ووصل إلى غزة، أمس الأحد، الوفد الأمني المصري، برئاسة مسؤول ملف فلسطين في جهاز الاستخبارات العامة، اللواء سامح نبيل، والقنصل المصري في رام الله، خالد سامي، ومعهما وصل وفد من حكومة الوفاق الوطني، المقرر أنّ يبدأ تسلّم مهام حكومية جديدة في القطاع الساحلي المحاصر.
ومن المقرر أنّ يبدأ الوفد بتسلّم ملاحظات وزراء ومسؤولي حكومة "الوفاق الوطني" على الإشكاليات التي تعيق أعمالهم في الوزارات المختلفة، إضافة إلى الإشكاليات التي تعترض موظفي السلطة الفلسطينية الذين بدأوا بالعودة إلى أعمالهم الحكومية بقرار رسمي.
وتعثّرت المصالحة في وقت سابق، ووقفت عند نقطتي الموظفين والجباية الداخلية، إذ ترفض "حماس" حتى الآن تسليم الجباية الداخلية لحكومة الوفاق الوطني وتشترط لذلك حلّ ملف موظفيها الذين عينتهم عقب سيطرتها على غزة.
وملف الموظفين البالغ عددهم نحو 45 ألفاً، بات من أعقد الملفات، إلى جانب ملف الأمن الذي لم يجرِ حتى الآن التطرّق إليه بشكل رسمي. وأعلنت حكومة الوفاق في وقت سابق استعدادها لدمج عشرين ألف موظف من المعيّنين في غزة في الكادر الحكومي، لكن الإجراءات لذلك لم تنطلق بعد، وهي التي اشترطت تسلّم الجباية الداخلية قبل هذه الخطوة.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إنّ الوفد سينتظر ملاحظات ميدانية من مسؤولي حكومة الوفاق في الضفة الغربية عن الإشكاليات التي تعيق أعمالهم في قطاع غزة، لتذليل العقبات أمامهم، وإصدار تقدير موقف بشأن الأزمات الحقيقية التي تعيق تنفيذ المصالحة.
وتتزامن عودة الوفد الأمني المصري إلى غزة، مع استمرار وفد قيادي رفيع من حركة "حماس"، برئاسة إسماعيل هنية، بمشاورات مع السلطات المصرية في القاهرة، ومشاورات داخلية في الحركة. والوفد الموجود منذ أسبوعين هناك جرى توسيعه أكثر من مرة، ويضم حالياً معظم أعضاء المكتب السياسي للحركة، باستثناء قائد الحركة، يحيى السنوار، الموجود في غزة، الذي سيتابع مع الوفد الأمني المصري مجريات الزيارة.
وبات واضحاً أنّ مصر التي ترعى المصالحة الفلسطينية وتعمل على الاستحواذ على الملف الفلسطيني برمته، تضغط على حركتي "حماس" و"فتح" لإتمام وإنجاز ما بدأتا في تنفيذه في وقت سابق، لكن القاهرة لم تقدّم ضمانات لتطبيق ما تمّ الاتفاق عليه حتى الآن، وتبدو كأنها غير راغبة في إغضاب الرئاسة الفلسطينية أكثر في الوقت الحالي.
وتشير مصادر مطلعة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ العلاقة بين الرئاسة الفلسطينية ومصر حالياً "سيئة"، وأنّ السلطة تعتقد أنّ مصر "تنفّذ سياسات خاصة بها في القطاع ومع حماس ولا تريد إلزام الحركة الإسلامية بتسليم القطاع للسلطة وللحكومة".
ومما أغضب السلطة، وفق المصادر ذاتها، قيام مصر بإدخال شحنات تجارية ووقود من معبر جديد يجري العمل فيه، وليس من معبر رفح البري الذي تسلمته السلطة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من حركة "حماس".
وتخشى السلطة الفلسطينية حالياً من قيام مصر بتشكيل غطاء مع حلفائها لتنفيذ خطة ثانية، تستهدف استمرار سيطرة "حماس" على القطاع، وإعادة تفعيل تفاهمات الحركة مع القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، على الرغم من نفي "حماس" لذلك أخيراً.
وقبل الزيارة، أكّد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، حسام بدران، الذي التحق بوفد حركته في القاهرة، أن اللقاءات مع المسؤولين المصريين في العاصمة المصرية تسير بإيجابية.
وقال بدران، في تصريح وزّعه المكتب الإعلامي لحركته، إنّ الوفد استمع إلى مواقف إيجابية، خصوصاً في ما يتعلّق بحياة وأوضاع المواطنين في قطاع غزة، وكذلك قضية المصالحة والجهود المصرية بهذا الصدد. وتعهد بدران "بتقديم حماس التسهيلات المطلوبة والإجراءات الكفيلة بنجاح مهمة الوفد المصري باتجاه تطبيق اتفاق المصالحة وتعزيز خطوات بناء الثقة، وصولاً إلى تحقيق الوحدة الوطنية المنشودة، خصوصاً في ظل التحديات الجسام التي تمر بها القضية الفلسطينية والمخاطر المحدقة بحقوق الشعب الفلسطيني".