دي ميستورا يعدّل خطته السورية:غلبة روسية ووصاية لموسكو وواشنطن

16 سبتمبر 2016
الاتفاق الأميركي-الروسي يشكل غطاء لخطة دي ميستورا(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر غربية مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن حصول تعديلات أدخلها المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، على خطته التي سيعرضها في 21 سبتمبر/ أيلول الجاري أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بشكل تصبح الخطة تراعي أكثر التطورات الناشئة عن الاتفاق الأميركي الروسي حول وقف إطلاق النار، الذي بدأ رسمياً في 12 سبتمبر/ أيلول. ويبدو أن التعديلات الطارئة على الخطة، التي سبق لـ"العربي الجديد" أن نشرت نصها الكامل في الرابع من الشهر الحالي، تتبنى بصورة أوضح المقاربة السياسية التي تطرحها روسيا والنظام السوري لناحية تشكيل "حكومة وحدة وطنية" بدل هيئة حكم انتقالية.

وشكل الاتفاق الأميركي الروسي غطاءً لمشروع الحل الذي سيطرحه دي ميستورا، بعدما تسلّم نسخة مفصّلة حول الهدنة، وما تضمنته من ملامح عملية الانتقال السياسي. وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الدولي أجرى تعديلات جوهرية ومهمة في إحاطته التي سيقدمها في نيويورك بعد حوالي أسبوع. وكان دي ميستورا قد لمّح في بداية هذا الشهر، للصحافيين في جنيف، عن مبادرة جديدة للحل سيتقدم بها للأمم المتحدة. وعقب الاتفاق الأميركي الروسي، أشار إلى أن "الوقت قد حان لمنح العملية السياسية في سورية دفعة جديدة"، معرباً عن أمله في استئناف الجهود الرامية إلى البحث عن حل سياسي، ومؤكداً أن التفاهم بين واشنطن وموسكو سيتيح فرصاً جديدة للتسوية.

وقالت المصادر إن المبعوث الدولي سيبقي في إحاطته على المصطلحات الواردة في بيان جنيف والقرارات الدولية اللاحقة، لكن بمضامين جديدة تتوافق مع الرؤية الروسية، باعتبار أن موسكو باتت اللاعب الرئيسي الذي يملك مفتاح الحل اليوم. وبحسب المعلومات الواردة من المصادر، فإن هيئة الحكم الانتقالي ستكون فعلياً حكومة وحدة وطنية تنفيذية تضم ممثلين عن النظام وبعض من يحملون صفة "معارضين" والمجموعات الأخرى ممن يعتبرون أقرب إلى النظام ويتخذون صفة "المجتمع المدني". أما شكل الحكم فسيكون وزارياً تنقل إليه صلاحيات رئيس الجمهورية التشريعية والتنفيذية والقضائية حسب الدستور المعمول به حالياً وهو دستور عام 2012، وهذا يتيح بقاء الرئيس بصلاحيات بروتوكولية شبه معدومة ريثما يتم البت بأمره من خلال الدستور الجديد الذي سيعتمد في البلاد في نهاية المرحلة الانتقالية.

والخطة الجديدة المرتقبة، التي سيطرحها دي ميستورا، تتضمن الأفكار التالية:

مقاعد هيئة الحكم الانتقالي: لن تكون حكومة تكنوقراط كما هو متعارف عليه، لكنها ستكون حكومة ائتلافية تعتمد المحاصصة الطائفية، إذ تتشكل من أوسع طيف ممكن من المكونات والطوائف العرقية والدينية في سورية، لضمان قبولها ودعمها، وتلحظ كذلك استيعاب البعد الجغرافي للبلاد لضمان تمثيل جميع المحافظات.


الإدارات المحلية: مع أن الحكومة الانتقالية ستكون مركزية تباشر أعمالها في العاصمة دمشق، إلا أن المحافظات ستحصل على سلطات واسعة للإدارة الذاتية لضمان دعم القيادات المحلية المؤثرة والمعتبرة، ولضمان عدم تخريب وعرقلة العملية الانتقالية.

العملية التفاوضية ستنطلق مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وستكون الجولة الآتية عبارة عن مفاوضات غير مباشرة يديرها المبعوث الأممي بين وفد النظام ووفود المعارضة التي تشمل هيئة المفاوضات العليا ومقرها الرياض، ومنصات القاهرة وموسكو وآستانة وحميميم والمجتمع المدني واللجنة الاستشارية النسائية. وسيعمل دي مستورا بمساعدة الأطراف الراعية لهذه الوفود على دمجها في وفد واحد، تمهيداً للجولة التفاوضية التالية مباشرة المقترحة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، والتي ستكون مفاوضات مباشرة بين وفدين فقط.


الخط الزمني للمفاوضات: يبقى كما هو منصوص عليه في القرار 2254، إذ تبدأ المفاوضات المباشرة في الأول من نوفمبر المقبل وتستمر لستة أشهر، لغاية الأول من مايو/ أيار 2017. ومن المفترض أن يعمل خلالها الوفدان على صياغة اتفاقية الانتقال السياسي. وتعقب ذلك مرحلة انتقالية تمتد لثمانية عشر شهراً، إذ تصل البلاد للحالة النهائية، ويباشر الحكم الجديد أعماله في الأول من نوفمبر 2018.

مؤسسات السلطة الانتقالية: يتم الاتفاق خلال المفاوضات على هيئة الحكم الانتقالي وباقي مؤسسات السلطة الانتقالية المتمثلة في: المجلس العسكري المشترك، ومجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية العليا، وهيئة العدالة والمصالحة.

مهام وصلاحيات ومقاعد مؤسسات السلطة الانتقالية: يتفق الوفدان خلال العملية التفاوضية على مهامها وصلاحياتها، وتأخذ مقاعد مؤسسات السلطة الانتقالية بالتنوع المشار إليه في مقاعد هيئة الحكم الانتقالي.

رئاسة مؤسسات السلطة الانتقالية: إذا لم يتفق الطرفان على تسمية رئيس لكل مؤسسة، إن كان بشكل دوري، أو غير دوري، فيمكن اللجوء إلى رئاسة مشتركة لكل مؤسسة تتكون من ثلاثة أشخاص يسمي كل وفد ممثله، ويسمي دي مستورا شخصية محايدة بالتشاور مع وزيري الخارجية الروسي والأميركي، سيرغي لافروف وجون كيري. ويمكن مضاعفة هذه الأعداد حسب طبيعة وحجم كل مؤسسة.

إصلاح مؤسسات الدولة: يتم إصلاح مؤسسات الدولة بكاملها، بما فيها الأجهزة العسكرية والأمنية، بالحد الأدنى الممكن ضماناً لاستمرار الخدمات العامة، ولعدم حدوث فراغ وفوضى في البلاد.

الحالة الدستورية: يتم حل مجلس الشعب، وتعطيل العمل بالدستور الحالي، وتعمل المحكمة الدستورية العليا على دراسة القوانين والتشريعات المحالة إليها من الحكومة الانتقالية واللازمة لعملها، لإقرار إصدارها أو تعديلها بما يتناسب مع المصلحة العامة.

محاربة الإرهاب: تعمل المؤسسات الانتقالية بكاملها على محاربة الإرهاب والمنظمات الإرهابية المنصوص عليها في القرارات الدولية، والمتمثلة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وجبهة النصرة (فتح الشام حالياً)، والمنظمات المرتبطة بالقاعدة، وستعمل كذلك على مطالبة جميع القوات التي استقدمها النظام بالخروج من البلاد فور بدء المرحلة الانتقالية.