عبر، يوم أمس الاثنين، جميع المشاركين في سباق "أفريقيا البيئي" الذي يربط بين موناكو الفرنسية ودكار السينغالية، حيث أشرفت عناصر من بعثة الأمم المتحدة المنتشرة في الصحراء، مينورسو، على تنظيم عملية العبور، والحيلولة دون عرقلة العبور من طرف مجموعة من الأشخاص الموالين لجبهة البوليساريو الانفصالية، الذين اعترضوا طريق المتسابقين حاملين أعلام الانفصال.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، في مؤتمره الصحافي اليومي، والذي عقده أمس، إن "من دواعي السعادة أن نلحظ أن رالي أفريقيا إيكو ريس قد عبر بسلام المنطقة العازلة بالكركرات".
وعبّر دوغاريك عن ارتياح الأمم المتحدة بعد الدعوة التي وجّهها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتريس، إلى جميع الأطراف لـ"ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ونزع فتيل أي توترات"، وذلك بعد تهديدات صدرت عن جبهة "البوليساريو" الانفصالية، والتي لوّحت باللجوء إلى جميع السبل للاعتراض على عبور هذا السباق أراضي الصحراء المغربية ومنها إلى موريتانيا عبر المنطقة العازلة.
وفي الوقت الذي التزم فيه المغرب الصمت في مقابل تحركات وبيانات جبهة البوليساريو الانفصالية، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن المملكة اكتفت بمتابعة الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية، "حيث هناك اتصال دائم ببعثة الأمم المتحدة المنتشرة في الصحراء، كما يعمل المغرب في مثل هذه الحالات على إفساح المجال للمنظم الدولي لتحمّل مسؤولياته وتدبير الأمر بما يلائم القرارات الدولية".
ورغم مرور جميع المشاركين في السباق الذي بلغ هذه السنة دورته الـ12، إلا أن نشطاء موالين لجبهة البوليساريو الانفصالية، قاموا باعتراض طريق المتسابقين في الجزء الواقع في المنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا، وشكّلوا عقبة في طريق المتسابقين، رافعين الأعلام التي تتخذها البوليساريو رمزاً لها، ومرددين شعارات انفصالية.
الموالون للجبهة حرصوا على نشر هذه المشاهد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، زاعمين أنهم أرغموا كل سيارة مشاركة في السباق الدولي، على رفع علم الجبهة الانفصالية، مع التأكد من عدم عبور أية سيارة تحمل لوحة ترقيم مغربية.
من جانبها، أصدرت قيادة البوليساريو التي تعسكر في منطقة "تندوف" جنوب غرب الجزائر، الليلة الماضية بياناً قالت فيه إن الأشخاص الذين انتقلوا إلى منطقة "الكركرات" الحدودية بين المغرب وموريتانيا، هم مدنيون مارسوا ما وصفته بـ"حقهم الطبيعي" في الاحتجاج والاعتراض على ما سمته بالانتهاكات المغربية، في إشارة منها إلى مظاهر ممارسة السيادة الكاملة للمغرب على أراضيه الجنوبية المسترجعة عام 1975 من يد الاحتلال الإسباني.
وذهبت البوليساريو، عبر ما تسميه بـ"الحكومة الصحراوية"، إلى القول إن ما قام به موالون لها في منطقة الكركرات، هو "ترجمة" لما قرره مؤتمر الجبهة الانفصالية الأخير، والذي عقد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وانتهى بتجديد انتخاب إبراهيم غالي أمينا عاما لها.
وشهد الأسبوع الأخير عودة التوتّر إلى منطقة المعبر الحدودي "الكركرات"، الرابط بين المغرب وموريتانيا، بمناسبة وصول المشاركين في سباق "أفريقيا إيكو ريس" للسيارات، إلى هذه النقطة الساخنة في الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.
هذه الأخيرة عادت لتؤجج الأوضاع بعد انتقال بعض المنتمين إليها إلى هذه النقطة الحدودية التي تعتبر المنفذ البري الوحيد للمغرب، واعتصامهم فيه، ما تسبّب في إغلاقه نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يعاد فتحه أمام حركة المرور يوم أمس الأحد. وبعدما ساد ترقّب كبير صباح الاثنين، تمكّن المشاركون في السباق من العبور نحو موريتانيا، رغم محاولة بعض الموالين للبوليساريو اعتراض سبيلهم، حيث أظهرت مقاطع فيديو وصور نشرها أشخاص يوجدون في عين المكان، قيام عناصر عسكرية منتمية إلى بعثة "مينورسو" للأمم المتحدة، بتيسير عملية العبور ومنع أي اصطدام بين المشاركين وبين المحتجين الانفصاليين.
وتعتبر لحظة مرور هذا السباق موعداً شبه سنوي للتوتّر، حيث تعمل جبهة البوليساريو على عرقلته وتهديد المشاركين فيه، فيما كانت تهديدات مماثلة قد أدت إلى تغيير مسار سباق "باريس-دكار" الشهير على الصعيد العالمي، والذي انتقل إلى أميركا اللاتينية.
وقد تحوّل معبر الكركرات الحدودي إلى نقطة توتّر منذ صيف العام 2016، حين بادر المغرب إلى إطلاق حملة تمشيط بالمعبر الحدودي الرابط بينه وبين موريتانيا، مستهدفا شبكات التهريب والاتجار غير المشروع، حيث حجزت السلطات المغربية حينها ما يربو عن 600 عربة غير قانونية، وهو ما ردّت عليه جبهة البوليساريو بإيفاد مجموعة من مسلحيها إلى المعبر، مسبّبة حالة من التوتّر الإقليمي والدولي.