وقالت "قسد" المدعومة من واشنطن، أمس، إنّ الهجمات التركية على الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سورية، أدّت إلى وقف مؤقت للهجوم الذي تشنه القوات على تنظيم "داعش" في شرق سورية. وقال القائد العام لـ"قوات سورية الديمقراطية" إن الهجمات التركية أدت إلى "إيقاف معركة دحر الإرهاب مؤقتاً" في دير الزور. وأضاف في بيان "استمرار هذه الهجمات سيتسبب في إيقاف طويل الأمد لحملتنا العسكرية ضدّ تنظيم داعش وهو ما تبتغيه تركيا".
وقبيل إعلان قسد تعليق حملتها العسكرية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ الطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي أغارت مساء أول أمس الثلاثاء، على خطوط التماس لتنظيم "داعش"، إلى جانب المعارك التي تخوضها "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكّل الوحدات الكردية نواتها الصلبة، في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، مشيراً إلى أنّ التحضيرات متواصلة من قبل التحالف الدولي و"قسد" لبدء العملية العسكرية الأخيرة ضدّ التنظيم، والتي تستهدف إنهاء وجوده في شرق الفرات.
وأكد المرصد وصول 100 عنصر على الأقل من مقاتلي "قسد"، دخلوا إلى منطقة الجبهة المحيطة بجيب التنظيم عند الضفة الشرقية لنهر الفرات، وذلك عقب دخول 500 مقاتل من قوات المهام الخاصة في الوحدات الكردية، وانتشار أكثر من ألفي مقاتل من أبناء عشيرة الشعيطات، أكبر عشائر ريف دير الزور الشرقي، في محيط الجيب الأخير للتنظيم. ويأتي هذا الحشد بعد أيام من هجوم معاكس شنه التنظيم مستغلاً الظروف الجوية، حيث استعاد خلاله كامل المنطقة التي كان يسيطر عليها، بعدما كان فقد جزءاً كبيراً منها خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولا يزال التنظيم يحتفظ بجيب يمتد على طول نحو 40 كيلومتراً وعمق 10 كيلومترات، من قرية البحرة غرباً وحتى بلدة الباغوز شرقاً غير البعيدة من مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، والتي تسيطر عليها قوات النظام السوري ومليشيات طائفية تدعمها إيران. كما استطاع التنظيم الوصول إلى الحدود السورية - العراقية شمال نهر الفرات، وهو ما دفع وفق مصادر إخبارية محلية، القوات الأميركية إلى إنزال منطاد للمراقبة على الحدود العراقية - السورية غرب محافظة الأنبار العراقية، لرصد تحركات عناصر "داعش"، بالتزامن مع العملية العسكرية التي تنفذها القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي"، لتأمين الشريط الحدودي مع سورية.
واعترفت مصادر في "قسد" الثلاثاء، بأنّ العاصفة الرملية أثّرت بشكل سلبي في الحملة التي تقوم بها ضد التنظيم، ولكنها أكّدت أنّ "الحملة ما زالت مستمرة". وخسرت "قسد" العشرات من عناصرها في المعارك الأخيرة بسبب عدم تمكّن طيران التحالف الدولي من توفير غطاء جوي لها بسبب سوء الأحوال الجوية. وفي السياق، أكّدت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" أنّ هذه القوات زجّت بمقاتلين، أغلبهم عرب غير مدربين، لقتال التنظيم الذي يعتمد على الكمائن والمفخخات، فضلاً عن كون عناصره يعرفون جيداً جغرافيا المنطقة، حيث مضى على وجودهم فيها نحو 4 سنوات.
وبدأت "قسد" في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي بدعم جوي من طيران التحالف الدولي، معركة واسعة النطاق لطرد تنظيم "داعش" من آخر جيوبه في مدينة هجين ومحيطها. وحقّقت المعارك في بداياتها تقدماً للقوات المهاجمة على بعض محاور القتال، خصوصاً في محيط قرى السوسة والباغوز والشعفة ومدينة هجين، لكن التنظيم شنّ لاحقاً هجمات معاكسة شتّتت قوات "قسد"، إذ أبدى مقاتلو "داعش" شراسةً في الدفاع عن آخر معاقلهم في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي.
