلات اقتصادية من دول الاتحاد.
اقرأ أيضاً: سياسة الهجرة تمزّق الاتحاد الأوروبي قبل قمة "الفرصة الأخيرة"
على الطرف الآخر، يأمل رئيس المجلس الأوروبي بالعودة إلى سياسة الحدود المفتوحة، وهو ما صرح به قبيل بدء جولته على دول طريق البلقان، قائلاً "يتعيّن على أوروبا العودة إلى سياسة الأبواب المفتوحة". في هذا السياق، يرى بعض المراقبين أنّ الأمر ليس بالسهل في ظلّ حال التخبط الذي تعيشه اليونان، وعدم إمكانية ضبط حركة اللاجئين في أثينا، خصوصاً أنّ الوضع بات يتطلب قدرات تنظيمية ووظيفية أكبر من طاقتها، وهي طلبت المساعدة في ذلك.
في المقابل، كان لوزير الخارجية النمساوي، سيباستيان كورتس، كلام آخر في هذا الأمر، وعبّر عنه في حديثه إلى صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، أخيراً، عن تمسكه بإنهاء سياسة الحدود المفتوحة أمام اللاجئين. وقال كورتس إنّ "فتح الحدود أمام اللاجئين المتجهين إلى وسط أوروبا عام 2015 كان خطأ جسيماً والمطلوب تصحيحه في أسرع وقت ممكن. ودعا اليونان إلى توفير مراكز تسجيل بشكل أفضل، بدلاً من السماح لهم بالرحيل إلى بلدان أوروبية أخرى، والذي يبدو أن هناك شبه اتفاق أوروبي عليه مع فرض قيود.
وفي السياق ذاته، دافع رئيس الوزراء الكرواتي، في حديث لصحيفة "بيلد" الألمانية، أخيراً، بشدة عن إغلاق الحدود على طريق البلقان. ورأى أن ألمانيا من المستفيدين غير المباشرين من هذا التدبير. في حين أعلن وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، في تصريح تلفزيوني، رفضه للوضع القائم حالياً، واعتبر أن الصور التي تأتي من الحدود المقدونية ـ اليونانية تثبت أن تصرف كل دولة بمفردها ليس هو الحل المناسب. وطالب بعمل أوروبي جماعي، آملاً أن تتمكن قمة الاثنين من تعزيز التعاون الأوروبي.
أمام هذا التخبط الأوروبي يبقى الهدف الأساسي هو تخفيف العبء عن الدول الموجودة على الحدود الخارجية للاتحاد، وتنفيذ الاتفاق مع تركيا، ومدّها بالمال لتحسين وضع اللاجئين على أراضيها للحد من تدفقهم إلى أوروبا عبر تعزيز دورياتها على الحدود ومكافحة مهربي البشر. كما ينبغي على أوروبا أن تقدم الدعم المالي للدول المجاورة لسورية بموجب تعهدات سابقة.
وعن التباعد القائم بين دول الاتحاد وتحولّ بعض المناطق إلى معسكرات فوضوية للاجئين، يرى بعض المتابعين، أن ذلك هو نتيجة المقاربات المختلفة لكل دولة لحل الأزمة. فألمانيا تريد حلاً أوروبياً يقوم على توزيع اللاجئين وحماية الحدود الخارجية لدول الاتحاد. فيما لا ترضى إيطاليا بنظام "دبلن". نظام يهدف إلى تحديد من هي الدولة المسؤولة عن تلقي طلبات اللجوء في أوروبا، ودراستها والبت فيها من الناحية القانونية أو الإنسانية، وذلك وفق معايير تضمنتها الاتفاقية. كما تسعى "اتفاقية دبلن" إلى منع تعدد طلبات اللجوء من الشخص الواحد داخل أوروبا، بحظرها على صاحب الطلب أن يقدم طلبات لجوء في دول أوروبية أخرى أعضاء في اتفاقية دبلن وحصره في دولة واحدة فقط.
وترفض اليونان ضبط الحدود بالطريقة التي تطالب بها النمسا التي تصرّ بدورها على إغلاق الحدود. وترى هولندا أنه من الأفضل إعادة اللاجئين مباشرة إلى تركيا. وفي وقت تقوم فيه المؤسسات الاتحادية في بروكسل بدور الوسيط أو الحكم، تعتبر دول شرق أوروبا نفسها غير معنيّة، ولا تريد الالتزام باتفاق نوفمبر/تشرين الثاني 2015 المتعلق بتوزيع حصص اللاجئين.
ويعتبر عدد من الخبراء الأوروبيين أن خطة العمل مع تركيا قد تواجهها بعض العقبات، على الرغم من التجاوب المبدئي لأنقرة واستعدادها لمشاركة ضباطها في نقاط التسجيل الخمس في الجزر اليونانية، ومنها عدم تعاون الدول الأوروبية وتركيزها على مصالحها الضيقة في هذا المجال. وعلى الرغم من التفاؤل الذي أبداه، أخيراً، رئيس المجلس الأوروبي باعتماد استراتيجية شاملة، يبقى الرهان حالياً، على إمكانية خفض أعداد اللاجئين بدعم من دوريات حرس الحدود وقوات حلف الشمال الأطلسي.
اقرأ أيضاً: يونانيون يتقاسمون الخبز مع المهاجرين على الحدود