مع أجواء التصعيد العسكري في اليمن، وفي ظل إطلاق جماعة أنصار الله (الحوثيين)، صواريخ باليستية تجاه السعودية على نحو غير مسبوق، تعود الأنظار مجدداً إلى جبهات الحرب اليمنية بين قوات الجيش الموالية للشرعية وبين الحوثيين، وما إذا كان التحالف سيدعم تحركاً ميدانياً للجيش اليمني لتحقيق تقدم جدي يضيق الخناق على الحوثيين في مناطق سيطرة الجماعة شمالي البلاد، أم لا. ووفقاً لما كشفت مصادر عسكرية يمنية وأخرى قريبة من التحالف لـ"العربي الجديد"، فإن "الحوثيين يواجهون استنزافاً متزايداً مع العدد غير القليل من الجبهات الميدانية، الموزعة على أكثر من محافظة ونقطة مواجهات مباشرة، إلا أن الساحل الغربي والمناطق الحدودية الممتدة من محافظة صعدة إلى حجة، باتت هي محور المعارك العسكرية في الآونة الأخيرة، والتي تكتسب أهمية استراتيجية ويركز فيها التحالف، أكثر من غيرها من الجبهات".
في هذا السياق، أفادت المصادر "العربي الجديد" بأنه تم "انتقال جانب من القوات التي يقودها العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، من عدن، إلى منطقة المخا، غرب تعز، تمهيداً لإشراكها في العمليات العسكرية بالساحل الغربي نحو محافظة الحديدة، والتي تعد المحطة الأهم في معركة الساحل الغربي وتقع على رأس خارطة أهداف التحالف والقوات اليمنية المدعومة منه، منذ أكثر من عام".
ومنذ بدء العمليات العسكرية في الساحل الغربي لليمن، مطلع عام 2017، تحت مسمى عملية "الرمح الذهبي"، كانت الإمارات هي الدولة التي تولّت دعم القوات اليمنية المشاركة المؤلفة من جنوبيين بالغالب ونجحت بعد معارك عنيفة بالتقدم إلى مدينة المخا غرب تعز، قبل أن تنتقل مع نهاية العام المنصرم، إلى مدينة الخوخة، أولى مديريات الحديدة من الجزء الجنوبي، وسط أنباء عن دور أدته القوات التي كانت موالية لصالح في تلك المديرية، بما أدى إلى خسارتها من قبل الحوثيين.
ومن الجزء الجنوبي للحديدة، تنطلق القوات الموالية للشرعية وللإمارات والموالين لطارق ومنها قوات ما يُعرف بـ"المقاومة التهامية"، المؤلفة من مجندين من أبناء محافظة الحديدة، ويسعى التحالف - الشرعية، من خلال هذه الجبهة، للوصول إلى مدينة الحديدة، مركز الساحل الغربي اليمني، وإحدى أهم مدن البلاد، والتي يقع فيها المرفأ الأول للواردات من المساعدات والشحنات التجارية. وعلى الرغم من الضغوط الدولية التي تحد من إمكانية مواصلة التقدم نحو المدينة، إلا أن التصعيد الأخير من قبل الحوثيين باتجاه السعودية، يمثل حافزاً بالنسبة للرياض، لمواصلة العمليات، بحجة منع تهريب الأسلحة المفترض، الذي يصل إلى الحوثيين عبر ميناء الحديدة.
وعلى الجزء الشمالي من الساحل الغربي، فإن العمليات العسكرية تتصاعد هي الأخرى، وتحديداً في منطقة ميدي التابعة إدارياً لمحافظة حجة، ولكن في هذا الجزء، تتولى القوات السعودية القيادة والإشراف على العمليات التي تنفذها قوات يمنية موالية للشرعية، من المقربة من الفريق علي محسن الأحمر، نائب الرئيس، بالإضافة إلى مشاركة قوات سودانية ميدانياً.
وخلال الأيام الماضية، أعلنت الشرعية استكمال السيطرة على مدينة ميدي، ومن شأن مواصلة العمليات في هذا الجزء، أن تضع سيطرة الحوثيين في الحديدة، بين فكي كماشة (من جنوب الحديدة قوات مدعومة من الإمارات - ومن شمالها القوات التي تقدمت من الحدود السعودية). ومع ذلك، فإن مسألة التوجه نحو تقدم حاسمٍ، تظل محل شك، بالنظر إلى التجارب وإلى الضغوط الدولية المرتبطة بالحديدة، والتي تعتبر أن الحرب في الحديدة قد تفاقم المعاناة الإنسانية.
إلى ذلك، وبالترافق مع الجبهات المشتعلة، الممتدة من الساحل الغربي وحتى الحدود الشمالية الغربية مع السعودية، يخوض الحوثيون مواجهات مع قوات الشرعية على أكثر من جبهة تتصاعد من حين لآخر، وأبرزها جبهة نِهم، شرق صنعاء وأجزاء من محافظة الجوف (المحاذية لصعدة) مروراً بمنطقة صرواح غرب محافظة مأرب، وكذلك جبهات محافظة البيضاء التي تصاعدت وتيرة المواجهات فيها أخيراً، وصولاً إلى تعز، التي تشهد معركة شبه متواصلة، أخذت طابع الجمود، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، إلا أنها ومن ناحية العدد وطبيعة التطورات المحتملة، تمثل تهديداً للحوثيين وتستنزف تعزيزاتهم التي يرسلونها صوب جبهات في المدينة.
وإزاء الخارطة السابقة، من الواضح أن الساحل الغربي يمثل المحطة الأهم لأي تحرك ميداني جاد للتحالف رداً على الحوثيين جنباً إلى جنب، مع جبهات الحدود في محافظة صعدة وحتى حجة إلى الغرب منها، ومن غير المستبعد أن يتجه التحالف إلى تسخين جبهات أخرى، على غرار شرق صنعاء، التي من الواضح أن الطابع الذي تأخذه المعارك لاستنزاف مختلف الأطراف، مرتبط بقرار سياسي لا عوامل عسكرية صرفة.