تختتم قمة حلف شمال الأطلسي التي عُقدت على مدار يومين، في العاصمة البولندية وارسو للمرة الأولى، أعمالها اليوم السبت، في ظل أجندة أمنية مزدحمة للغاية، لناحية تعزيز قدرات الحلف على الردع والدفاع وتأمين حدوده، وبالذات تلك الشرقية بين دول البلطيق وروسيا، والجنوبية في ظل الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وكذلك تعزيز مهام الحلف في كل من العراق وأفغانستان، حيث من المنتظر أن يشهد الحلف أكبر تحديث لاستراتيجياته منذ نهاية الحرب الباردة. لكن الأبرز ظل طبعاً التوتر الأطلسي-الروسي، من هنا كان اختيار وارسو مليئاً بالرمزية والتحدي، بما أن العاصمة البولندية هي التي أعطت اسمها في العام 1955 للحلف العسكري السوفييتي الذي تأسس لمواجهة حلف شمال الأطلسي بالتحديد.
حضر القمة 58 وفداً رسمياً، منها الوفود الرسمية التابعة للدول الـ28 المنضوية في الحلف وأيضاً دولة الجبل الأسود التي ما زال ملف انضمامها قيد المعالجة، وكذلك 26 وفداً تابعاً للدول الشريكة في الحلف، وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وجمعية الحلف البرلمانية، و2500 وفد آخر، وألفين من ممثلي وسائل الإعلام.
وبحسب البيان الذي أصدره الحلف، يوم الخميس الماضي، فمن المتوقع أن يتفق قادة الدول الأعضاء في بيانهم الختامي اليوم، على نشر أربع فرق متعددة الجنسية لتعزيز الردع والدفاع في الحدود الشرقية، في كل من استونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا بالتناوب، وكذلك ستؤمّن وحدة متعددة الجنسيات في رومانيا تواجداً متناسباً للحلف في جنوب شرق أوروبا، حيث سيتخذ الحلف المزيد من الخطوات لتحسين وضع الدفاعات الإلكترونية، واستعدادات الدفاع المدني ضد الهجمات بالصواريخ الباليستية من خارج المنطقة الأوروأطلسية.
كذلك من المتوقع أن يتم إقرار خطط لتوسيع مهمة الحلف التدريبية في العراق، وتوسيع دور الحلف في وسط البحر المتوسط، والموافقة على نشر طائرات "أواكس" لدعم التحالف الدولي في المعارك التي يخوضها ضد "داعش" في كل من العراق وسورية. وفي الوقت ذاته، سيستمر الحلف الأطلسي في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لأفغانستان، وسيعزز التعاون السياسي والعملي مع كل من أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا. ومن المنتظر أن يتم الترحيب بضم جمهورية الجبل الأسود، بينما سيبقى ملف انضمام كل من البوسنة والهرسك وجورجيا ومقدونيا لحين استكمالها شروط الانضمام، وربما لغاية اندلاع أزمة جديدة مع موسكو.
ومع انعقاد القمة في ما يشبه أجواء الحرب الباردة، إضافة إلى رمزية استضافة وارسو للقمة والتي تُعتبر من أشد الدول قلقاً من موسكو، من الواضح أن أهم القرارات التي سيتم اتخاذها تتعلق بالردع ضد موسكو التي تعيش أزمة ثقة كبيرة مع الغرب عموماً، منذ ضمها لشبه جزيرة القرم ودعمها للانفصاليين الروس في شرق أوكرانيا، الأمر الذي أكدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الخميس، قائلة إن "تصرفات روسيا في أوكرانيا قوّضت الثقة المتبادلة بين الغرب وروسيا"، مضيفة: "من خلال الكلام والحقائق فإن القانون الدولي وحرمة الحدود باتا موضع شكوك، إضافة إلى فقدان الثقة بين الطرفين"، وإن "قمة الأطلسي تعقد في الوقت الذي حصلت فيه تغييرات أمنية كبيرة في أوروبا".
اقــرأ أيضاً
وتأكيداً على أولوية أمن الحلف من ناحية التعديات الروسية على أجندة القمة، ستُعقد يوم الأربعاء المقبل، قمة للمجلس الأطلسي الروسي، في مقر الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسل، وذلك بعد أكثر من عامين من اللقاء الأخير بين الطرفين، في إبريل/نيسان 2014.
وسيعزز الحلف من دعمه لأفغانستان لمواجهة هجمات حركة طالبان التي تصاعدت أخيراً، مما اضطر أوباما إلى تغيير خططه. وبدل خفض عدد القوات الأميركية المتواجدة في أفغانستان من 9800 جندي إلى 5500 خلال نهاية العام الحالي، عاد أوباما وأكد انه سيبقى 8400 جندي أميركي في أفغانستان حتى نهاية ولايته العام الحالي.
