ويتواصل الدعم اللوجستي لـ"الإدارة الذاتية"، التي يقودها فعلياً حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، من قبل حلفائها. وقد وصلت آخر تلك المساعدات من الأميركيين، يوم الأحد الماضي، إذ دخلت عشرات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات اللوجستية وآليات إعادة الإعمار، إلى مناطق سيطرة "قسد" آتية من الأراضي العراقية، وكانت قد سبقتها قافلة مشابهة بداية الشهر الحالي، وأخرى في الـ24 من الشهر الماضي، حيث يكاد يسجل دخول قوافل المساعدات تلك بشكل شبه أسبوعي.
في موازاة ذلك، يبدو أنّ "مسد" و"قسد"، يكثفان جهودهما، لتعميق سلطة الأمر الواقع، عبر إعادة الهيكلية العسكرية، مع تشكيلهم مجالس عسكرية جديدة في بعض المناطق خلال الأسابيع القليلة الماضية، فضلاً عن خطوات أخرى، تهدف لتعزيز السيطرة عسكرياً واجتماعياً.
وفي هذا السياق، شهدت الأيام القليلة الماضية، تكثيفاً لتحركاتٍ تُظهر "الإدارة الذاتية" وكأنها مع "قسد" سلطة "دولة"، أكان بتوقيعها مع الأمم المتحدة اتفاقاً حول منع تجنيد الأطفال ضمن قواتها العسكرية، أو من خلال تنظيم منتدياتٍ دولية في مناطق سيطرتها.
وكان مركز "روج آفا للدراسات الاستراتيجية"، وهو أحد أذرع "الإدارة الذاتية"، نظّم قبل أيام "المنتدى الدولي حول داعش: الأبعاد والتحديات، واستراتيجيات المواجهة"، بحضور عدد من الباحثين والسياسيين من نحو 15 دولة عربية وغربية، على رأسها الولايات المتحدة. ويُعتبر هذا المنتدى الأول من نوعه في المنطقة، وجاء عقب الإعلان الرسمي عن قضاء "قسد" بدعم من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، على تنظيم "داعش" في مناطق شرق الفرات، وإن ما تزال هناك عمليات أمنية يقال إنها ضدّ خلايا نائمة تتبع للتنظيم في المنطقة.
وعلى هامش المنتدى، قال القيادي في "الإدارة الذاتية" آلدار خليل، في تصريح صحافي نشر يوم أمس الثلاثاء، بأنهم "لا يرون حتى هذه اللحظة أي بوادر لحلّ الأزمة السورية في الأفق، وأنّ نيّة حلّ الأزمة ليست مطروحة لدى الأطراف التي تشارك فيها"، مضيفاً "إن كان هناك أي قرار في هذا الشأن، فلن يتحقّق بلا مشاركة الأكراد الممثلين في الإدارة الذاتية، وهذه ليست منّة منهم علينا أو على الشعب الكردي، لأنه لا حلّ للأزمة السورية بدون كُردها". وأكّد أنّ "دول التحالف وبعض الدول الأخرى" تعمل على أن تشارك "الإدارة الذاتية" في مباحثات الحلّ السياسي في سورية.
وحول المفاوضات مع النظام، قال خليل، إنهم يرغبون في أن تكون هناك مفاوضات، وإنهم لا يغلقون الباب من طرفهم أمام اللقاءات مع النظام السوري، "ومن الجيد" أن يكون هناك حلّ للمشاكل العالقة بين الطرفين "على الرغم من نظرة النظام الضيقة والذي لا يريد أن يدخل في حلّ مع الإدارة الذاتية"، على حد تعبير خليل.
وكانت صحيفة "الوطن" السورية التابعة للنظام، هاجمت هذا المنتدى، وقالت يوم الأحد الماضي، إنه "في إطار سعيها لكسب تأييد دولي لمشروعها الانفصالي، والإبقاء على سيطرتها في المناطق التي استولت عليها، أطلقت المليشيات الكردية ما سمته (منتدى دولي) حول تنظيم داعش الإرهابي في الحسكة بمشاركة 15 دولة، عربية وأوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية".
وتزايدت وتيرة تكريس الإدارة الذاتية سلطتها شرق الفرات، عقب فشل مباحثاتها مع النظام في دمشق، وسط أنباء عن خلافات حول الاعتراف دستورياً بما سمي حينها الإدارة اللامركزية الديمقراطية، والإبقاء على "قسد" كقوى عسكرية تتبع قوات النظام في شرق الفرات، وشكل توزيع الثروات الباطنية ضمن مناطق سيطرتها. فعملت الإدارة الذاتية منذ شهر مايو/أيار الماضي على إعادة تقديم نفسها عبر دمج العشائر العربية في المجالس المحلية والعسكرية، وعقدت لهذا الهدف في مدينة عين عيسى في محافظة الرقة "ملتقى العشائر السورية".