من جهة أخرى، توصّلت "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير" الثلاثاء، إلى اتفاق وقف إطلاق نار غرب محافظة حلب شمال البلاد، إذ تم تطويق خلاف بين "الهيئة" التي تشكل جبهة النصرة ثقلها الرئيسي، وبين "الجبهة الوطنية للتحرير" أكبر تجمع لفصائل المعارضة السورية شمال غربي سورية، وهو الخلاف الذي كاد أن يتحوّل إلى اقتتال دام بين الطرفين المتنافسين على النفوذ في شمال غربي سورية.
وتوصّل الطرفان الأربعاء، إلى اتفاق يقضي بوقف الاقتتال الدائر بينهما في مناطق ريف حلب الغربي، وإطلاق سراح الموقوفين من الطرفين. كما تضمّن الاتفاق "تشكيل لجنة تحقيق متفق عليها، في قضية مقتل القياديين في تحرير الشام يوم الإثنين الماضي في بلدة كفر حمرة، وتسليم المشتبه بقتلهما من خلال طرف ثالث يتابع تلك القضية".
وكانت "هيئة تحرير الشام" قد اتهمت الثلاثاء فصائل في "الجبهة الوطنية" باغتيال قياديين تابعين للهيئة هما أبو تراب، شرعي قاطع عندان، وأبو محمد أكرم، نائب مسؤول قاطع الشمال في الهيئة. وزعمت "الهيئة" في بيان لها أنّ "بعض مكوّنات الجبهة تقوم بخطوات متسارعة بإدخال الساحة إلى أتون حرب لا تبقي ولا تذر، ولا يستفيد منها إلا النظام المجرم وحلفاؤه".
وبحسب الاتفاق بين "الهيئة" و"الجبهة"، فإنّ قرية تقاد تبقى على حيادها السابق من دون المقرّات والحواجز والدوريات الأمنية، فضلاً عن عدم التدخّل في مجلسها المحلي، فيما تبقى مغارة تقاد تحت سيطرة هيئة تحرير الشام. كما تنسحب "الجبهة الوطنية للتحرير" من تلة الشيخ خضر، على أن تعود "الهيئة" إليها، مع بقاء مدينة كفر حمرة خالية من مقرّات فصيلي "أحرار الشام" و"نور الدين الزنكي" (فصيلان ينتميان للمعارضة السورية)، فيما يحقّ لـ "أحرار الشام" إنشاء غرفة عمليات من جهة الليرمون - إكثار البذار.
ولطالما خاضت "هيئة تحرير الشام"، اقتتالاً دامياً مع فصائل المعارضة السورية في شمال غربي البلاد، كان آخرها في 20 فبراير/ شباط الماضي، وأدى إلى انتزاع فصائل تابعة للمعارضة، مناطق في محافظة إدلب من "الهيئة" التي لا تزال تسيطر على أكثر من نصف مساحة المحافظة، بما فيها مدينة إدلب مركز المحافظة.
وفي الإطار نفسه، أشار مصدر في المعارضة السورية، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إلى أنه من المتوقّع ألا ينتهي النزاع بين "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية المسلّحة في شمال غربي سورية، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّه "طالما الهيئة ماضية في مشروعها الهادف إلى السيطرة على كامل المنطقة المحررة من النظام، فإنّ الخلاف معها سيظلّ قائماً". ولفت المصدر إلى أنّ الهيئة "تريد توسيع نفوذها في شمال غربي سورية كي تجبر المجتمع الدولي على التعامل معها كأمر واقع"، داعياً قادة الهيئة للكفّ عن الاعتداءات المتكررة على فصائل المعارضة السورية.