على الجانب التركي، حضر القمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برفقة وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، ووزير الدفاع فكري إشق. وأجرى أردوغان لقاءات مع قيادات دول الحلف على هامش القمة. بالنسبة لأنقرة، وبعد تطبيع العلاقات مع موسكو أخيراً، لا يبدو أن تهديدات روسيا على الأمن القومي التركي، ستكون على رأس الأولويات، وسيبدو ذلك واضحاً، من خلال مصير الطلب التركي السابق، الذي أعلن عنه أردوغان في مايو/أيار الماضي أثناء الأزمة مع موسكو، لتعزيز تواجد الحلف في البحر الأسود وعدم السماح بتحوله إلى "بحيرة روسية".
وتربع على رأس الأجندة التركية في القمة، الحرب على "داعش" وكذلك الخلاف بينها وبين حلفائها لجهة دعم حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) الذي تصنفه تركيا إلى جانب الحزب الأم على رأس المنظمات الإرهابية التي تشكّل تهديداً للأمن القومي التركي، خصوصاً في ظل الاشتباكات التي تخوضها قوات الأمن التركية مع "الكردستاني" منذ أكثر من عام في جنوب وشرق البلاد، وأيضاً الهجمات الانتحارية التي تعرضت لها المدن التركية من قبل "الكردستاني" و"داعش". ولكن من غير المتوقع أن تؤدي ضغوط أنقرة إلى تغيير ملحوظ في مقاربة دول الحلف لـ"الاتحاد الديمقراطي" على المدى القريب.
وأكد أردوغان، قبل توجّهه إلى وارسو يوم أمس الجمعة، أن أولويات تركيا تتعلق بأمن حدودها الجنوبية، قائلاً: "من دون شك، ما زال تهديد الجماعات الإرهابية المتواجدة على الحدود التركية مستمراً، سواء الحدود مع سورية أو العراق، والآن فإن المواضيع المتعلقة بالتطورات في العراق وسورية من أهم المواضيع التي نناقشها سواء بشكل يومي أو في اللقاءات الثنائية، ولا يمكن أن نتغاضى عن ذلك". وأشار إلى أن بلاده ستعمل على طلب المزيد من المساعدات فيما يخص موضوع اللاجئين الذين وصل عددهم إلى نحو 3 ملايين شخص في تركيا. كما شدد أردوغان على ضرورة قيام الحلف بدور أكثر فعالية في ظل التغيير الكبير في مفهوم التهديد الأمني، وبالذات بعد الهجمات التي تعرضت لها إسطنبول وبروكسل، قائلاً: "هناك تغييرات كبير في مفهوم التهديد الأمني، وعلى الحلف أن يكون أكثر فعالية في هذا الشأن، وكذلك أن يحدّث نفسه لمواجهتها"، مضيفاً أن "تركيا تنتظر من الحلف المزيد من الجهود لمواجهات التأثيرات السيئة على الأمن في بلادنا".
وطلبت تركيا من دول الحلف أن تحفظ وعودها في ما يخص تقديم المزيد من الدفاعات الجوية لحماية الأجواء التركية من التهديدات التي يمكن أن تشكلها المجموعات المتقاتلة من سورية. وإضافة إلى نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" الذي قامت إسبانيا بوضع إحدى بطارياته في تركيا، قامت إيطاليا أخيراً بإرسال منظومة دفاع جوي إلى الحدود التركية الجنوبية لحمايتها من هجمات الكاتيوشا التي كان "داعش" يشنها خلال الفترة الماضية. كما سيقوم الحلف بإرسال المزيد من طائرات "أواكس" لمراقبة الحدود التركية الجنوبية، نهاية يوليو/تموز الحالي.
ومن المتوقع أن يوافق الحلف على الطلب التركي بإنهاء مهمة الحلف في بحر إيجة والتي تم إقرارها لمواجهة أزمة تدفق اللاجئين إلى اليونان لضرب شبكات التهريب، بعد انتهاء الأزمة إثر توقيع الاتفاق التركي الأوروبي في مارس/آذار الماضي.
اقــرأ أيضاً
حضر القمة 58 وفداً رسمياً، منها الوفود الرسمية التابعة للدول الـ28 المنضوية في الحلف وأيضاً دولة الجبل الأسود التي ما زال ملف انضمامها قيد المعالجة، وكذلك 26 وفداً تابعاً للدول الشريكة في الحلف، وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وجمعية الحلف البرلمانية، و2500 وفد آخر، وألفين من ممثلي وسائل الإعلام.
كذلك من المتوقع أن يتم إقرار خطط لتوسيع مهمة الحلف التدريبية في العراق، وتوسيع دور الحلف في وسط البحر المتوسط، والموافقة على نشر طائرات "أواكس" لدعم التحالف الدولي في المعارك التي يخوضها ضد "داعش" في كل من العراق وسورية. وفي الوقت ذاته، سيستمر الحلف الأطلسي في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لأفغانستان، وسيعزز التعاون السياسي والعملي مع كل من أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا. ومن المنتظر أن يتم الترحيب بضم جمهورية الجبل الأسود، بينما سيبقى ملف انضمام كل من البوسنة والهرسك وجورجيا ومقدونيا لحين استكمالها شروط الانضمام، وربما لغاية اندلاع أزمة جديدة مع موسكو.
ومع انعقاد القمة في ما يشبه أجواء الحرب الباردة، إضافة إلى رمزية استضافة وارسو للقمة والتي تُعتبر من أشد الدول قلقاً من موسكو، من الواضح أن أهم القرارات التي سيتم اتخاذها تتعلق بالردع ضد موسكو التي تعيش أزمة ثقة كبيرة مع الغرب عموماً، منذ ضمها لشبه جزيرة القرم ودعمها للانفصاليين الروس في شرق أوكرانيا، الأمر الذي أكدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الخميس، قائلة إن "تصرفات روسيا في أوكرانيا قوّضت الثقة المتبادلة بين الغرب وروسيا"، مضيفة: "من خلال الكلام والحقائق فإن القانون الدولي وحرمة الحدود باتا موضع شكوك، إضافة إلى فقدان الثقة بين الطرفين"، وإن "قمة الأطلسي تعقد في الوقت الذي حصلت فيه تغييرات أمنية كبيرة في أوروبا".
وتأكيداً على أولوية أمن الحلف من ناحية التعديات الروسية على أجندة القمة، ستُعقد يوم الأربعاء المقبل، قمة للمجلس الأطلسي الروسي، في مقر الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسل، وذلك بعد أكثر من عامين من اللقاء الأخير بين الطرفين، في إبريل/نيسان 2014.
وسيعزز الحلف من دعمه لأفغانستان لمواجهة هجمات حركة طالبان التي تصاعدت أخيراً، مما اضطر أوباما إلى تغيير خططه. وبدل خفض عدد القوات الأميركية المتواجدة في أفغانستان من 9800 جندي إلى 5500 خلال نهاية العام الحالي، عاد أوباما وأكد انه سيبقى 8400 جندي أميركي في أفغانستان حتى نهاية ولايته العام الحالي.
على الجانب التركي، حضر القمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برفقة وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، ووزير الدفاع فكري إشق. وأجرى أردوغان لقاءات مع قيادات دول الحلف على هامش القمة. بالنسبة لأنقرة، وبعد تطبيع العلاقات مع موسكو أخيراً، لا يبدو أن تهديدات روسيا على الأمن القومي التركي، ستكون على رأس الأولويات، وسيبدو ذلك واضحاً، من خلال مصير الطلب التركي السابق، الذي أعلن عنه أردوغان في مايو/أيار الماضي أثناء الأزمة مع موسكو، لتعزيز تواجد الحلف في البحر الأسود وعدم السماح بتحوله إلى "بحيرة روسية".
وتربع على رأس الأجندة التركية في القمة، الحرب على "داعش" وكذلك الخلاف بينها وبين حلفائها لجهة دعم حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) الذي تصنفه تركيا إلى جانب الحزب الأم على رأس المنظمات الإرهابية التي تشكّل تهديداً للأمن القومي التركي، خصوصاً في ظل الاشتباكات التي تخوضها قوات الأمن التركية مع "الكردستاني" منذ أكثر من عام في جنوب وشرق البلاد، وأيضاً الهجمات الانتحارية التي تعرضت لها المدن التركية من قبل "الكردستاني" و"داعش". ولكن من غير المتوقع أن تؤدي ضغوط أنقرة إلى تغيير ملحوظ في مقاربة دول الحلف لـ"الاتحاد الديمقراطي" على المدى القريب.
وأكد أردوغان، قبل توجّهه إلى وارسو يوم أمس الجمعة، أن أولويات تركيا تتعلق بأمن حدودها الجنوبية، قائلاً: "من دون شك، ما زال تهديد الجماعات الإرهابية المتواجدة على الحدود التركية مستمراً، سواء الحدود مع سورية أو العراق، والآن فإن المواضيع المتعلقة بالتطورات في العراق وسورية من أهم المواضيع التي نناقشها سواء بشكل يومي أو في اللقاءات الثنائية، ولا يمكن أن نتغاضى عن ذلك". وأشار إلى أن بلاده ستعمل على طلب المزيد من المساعدات فيما يخص موضوع اللاجئين الذين وصل عددهم إلى نحو 3 ملايين شخص في تركيا. كما شدد أردوغان على ضرورة قيام الحلف بدور أكثر فعالية في ظل التغيير الكبير في مفهوم التهديد الأمني، وبالذات بعد الهجمات التي تعرضت لها إسطنبول وبروكسل، قائلاً: "هناك تغييرات كبير في مفهوم التهديد الأمني، وعلى الحلف أن يكون أكثر فعالية في هذا الشأن، وكذلك أن يحدّث نفسه لمواجهتها"، مضيفاً أن "تركيا تنتظر من الحلف المزيد من الجهود لمواجهات التأثيرات السيئة على الأمن في بلادنا".
ومن المتوقع أن يوافق الحلف على الطلب التركي بإنهاء مهمة الحلف في بحر إيجة والتي تم إقرارها لمواجهة أزمة تدفق اللاجئين إلى اليونان لضرب شبكات التهريب، بعد انتهاء الأزمة إثر توقيع الاتفاق التركي الأوروبي في مارس/آذار الماضي.